ثقافةمانشيت

هل يمارس الإعلام في شمال وشرق سوريا حريته المطلقة أم مازال يواجه شبح “كبته” القديم !!؟ 

قبل بدء الثورة كانت وسائل الإعلام في شمال وشرق سوريا وخاصة الكردية منها تكاد أن تكون معدومة بسبب أساليب القمع والملاحقة إلى جانب الرقابة الشديدة المفروضة من قبل الأنظمة المتعاقبة التي لم تكف عن تهميش الثقافات، وعلى وجه الخصوص ثقافة المكونات في شمال وشرق سوريا، باتباع سياسة كم الأفواه، كل ذلك وغيرها من الأسباب منعت مكونات المنطقة من ممارسة ثقافاتهم أو التعبير بحرية عن مكنوناتهم أو إبداء الرأي بشكل ديمقراطي.

عند الحديث عن الإعلام السلطوي فإننا نبتعد كل البعد عن الإعلام الديمقراطي أو الشعبوي، كون الإعلام السلطوي إعلام موجه للسلطة ولرجالات السلطة تتابع إخبار السلطة دون متابعة أخبار الشعوب ودون إيلاء أية أهمية لها.

الإعلام يجب أن يكون متعدد الوجوه ينظر إلى الجميع بمرآة واحدة، يتابع اخبار الجميع ويكون حراً في أطروحاته، ولا يتبع لأجندات خاصة ومصالح معينة بل يقوم بطرح المواضيع بكل مصداقية وشفافية، وهذا ما لم نره يوماً في الإعلام على مدى السنين السابقة، بل على العكس فقد كان يكم الأفواه المنادي بالشفافية والواقعية في نقل الأخبار أو حتى تسليط الضوء على المواضيع التي تهم الشعوب والمكونات. بالنسبة إلى الشعوب والمكونات في مناطق شمال وشرق سوريا فهي كانت دوماً خارج فهارس تلك الوسائل ” اللاإعلامية “.

كردياً, مع بدء الحراك الجماهيري، خرج الشارع الكردي عن صمته وطالب بحريته وثقافته المهمشة من الخارطة الثقافية السورية، وبعد أن تم تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية، التي شملت العديد من الهيئات والمؤسسات، والتي بدورها فتحت الأبواب على مصراعيها أمام الجميع وساعدت على تأسيس العديد من المؤسسات الإعلامية ووسائل الإعلام سواء المرئية منها أو المقروءة أو المسموعة إلى جانب “وكالات إخبارية، صحف، مجلات، راديوهات…” التي تختص بطرح كافة المواضيع التي تلامس الشارع وتهمه سياسياً، اجتماعياً، ثقافياً…، بعد سنوات طويلة من الاستبداد والحرمان من أبسط الحقوق منها منع التحدث بلغة الأم “اللغة الكردية”، واليوم نجد وسائل إعلامية متنوعة وذات اتجاهات مختلفة تبث وتنقل أخبارها باللغة الكردية ولغات شعوب ومكونات المنطقة بكل شفافية وبحرية مطلقة، وهذا ما يثير في النفس الكثير من الفخر والاعتزاز بالمرحلة المهمة التي وصلنا إليها.

بالعودة إلى الوسائل الإعلامية التي تأسست في شمال وشرق سوريا، لا ننكر إن هناك أقلاماً حرة مستقلة غير تابعة لأي جهة، تطرح كافة المواضيع بكل مصداقية وموضوعية، ولا ننسى أن هناك دوماً من يغرد خارج السرب، حيث يتواجد وسائل إعلام تابعة لجهة معينة وتطرح مواضيعها وفق سياسة هذه الجهة أو تلك.

والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة الآن, هل وصلنا إلى الإعلام الذي كنا نطمح إليه بعد سنوات طويلة من الكبت الذي تعرض له الشعب الكردي؟

وهل ما يمارسه إعلامنا اليوم يلبي طموح ومتطلبات شعبنا؟

رأي الشارع الكردي هو المهم، وعلينا الأخذ بعين الاعتبار ما يهمه دون أي انحياز، وعلى وجه الخصوص من الناحية الثقافية كون الإعلام بات المؤثر الأكبر على المجتمع بكافة فئاته، وهنا نركز على الواقع الثقافي الذي يجب أن يتم متابعته بكل مهنية بعيداً عن أي تشعبات أو توجهات سياسية.

نعم؛ هناك وسائل إعلامية تنقل الأخبار بكل استقلالية وموضوعية، لكن لا يمكن إنكار إن هناك البعض منها ما زالت تواجه كبتها القديم لكن هذه المرة ليس من قبل الأنظمة بل ربما من قبل الجهات التابعة لها.

في الفترة الأخيرة تم إيلاء أهمية ومتابعة أكثر من قبل الوسائل الإعلامية للفعاليات والنشاطات الثقافية، وهذا بالأمر الإيجابي، على الرغم من وجود بعض الملاحظات من قبل بعض الكتّاب والمثقفين حول هذه الأنشطة الثقافية، فمنذ مدة أقيم معرض الكتاب بدورته الثالثة، وعدد من الكتاب قدموا بعض ملاحظاتهم بشأن الكتب الكردية التي لم تلقَ اهتماماً من قِبل القرّاء وبرروا ذلك إلى ضعف وسائل الإعلام وعدم تحفيزها للجماهير بالقراءة والكتابة بلغتهم الأم بالشكل المطلوب، وتوجهوا إليها بالنداء بالقيام بتسليط الضوء على أهمية اللغة وأنه من الواجب على كل فرد أن يتعلم لغته الأم، من خلال تقاريرهم سواء أكانت مقروءة، مسموعة أو مرئية وذلك للحفاظ على الثقافة واللغة من الضياع ونقلها للأجيال القادمة وهذا ما يسعى الكتّاب الكرد إليه ويطمحون له دوماً للوصول إلى مستوى عال من الفكر الثقافي.

أصبحت الشعوب والمكونات تتابع جميع مجريات الأحداث وأصبحت مدركة لجميع ما يحصل من حولها، وهي تطمح وترغب بالكثير، لذا تتوقع من إعلامها أن تقف معها وإلى جانبها وتؤازرها في إيصال قضاياها ومشاكلها إلى الجهات المسؤولة لمعالجتها وحلها.

خاتمة لا بد منها:

يتوجب على كافة الوسائل الإعلامية تغطية كافة النشاطات السياسية والثقافية والاجتماعية وعدم الانحياز إلى طرفٍ دون آخر لأن كل هذه الفعاليات وخاصة الثقافية منها ترسخ الثقافات وستكون مرجعاً للأجيال القادمة في الحصول على معلومات تخص ثقافتهم وتاريخهم.

ومن هذا المنظور؛ على كافة الوسائل الإعلامية طرح المواضيع التي تهم المجتمع والحديث عنها بموضوعية وعلى الإعلامي تناولها وفق المسؤولية الملقاة على عاتقه، لأن الإعلام هو مرآة الشعب والمجتمع وليس الوجه الآخر للسلطة.

ويبقى السؤال الذي يراود الجميع، هل سيتخلص إعلامنا من الشوائب التي فيه ويطرح المواضيع بالشفافية التي يتميز بها الإعلام الحر أم سنحتاج المزيد من الوقت والجهد لنيل ذلك..!!؟

إعداد: ألندا قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى