المجتمعمانشيت

موجة الغلاء أدت إلى التقشّف القسري… وصار بدها حل

سجلت أسعار السلع الغذائية في سوريا عامةً وشمال شرق سوريا خاصةً ارتفاعاً جنونياً في الآونة الأخيرة.

العقوبات المفروضة على سوريا أدت إلى ارتفاع في العملة الأجنبية وانهيار الليرة السورية؛ حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى 600 ل.س تقريباً بينما يتقاضى المواطن راتبه أو أجر عمله بالليرة السورية.

لنضع يدنا على الوجع ونقرأ الاتهامات التي يوجهها الأهالي لكل من الجهات المعنية والتجار ويعتبرون أن تأمين احتياجاتهم الغذائية الأساسية أصبح عبئاً ثقيلاً عليهم في وقت تشهد فيه جيوبهم ومداخيلهم تآكلاً وانكماشاً بشكل يومي.

بهذا الصدد أعدت صحيفة الاتحاد الديمقراطي تقريراً حول هذا الموضوع:

في مدينة قامشلو عندما تتجول في سوق الخضار مثلاً ترى الأسعار المتفاوتة والمتباينة من بسطة خضار إلى أخرى؛ لذا عليك في البداية أن تجوب السوق من أولها إلى آخرها، أحيانا يتطلب الأمر منك أن تفعل ذلك مرتين أو أكثر فمثلاً تجد عند أحد الباعة سعر كيلو البطاطا بـ 300 ليرة سورية وتسمع صوتا آخر ينادي “البطاطا بـ250 ل.س”، وهذا الأمر ينطبق على أكثر أنواع الخضار والفواكه، ليتبادر إلى ذهنك سؤال يفرض نفسه بإلحاح وأنت في ذلك الموقف: ما هذه الازدواجية؟!!

أم أحمد: قالت لصحيفتنا أن زوجي موظف يتقاضى راتباً شهرياً لا يتجاوز الــ 40000 ل.س، وأسعار الخضار والفواكه ارتفعت كثيراً “متنهدة” الفواكه قلما نشتريها ناهيك عن ارتفاع سعر المواد الأساسية السكر والشاي والزيت، أما اللحم فلا نستطيع التقرب منه أو حتى التفكير في شرائه، ولم أعد قادرة على أن أؤمّن ما يُسكت جوع أولادي، فالوجبة التي كانت تكلّفنا سابقاً 250 ليرة يومياً، باتت تكلّف أكثر من3000 ليرة سورية، على أقل تقدير”.

وقال موظف في الإدارة الذاتية الديمقراطية بشمال وشرق سوريا بعد أن أثنى في حديثة على منجزات الإدارة بتوفير فرص العمل في مناطق واقاليم ومقاطعات المنطقة: إن أسعار أكثر المواد الغذائية، ازدادت بنحو خمسة أضعاف أو أكثر في حين أن الراتب بقي على حاله،

وتابع حديثه أنه لو لم تكن زوجتي تعمل أيضاً، لما كنا نستطيع تأمين أساسيات معيشتنا ولا سيما أن البيت الذي نسكنه إيجار ولديَّ أربعة أبناء هم أيضاً يحتاجون إلى رعاية ومصروف، فوسطياً نحتاج إلى 150 ألف ليرة سورية لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتنا المعيشية أما بالنسبة للألبسة  والاحتياجات الكمالية نحن بعيدون عنها تماماً ونشتري الألبسة المستعملة حتى في المناسبات والأعياد والأدوات المستعملة.

في ظل قفزات الأسعار هذه لا نستطيع شراء منزل لنا حتى لو لجأنا إلى توفير كل الراتب.

ومن جانب آخر قال أحد بائعي الخضرة في سوق الهال: البضاعة تأتي إلينا من المناطق الداخلية، وهي تمر من عدة حواجز وتتأخر ما يؤدي إلى تلف المواد وتُضاف قيمة المتلوف إلى سعر المادة بالإضافة إلى أجور الحمولة مما تزيد من سعر السلعة علينا وعلى المشتري، وينوه البائع أن شركات التـأمين توقفت بسبب الأوضاع وهذا ما جعل سائقي الشاحنات أن يرفعوا أجور الشحن، وهذا أيضاً ما يجعل سعر المواد ترتفع، كل هذه الأمور تأخذ بعين الاعتبار وفي النهاية المواطن يدفع الضريبة ويقع كل العبء عليه، وأشار البائع إلى معناة أصحاب الدخل المحدود والمواطن الذي لا حول له ولا قوة، ولكننا أيضاً نلاقي عقبات في عملنا، فمثلاً نشتري بضاعة نجد فيها كمية تالفة تعادل النصف وتكون الخسارة باهظة ناهيك عن آجار الطريق وشراء الأكياس كل هذا تزيد من سعر السلعة.

وبدورها قالت سيدة في الستينيات من عمرها أن المنطقة تشهد ارتفاعاً في  أسعار الخضار والفواكه والمواد الغذائية والمستهلكات اليومية” الزيت، الطحين، السكر، الشاي، الرز…إلخ” بشكل كبير، هذا ما أجبرهم على الحد من شراء العديد من المواد وإن كانت ضرورية، وأفادت السيدة الستينية من العمر بأنها تفضل الذهاب إلى الأسواق الشعبية لشراء حاجات أسرتها لأن المواد تكون نوعاً ما أرخص هناك، والبائع بعد أن حقق ربحه يبيع ما تبقى من بضاعته بنصف سعرها المعتاد، وهناك سبب آخر للذهاب إلى الأسواق الشعبية وذلك أن بعض الباعة يلجؤون إلى أسلوب المضاربة وهذا ما يجده المتسوق في صالحه، كما وهناك تلاعب بالأسعار في الأسواق النظامية فالبائع يضع التسعيرة حسب مزاجه والفرق بين بائع وآخر أصبح ملحوظاً حيث بلغت إلى حد 50%  أو أكثر وهذا ما جعل المواطن يتردد على الأسواق الشعبية لأن هموم المعيشة باتت تؤرق جيوبهم، فبالرغم من قلة المادة في أغلب الأحيان وأن وجدناها فستجد سعرها كبير، وأضافت: أما بالنسبة لأسعار الأدوية فحدث ولا حرج؛ فهي متفاوتة بين صيدليه وأخرى، فماذا يفعل مَن مثلي الذين يُواظبون على تناول الدواء باستمرار “معي الضغط والسكر” وشهرياً يلزمني حوالي عشرة آلاف ليرة؛ فالدواء لا يحتاج إلى الترشيد أو الحد من تناوله، أود منكم ومن خلال صحيفتكم إيصال صوتي وصوت الكثيرين ممن بمثل حالتي الذين يعانون من أمراض مزمنة ولا يستطيعون تأمين أدويتهم إلى الجهات المعنية والمختصة.

وبدوره قال تاجر جملة من مدينة قامشلو يملك مخزن للمواد الغذائية: ماذا يفعل التاجر أمام الأزمة التي نعيشها منذ ثماني سنوات وتدهور الأوضاع في مناطق سوريا هذه الأوضاع التي أثرت على مناطقنا أيضاً على الرغم من الاستقرار الذي شهدناه وخاصة بعد هزيمة داعش بفضل تضحيات شبابنا وشاباتنا من قوات سوريا الديمقراطية، ولكن تذبذب سعر صرف الليرة أمام العملة الاجنبية التي دخلت أسواقنا المحلية إبان هذه الأزمة، وشلل العملية الإنتاجية في مناطق الداخل وتدمير عدد كبير من المصانع والمعامل الغذائية والكونسروة في كل من حلب وريف دمشق، والعقوبات المفروضة من عدة دول كانت من أبرز العوامل التي ساعدت على رفع الأسعار.

مضيفاً أن من أهم عوامل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، هي خروج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية من العملية الإنتاجية، وشبه الشلل في الصناعة التحويلية الزراعية، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وعلى رأسها أجور النقل؛ فمثلاً سعر كيس سكر زنة 50 كيلو غرام  تجاوز16 ألف ليرة سورية وسعر الكيلو الواحد منه ما بين 350 إلى 375 وبعض المحلات تبيع بـ 400 ل.س وتضاف إلى سعر الكيلو كسرة الميزان وسعر الكيس وضريبة المحل ….. إلخ

وأضاف عامل عادي يعمل في أحد محلات المواد الغذائية: أتقاضى يومياً 2000 ل.س وأعمل من الساعة السابعة صباحاً حتى الثامنة مساءً أي أعمل فوق 12 ساعة صادفت في إحدى المرات أن سيدة جاءت إلى المحل وتريد شراء سكر بـ200 ل.س وشاي   بـ 300 ل.س يا ترى ما هو مقدار الكمية التي ستتمكن هذه السيدة من شرائها والمصيبة أن صاحب المحل أدار وجهه وقال بأن لا يوجد لدينا ما تريدينه هذه السيدة لو كانت تملك ثمن الكيلو الواحد من تلك السلع لما ترددت وهناك الكثير من تلك الحالات الذين يسيرون أمورهم بشكل يومي دون النظر إلى ما بعده.

كما التقت الصحيفة خبيراً اقتصادياً ” استاذ في كلية الاقتصاد” وأفاد بالقول: هناك انفلات في الأسعار وفوضى عارمة تجتاح الأسوق، حيث بلغت الأسعار حداً مرتفعاً لا يتحمله جيب المواطن وهذا لا يتناسب أبداً مع دخله الشهري، فارتفاع الأسعار جعلت القدرة الشرائية له ضعيفة جداً وخصوصاً بما يتعلق بتأمين الحاجيات اليومية الأساسية ولاسيما الغذائية منها، بالرغم من كثرة الخضار والفواكه والتي هي من خيرات بلدنا، إلا أننا نجد الفروقات الكبيرة في أسعار هذه السلع ذات المنشأ الواحد والمواصفات الواحدة، لماذا يلجأ أغلب البائعون والتجار إلى مثل هذه الأساليب، والفقير وأصحاب الدخل المحدود ماذا يفعلون ومن أين لهم تدبير أمورهم وهذه المستهلكات اليومية عليهم تلبيتها لذا تراه يجوب الاسواق ويبدو حائراً دائراً على الخضار والفواكه مكتفياً بالنظر إليها فقط فمن يضبط هذه الظاهرة ويضع حد لتلك الفروق في الأسعار.

 وتابع على الجميع التعاون فيما بينهم فالتاجر يراعي ظروف المواطن ويرضى بالربح القليل، وكذلك أصحاب الشاحنات الكبيرة نشكرهم على عملهم الانساني وتحمل مشقات السفر في هذه الاوضاع الامنية غير المستتبة ولا سيما أيام وجود المجموعات الارهابية مثل داعش وغيرها حيث فقد الكثير منهم حياتهم إلا أننا نرجو منهم تخفيض نسبة أجورهم ليخف العبء على المواطن، ونطالب الجهات المسؤولة والضابطة القيام بدورها الفعال، ووضع أسعار موحدة لكافة المواد ومجازاة من يخالف ذلك سواء بغرامة مالية أو بشمع المحل بالشمع الأحمر حتى لا يتمكن ضعاف النفوس من التلاعب بالأسعار حسب هواهم، وأقول وللأسف شكلت الأزمة الحالية فرصة للبعض (التجار) باللجوء إلى أساليب ملتوية لتحقيق الربح.

كلمة المحرر:

بعد أن استتب الوضع الأمني واستطاع قوات سوريا الديمقراطية دحر تنظيم داعش الإرهابي نجد أن ملف معتقلي داعش وعوائلهم لازال قائماً، وأن هذا لا يمنع الإدارة الذاتية الديمقراطية بمؤسساتها وهيئاتها المدنية أن تعيش هموم الناس وأوجاعهم وأن تتخذ قرارات إيجابية تخدم المواطن فالإدارة التي حمت مواطنيها من التنظيم الإرهابي بالتأكيد ستكون قادرة على مشاركة المواطن همومه وأوجاعه، ووضع طرق مثالية لحلها، ما سينعكس بشكل إيجابي على حياة أهلنا ونمط معيشتهم، ولا ننسى، بل علينا أن نتذكر دوما أن الجشع من طبيعة الإنسان، ولكن الضبط من شأنه أن يردع هذا الجشع والطمع في قلوب البعض” التجار”، كما ويجب أن ترافق الشفافية في تعاملاتنا وعدم السماح بالزيادة العشوائية وبالتالي التقييد بسعر موحد، وإلغاء تفاوت الأسعار بين حي وآخر وشارع وآخر ومحل وآخر، ووضع تسعيره كافة المواد وتعلق في المحلات حتى لا تسبب بمعاناة كبيرة للمواطنين وأن لا تكون الرقابة شكلية.

تقرير :بارين قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى