الأخبارمانشيت

منظمةُ العفو الدولية في تقريرٍ عن تركيا: سجنُ الصمتِ وموتِ الصحافة

asliقالت منظمة العفو الدولية في تقريرٍ لها:” إن سمعةً بالغةَ السوء لحقت بتركيا؛ إذ قالت لجنة حماية الصحفيين إن البلد بات أكبر سجَّان للصحفيين في العالم”.

وبحسبِ تقريرٍ للمنظمة نشرتها في قسم الحملات على موقعها، فإنه وعلى الصعيد العالمي، يقبع ثلث الصحفيين، والعاملين في المجال الإعلامي، والمسؤولين التنفيذيين في المهنة في سجون تركيا، علماً بأن أغلبيةً كبيرةً منهم ينتظرون تقديمهم إلى المحاكمة، كما أن الكثير منهم زُجَّ بهم في السجن منذ عدة شهور.

وفرضت تركيا حالة الطوارئ منذ محاولة الانقلاب التي شهدته تركيا في شهر يوليو/ تموز، وقد حَمَّلَ الرئيس اردوغان والحكومة أنصار رجل الدين فتح الله غولن مسؤولية محاولة الانقلاب. واستُهدِف صحفيين في حملة قمع غير مسبوقة، شملت جميع أطياف إعلام المعارضة.

 وعمدت السلطات إلى إغلاق أكثر من 160 وسيلة إعلامية في رسالةٍ واضحةٍ ومقلقة، نشأ عنها تأثيرٌ على حرية التعبير في البلد مفاده بأن الفضاء الذي كان مخصصاً للآراء المعارضة لتوجهاتِ الحكومةِ أخذَ يتقلصُ أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى؛ ولهذا فإن المجاهرة بالرأي تأتي بتكلفةٍ لا يمكن تقديرها بثمن.

 وفي تقريرها ذكرت المنظمة عدداً من الصحفيين المشهورين المساجين:

أحمد سيك: صحفي تحقيقات بارز

 وهو ليس غريباً عن الملاحقة القانونية والسجن اللذين تحركهما دوافع سياسية؛ إذ سُجِنَ لأكثرِ من عامٍ، في عام 2011 بسببِ تأليفِ كتابٍ بَسَّطَ فيهِ مزاعمَ تغلغلِ أنصارِ رجلِ الدين فتح الله غول في مؤسسات الدولة التركية، علماً بأن غولن كان في السابق أحد حلفاء “حزب العدالة والتنمية” قبل أن يَدُبَّ الخلافُ بين الطرفين.

 وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اعتقل أحمد مرة أخرى في انتظار محاكمته بعدما اتهم بالدعاية “لحزب العمال الكردستاني” المسلح، وما تطلق عليه الحكومة  منظمة فتح الله غولن، والتي تزعم أن رجل الدين غولن يقودها. وقد احتجز أحمد بدايةً في سجنِ (ميتريس) في إسطنبول، في زنزانةٍ متسخةٍ مُنِعَ عنها الماء النقي لمدة يومين. ولم يُسمح له بالاتصال بمحاميه، كما لم يُخْبَر بأنهم حاولوا الاتصال به.

والآن، عاد أحمد إلى سجن (سيليفري) أي بعد ست سنوات من احتجازه هناك لأول مرة؛ إذ تقاسم زنزانةً مع شخصين آخرين. ولم يسمح له سوى بالتواصل مع أقرب أقربائه من خلال شاشةٍ وهاتفٍ مرةً في الأسبوع. كما أن المحادثات التي يجريها مع أقربائه تُسجل، ولا يسمح له باستلام الرسائل أو الكتب.

آسلي اردوغان

قضت “أسلي إردوغان” نحو خمسة أشهر في السجن بسبب تطوعها كاستشارية وكاتبة في صحيفة “أوزكور غوندمين” الكردية التي أغلقت الآن.

وداهم منزلها ضباطٌ ملثمون ومسلحون، في الساعة الثالثة مساء، وقضوا ثماني ساعات في تفتيش كتبها البالغ عددها 3500 كتاب، واطلعوا على ملاحظات كانت دونتها خلال العقدين الماضيين.

 ورغم عدم عثور ضباط الأمن على أدلة تدينها، فإنها احتجزت ووجهت لها تهم الإرهاب.

