PYDمانشيتمقالات

ميلاد القائد أوجلان

عبد الهادي أحمد

في طبيعتنا البهية وعند توالي الفصول من فصل لآخر وعند نهاية فصل الشتاء بقساوته ولياليه الحالكة السواد وبرودة أيامه، يأتي الربيع ليضفي جمال حلته على الطبيعة، وتبدو جميع الكائنات التي تعيش على كوكبنا كأنها ترتدي ثوباً جميلاً.

ذروة جمال الربيع هو شهر نيسان الذي يبدو وكأنه عروسة الربيع، لذا، واحتراماً لهذا الشهر كان ممنوعاً على الكرد الزواج وإقامة حفلات الزواج في نيسان، وفي الرابع من نيسان كان ميلاد القائد وفي مكان وجغرافيا لها دلالات ومعانٍ كثيرة.

رُوها “أورفا” كان لنمرود فيها الطغيان والتكبر، وللنبي إبراهيم العصيان.

والنبي لوط وقصته مع قومه وعاقبتهم المشؤومة بعد دعوته لربه الانتقام منهم.

في مثل هكذا مكان وجغرافيا أتى مولد APO، مولد له دلالات ومآلات كثيرة على أرض تأبى الظلم والتكبر.

لكن القائد APO حكاية ورواية أخرى تتجاوز تلكم المفاهيم والموروث الحضاري والفكري الذي كان منذ صغره له علامات استفهام كثيرة على العديد من القيم البالية التي يرى فيها الكثير من الظلم والقهر، من الظلم الممارس على المرأة إلى عادات الثأر والتناقضات الموجودة في العائلة وخاصة التناقض الموجود بين والديه، والده المسامح والمولع بالعمل وارتباطه بالأرض ومنه تعلم حب العمل والكد، ووالدته التي كانت تمتلك العصيان والتمرد والتي كانت تطلب منه أن يأخذ بثأره من أعداء العائلة، فتعلّمَ العصيان والتمرد.

في أجواء كهذه، كبر وترعرع القائد، وعند دخوله المدرسة والتي كانت لغة التدريس فيها لغة غير لغته التي تعلمها “لغته الأم”

كان سؤاله الأول الذي سأله لنفسه، لماذا لا نتعلم بلغتنا؟ وكان في المدرسة ذاتها تلاميذ من عدة قوميات (الأرمن، العرب، الترك والكرد) حيث قال لنفسه: لماذا اللغة التركية فقط؟

في المدرسة أبى على نفسه إلا أن يكون في المقدمة وكما كان في القرية حيث كان بمثابة قائد لأطفال القرية من جيله في اللعب ورحلات الصيد التي كان يقوم بها مع أولاد القرية.

من المدرسة بدأ رحلته في البحث والتحليل وإيجاد الحلول لجميع الإشكاليات التي كان يراها في مجتمعه، منها ولعه بالدين الإسلامي حيث أن الإسلام دين المجتمع، فَحَفِظَ القرآن والصلاة وكان بمثابة إمام رفاقه في الصلاة والدين.

هكذا كان لهذا القائد ولكل مرحلة من مراحل عمره أسئلة وبحث عن أجوبة لها إلى أن وصل إلى كلمة الوطن وكان لهذه الكلمة وقع كبير عليه حيث كان عليه أن يتقبل الوطن لمن يرى نفسه تركياً فقط. فقال لماذا ليس للكرد وطن؟ وأين وطن الكرد؟ إلى أن وصل إلى الحقيقة وهي أن كردستان مستعمَرة ويجب أن تتحرر.

تلك هي حقيقة القائد APO، ويوم الرابع من نيسان هو يوم مولده والذي حقيقته تجاوز حقيقة الكثير من القادة والفلاسفة حيث توصل من خلال بحثه وتحليلاته إلى فلسفة فيها حلول لجميع الإشكاليات الموجودة في عصر الحداثة الرأسمالية من إشكاليات قوموية واقتصادية واجتماعية، فكانت حداثة الديمقراطية بدلاً عن حداثة الرأسمالية، وكانت الأمة الديمقراطية بدلاً عن القوموية.

لذا يرى جميع القوميات وجميع المكونات والشعوب التواقة للحرية والديمقراطية في يوم الرابع من نيسان يوم ميلادهم ويوم بدأ فيه يتقد نور الحرية وتنطفئ فيه رويداً رويداً نار الظلم والطغيان.

 

زر الذهاب إلى الأعلى