الأخبارمانشيت

من تقييمات القائد عبد الله أوجلان 4 نيسان- 1

يشير القائد عبد الله أوجلان إلى أنّ الرابع من نيسان ليس مجرّد عيد ميلاد وحسب، ويقول: “المسألة ليست يوم ميلادي، فالشعب يعتبره نهضته وميلاده هو، لذا يجب ألّا يُجرّد من معناه ومضمونه”.

البحث عن حقيقة الكرد

ولد القائد عبد الله أوجلان في 4 نيسان من عام 1949 في قرية أمارا (أومرلي) في ناحية خلفتي التابعة لمدينة روها (أورفا) ويقسّم القائد حياته الشخصية والتنظيمية في مجلد “الدفاع عن الشعب (المرافعة المقدمة إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية)”، إلى ثلاثة مراحل، وفي هذا الملف سيتم تناول هذه المراحل بحسب ما ذكرها في مرافعاته وكتبه التي ألفها.

المرحلة الأولى من حياة القائد

ويقول القائد أوجلان عن المرحلة الأولى من حياته في مجلد الدفاع عن شعب: “تبدأ بذهابي إلى المدرسة الابتدائية، بعد إبدائي ردود فعل تجاه العائلة والقرية أولاً. فالشروع بتلقي التعليم الابتدائي هو الخطوة الأولى الهامة في بروز الاهتمام بالتدول. حيث تخطو الشخصية خطوتها الانتقالية من المجتمع المشاعي إلى المجتمع الدولتي، وتسير بالترافق مع

التمدن، أما مراحل الدراسة الإعدادية والثانوية والجامعية والتوظيف؛ فهي استعدادات أولية لتكوين رجل الدولة، وتهيمن شخصية المدينة والدولة بشكل متصلب في شخصيات الجميع في هذه الفترة من العمر، أما كون المرء يمثل حالة متخلفة وقومية مسحوقة؛ فيتحول إلى ردود فعل تجاه الدولة….”.

وفي مانفيستو الحضارة الديمقراطية (القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية)، يشرح القائد عبد الله أوجلان بالتفصيل ما عاشه في هذه المرحلة، ويقول “كنت صياد أصدقاء دربي منذ نعومة أظافري، فكان الشغل الشاغل لي هو تشكيل وحدات صغيرة من الأطفال، كنت أسخر كل شيء في سبيل ذلك، بل حتى إني بادرت إلى تشكيل جماعتي التي أئم بها أثناء ذهابي إلى المدرسة الابتدائية، أما مشاهد قتل الأفاعي، وأسفار اصطياد العصافير وحملات جمع الزعفران، فكانت قائمة دوماً. ودائماً كنت أبتكر حججاً أتذرع بها للاندفاع وراء أصدقائي والتمسك بهم، كانت العوائل متيقظة جداً في هذا الشأن، وتلجأ إلى سبل تحمي بها أطفالها مني… وذات مرة، كان حكيم القرية العجوز قد قال لي بنبرة محذرة نوعاً ما: “أنت لا تهدأ أبداً، وكأنك زئبق!”، وبالفعل، كنت أسير في هذا الاتجاه، فمصطلحات الوقوف والهدوء والسكون لم تكن مخلوقة لي…

ويتابع القائد عبد الله أوجلان في أجزاء أخرى من مجلد “القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية” حديثه عن مرحلة الطفولة والدراسة في حياته، ويقول: “عندما واجهت نظام التعليم التركي في مرحلة الدراسة الابتدائية من طفولتي، فإن حقيقة الكردايتية التي كانت بالكاد تتجلى خيالاً محفوفاً بالضباب، كانت قد أسفرت عن تساؤلات عدة في عقلي وروحي، كنت لا أستسيغ التتريك بطبيعة الحال، وكنت بدأت أشعر في أعماق روحي بتأثير الإهانة والاستصغار بسبب هذه الممارسة المفروضة، وأول ما خطر ببالي كان البحث عن العُرى العائلية مع التركياتية، فعلاقات القرابة البعيدة من طرف الأم مع التركياتية لم تكن تمتلك كثيراً قوة الحل الوافية، فأياً يكن، فمشاعر كردايتية أبوية الطابع كانت تفرض حضورها علناً، ما كان بوسعي الهرب من هذا الواقع، وبناء على هذا الواقع أيضاً، كنت قد أصبت بأول جرح مع بدء التعليم الابتدائي، حيث تكوّن لديّ الوعي الناجم عن أول احتكاك مع الكردايتية كحقيقة إشكالية للغاية، في حين لم يكن إحساس كهذا قد تطور كثيراً لدى أقراني، أما السبيل إلى ردم هوة الفارق بيني وبين الأطفال المتبنين لتركياتية الجمهورية في القرية الأرمنية القديمة التي تتواجد فيها المدرسة التي تلقيت فيها تعليمي الابتدائي؛ فكان يمر من أن أكون محبباً لدى المدرسين، ويبدو أن اندفاعي الدائم وراء نيل الدرجة الأولى بدءاً من المرحلة الابتدائية كان أسلوباً دفاعياً تجاه السلبيات التي قد يتمخض عنها الواقع الكردي، بهذا الشكل كنت أود إثبات خصوصيتي، وقد نجحت في ذلك، وحافظت على هذا النجاح حتى السنة الأخيرة من

الدراسة الجامعية دون انقطاع. وبهذه الطريقة كنت قد برهنت “للصديق والعدو” على السواء مدى جديتي وجدارتي في أن أكون رجلاً بحق، هكذا أصبح بمقدوري الانشغال بالأمور المهمة.

في الحقيقة، كنت قد نجحت أيضاً في مجال الوعي الديني الذي كان أكثر كلاسيكية، من خلال حفظ السور القرآنية عن ظهر قلب، كنت حفظت ثلاثاً وثلاثين سورة قصيرة، فحققت صعوداً بالتقدم إلى أسفل المنبر لإقامة الصلاة بالقرب من إمام القرية، كان جواب الإمام كالتالي: “يا عبد الله، سوف تحلق إن واظبت على هذه السرعة!”، انكبابي هذا كان أسلوباً آخر لتأمين القدرة والكفاءة وفتح منفذ لنفسي. فهكذا كنت قد استحوذت على مكانة المحبذ بين صفوف المجتمع التقليدي أيضاً. اكتفيت حينها بهذه الأسلوبين، فلم تثر المواضيع الأخرى اهتمامي…

تجرأت في عام 1969 على التوجه صوب الفكر الاشتراكي، ثم اتجهت نحو الكردايتية في عام 1970، وكان من الأساس السير بالاثنين معاً، لكن، ما كان لنمط تناولي لهذين الواقعين المشحونين بالقضايا العضال أن يتعدى في البداية نطاق الاتسام بخصائص تطغى عليها  العقائدية والدوغمائية، ذلك أن تلك المرحلة كانت فترة تسمى بالثورة الشعاراتية، وأنا كنت أجهد لشق طريقي استناداً على بضعة شعارات أولية، كنت متنبهاً دوماً بالطبع للأساتذة الماهرين، إذ كان من بين

الشعارات الرئيسية التي قدستها: “الكردي موجود”، “القضية الكردية موجودة”، للأمم الحق في تقرير مصيرها وفي تأسيس دولة”، “السبيل الأصح لحل القضية الوطنية يمر من الاشتراكية”، “قد يلزم أخذ حرب التحرير الوطنية في الحسبان”، و “تأسيس حزب قومي أمر وارد في حالة استحالة تأسيس حزب مشترك”.

كنت مليئاً بالتناقضات عندما تناولت شؤون الكرد القومية والاجتماعية في مستهل أعوام السبعينيات… في تلك الأثناء بالتحديد باشرت بالبحث عن الحل في الكيانات اليمينية أو اليسارية المتصارعة فيما بينها، للخلاص من تلك الحالة الروحية، أتذكر أنني جسست النبض في صفوف اليمين أولاً، كوني شخصاً ملتفتاً إلى صلاته وخشوعه، إذ استمرت الأيام التي كنت أعقد فيها الصلاة في جامع مالتبه بأنقرة حتى سنة 1969، والأيام التي كنت أرشد فيها الغير لم تكن بالقليلة، بل حتى إنني حظيت بفرصة الاستماع شخصياً إلى “نجيب فاضل قيصاكورك” الذي يستذكر دوماً بلقب  “الأستاذ الكبير”، عندما حضرت خلسة في المؤتمر الذي عقده في مبنى “النادي التركي” لقد تملكني حماس عارم حينها، وبالكاد أتذكر مجلة “الشرق الكبير” أيضاً…. كنت قابلت سليمان ديميريل ورفيق كوركوت أيضاً في مبنى “جمعية مكافحة الشيوعية”، ثم لا أدري كيف عثرت على كتاب “أبجدية الاشتراكية” موضوعاً تحت وسادتي، فشرعت بقراءته تلقائياً….

كنت قد أنهيت دراستي عام 1970 وعينت موظفاً للدولة في ديار بكر، هناك تعرفت على الراتب الشهري والرشاوى…. ازداد اهتمامي تدريجياً بالكردايتية التي كانت أجواء المدينة تحفزني عليها وتجرني إليها، هكذا هي قصة أول إيداع لي على درب الكردايتية، وكان هذا حدثاً يعكس كنه شخصيتي أيضاً في نفس الوقت.

سجلت في كلية الحقوق بجامعة اسطنبول عام 1970، كان تعرفي على اسطنبول وعملي موظفاً في حي راقٍ مثل “باقر كوي” سيغدو أمراً مؤثراً، إذ شهدت تلك الأيام حراكاً ملحوظاً لكل من DDKO و Dev-Genç، كنت أميل إلى كلا الطرفين، بل وأصبحت عضواً رسمياً في ddko …

تتعلق آخر ذكرى لي في اسطنبول باجتماع عقد في قاعة “جامعة اسطنبول التقنية” في حي “ماشكا” … لقد كان من أهم الاجتماعات المفصلية في تاريخ Dev-Genç، وفجأة دخل إلى القاعة كل من ماهر جايان ويوسف كوبلي …

كانت انطلاقة ماهر ورفاقه قد أدت دوراً مهماً في تسجيلي في كلية العلوم السياسية بأنقرة بناء على منحة، وعلى المعدل الذي خولني لاحتلال مكاني بين الطلاب العشرين الأوائل….. ثم أصبحت نصيراً في THKP-C سنة 1972.

زر الذهاب إلى الأعلى