“في مركز الشرطة الذي احتجزت فيه، وضعوني في زنزانة مساحتها 4 أمتار في 2 متر برفقة ثلاث نساء. لم تكن ثمة أضواءُ نوافذ في الزنزانة، ولهذا كانت الأضواء مضاءة في كل الأوقات، لم يكن يسمح لنا باستخدام الحمام سوى عندما يشعرون بأنهم على وشك استدعائنا، وليس عندما نحتاج إليه. لم أنم خلال الليلة الأولى في الحجز”.

 وقالت المنظمة عندما مثلت أسلي أمام القاضي، توقعت أن يُفْرَجَ عنها. وفي نهاية المطاف لم تُدَنْ بسبب كتاباتها، فعدم ارتكابها أي خطأ بسبب انضمامها إلى الهيئة الاستشارية، لم يجعلها مسؤولةً قانوناً عن محتوى الصحيفة. لكن القاضي، بعث بها إلى السجن في انتظار المحاكمة. وتعاني آسلي إردوغان أمراضاً مزمنة، وقد فاقمتها المدة التي قضتها في السجن.

“ونقلت المنظمة عن آسلي قولها: “أكبر عذاب تعرضنا لهُ في السجنِ هو البرد بدءً من شهر سبتمبر/ أيلول فما فوق. وعندما نُقِلتُ إلى جناحٍ كبير برفقة 20 امرأة أخرى، شعرت بأن وجود أخريات معي، بعث في الحياة من جديد”.

أطلق سراح “آسلي إردوغان” بشروط لكنها لا تزال تواجه تهم الإرهاب.

 وتقول آسلي:” منذ الإفراج عني لم أعد أمارس الكتابة، ولا أعتقد أني سأعاود فعل كتابةِ عمودٍ قريباً. أحاول أن أحسِّن وضعي. ورغم أنني صمدت خلال فترة سجني، فبعد الإفراج عني، شعرتُ حقيقةً بالأثرِ السيءِ الذي تَرَكَتْهُ أيام السجن على جسدي”.

 ظروف السجون في تركيا بحسب ما اشار اليه التقرير:

بموجب حالة الطوارئ في تركيا تفرض السلطات قيوداً صارمةً على اتصال السجناء مع محاميهم؛ وفي أحسن الأحوال يُسمحُ للسجناء بـ لقاء محاميهم تحت المراقبة، لا يسمح لبعض السجناء باستلام الرسائل أو الكتب الآتية من الخارج، يُسمح فقط لأقرب الأقارب مرة في الأسبوع بزيارة السجناء، من خلال نوافذ زجاجية وعن طريق الهاتف، لا يسمح بتواصل السجناء مع سجناء آخرين ماعدا السجناء المحتجزين في الزنزانة ذاتها.

رعب تقشعر منه الأبدان

وفي ختام حملة منظمة العفو الدولية جاء:

“إن تراجع الحرية التي كانت مكفولةً لوسائل الإعلام ليس أمراً جديداً في تركيا. ففي عام 2013 نشبت في إسطنبول احتجاجات على إزالة السلطات متنزه غيزي، إلا أن إحدى القنوات الشهيرة بدلاً من تغطية الاحتجاجات، بثت فيلماً وثائقياً عن طائر البطريق. وفقد بعض الصحفيين فرص عملهم لأنهم أغضبوا السلطات. وفي هذا الإطار استولت الحكومة على وسائل إعلام انتقدت توجهاتها، واستبدلت المسؤولين عن خطها التحريري بآخرين على نحوٍ يتناسب مع توجهاتها.

 ووُضِع في السجن أكثر من 120 صحفياً وعاملاً في مجال الإعلام، في حين فقد آلاف آخرون وظائفهم في أعقاب إغلاق السلطات أكثر من 160 وسيلة إعلامية. فتأثير الموجة الأخيرة من تراجع الحريات التي كانت مكفولة لوسائل الإعلام واضحٌ جلي؛ إذ إن الصحافة المستقلة في تركيا أضحت على حافة الهاوية. لقد أصبح خوف الصحفيين من سجنهم لانتقاد السلطات أمراً واضحاً بعدما أصبحت أعمدة صحف وبرامج تناقش الشؤون السياسية لا تتضمن حالياً سوى أصوات معارضة محدودة، كما لا تعكس آراء مختلفة بشدة عن توجهات الحكومة.

المصدر: وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى