مانشيتمقالات

عفرين قرة عين وجرح نازف لا يتوقف هذا النزيف إلا لحين تحريرها

محمد ايبش ــ

مضت ست سنوات على احتلال عفرين، وما زال الجرح ينزف والعالم صامت كصمت القبور على جرائم النظام التركي الفاشي ومرتزقته، فالجرح ينزف اجتماعياً وتاريخياً وجغرافياً؛ لذلك من الخطأ بمكان أن ننظر إلي عفرين كمجرد منطقة جغرافية؛ بل علينا أن ننظر بأنها تمثل التاريخ، والأصح؛ فهي التاريخ ذاتها، لهذا لم يأتِ احتلال عفرين مجرد نزوة لدى الفاشية التركية بل انطلقت من هدف استراتيجي في رسم معالم خارطة “الميثاق الملي”، فهذا الطموح لا يوجد عند أردوغان وحده؛ بل كان هدف لكل الحكومات المتعاقبة في عهد الجمهورية التركية الحديثة والتي كانت تتطلع بأن تسيطر على حلب فعفرين بوابتها،

وهذا ليس بخافٍ على أحد، ومن هنا كانت مقاومة عفرين وحيي “شيخ مقصود والاشرفية” بمثابة الدرع الواقي لحلب، ولكن بعد دخول الروس إلى المنطقة وتواطئهم مع الجانب التركي؛ كانت الدولة التركية تنتظر مثل هذه الفرصة، وعلينا أن لا ننسى الدور الأمريكي غير المعلن، بينما نتيجة العلاقات الشخصية بين تجار العصر (أردوغان وبوتين وترامب) كانت عفرين ضحية صفقات تركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ففي الوقت الذي بات النظام السوري على وشك الانهيار كانت عفرين تشهد حركة عمرانية وتنظيمية من حيث بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية رغم ظروف الحرب والحصار، لكن نجحت الإدارة إلى حد ما من فتح معابر للتخفيف من حدة الحصار، وهذا وبكل المقاييس كان لا يناسب النظام التركي بينما الدولة السورية لم تقم بقراءة نوايا النظام التركي الفاشي، فحتى لو تم تسليم عفرين إلى الدولة السورية وعودة كافة المؤسسات اليها؛ تركيا كانت ستهاجم الجيش السوري وتحتل عفرين؛ لأن الاتفاقيات التي تمت خلف الكواليس بين تركيا وروسيا لم تكن الدولة السورية على علم بمضامين الاتفاق الذي تم، وهذا ظهر في رفع سقف شروطها عندما كانت تحاور الإدارة الذاتية الديمقراطية وقواتها العسكرية قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ولم يكن هناك أي شيء لصالح السوريين، فروسيا وتركيا تعملان لصالح إسرائيل، وما يجري في غزة دليل واضح، لأن هناك مشروع عربي “كويتي قطري سعودي” لنقل حماس والحركات الإسلامية الفلسطينية إلى المستوطنات التي بنيت في عفرين بأموال قطرية وكويتية؛ لذلك لن يقف هذا النزيف الا بخروج المحتل التركي، ومن هنا على الدولة السورية أن تعلن على الملأ بأنها ستقف إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية لتحرير كافة المناطق المحتلة أولها عفرين وتليها بقية المناطق، وفي حال عدم إعلان ذلك فهي ستكون شريكة في هذا المشروع الذي تخطط له الدول العربية آنفة الذكر، فبالتالي سيكون مصير المناطق المحتلة نفس مصير لواء اسكندرون أو أنها بداية مشروع تقسيم من خلال سعي السعودية بإعادة الحوار بين الإخوان والنظام السوري؛ فالدولة التركية تاريخها معروف أنها عندما تحتل منطقة من المناطق لا تخرج منها إلا بقوة السلاح، وأكبر مثال على ذلك الاحتلال التركي لجزيرة قبرص منذ عام ١٩٧٤، لذلك لن  يقف النزيف طالما هناك سيناريوهات جديدة، وعلى الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال شرق سوريا أن تستعد للمرحلة المقبلة؛ لأن الهدف الأساسي لكل الأطراف هو ضرب التجربة القائمة في شمال وشرق سوريا، وعليها أن تقوم بخلط الأوراق وإفشال المخطط العربي الإسرائيلي.

حدة المعارك في غزة تشير إلى أن الطرفين يبحثان عن مَخْرَج، ورفض إسرائيل لمقترح مجلس الأمن بوقف المعارك هو لإجبار الفلسطينيين للخروج النهائي من غزة وذلك على حساب الشعب الكردي عامة وعلى حساب عفرين خاصة.

زر الذهاب إلى الأعلى