الأخبارمانشيت

طلعت يونس: طالبنا بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الاعتداءات والجرائم التي ارتكبتها تركيا

إن الاتصالات الدبلوماسية مستمرة مع العديد من الأطراف لتشكيل لجنة ستحقق في الجرائم المرتكبة حالياً, وتمهيد الطريق لملاحقة الدولة التركية قانونياً

الاستهداف المباشر للبنية التحتية في الحروب والصراعات يقع ضمن نطاق جرائم الحرب, فما هي القوانين والمحاكم التي تشرف على هذه الجرائم التي ترتكبها الدول؟

ظهرت قواعد النزاع المسلح المقبولة في معظم دول العالم مع اتفاقية جنيف لعام 1949، والتي صدقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة, ويتكون هذا النظام القانوني، الذي يسمى (قانون النزاعات المسلحة) أو (القانون الإنساني الدولي) من سلسلة من الاتفاقيات التي تنظم معاملة المدنيين والجنود وأسرى الحرب, ويشمل ذلك أيضاً الهجمات التي تشنها دول مثل تركيا، التي لا تلتزم بأية اتفاقيات تكون طرفاً فيها وترتكب مجازر علنية, ومع ذلك وبما أن مصالح الدول وليس الشعب تعتبر دائماً هي العليا، فلن تتم محاكمة تركيا أو أية دولة أخرى على الجرائم التي ترتكبها.

وفي تفاصيل جرائم الحرب التي ارتكبتها تركيا في هجماتها الأخيرة على شمال وشرق سوريا أمام أعين العالم, في ليلة 4 تشرين الأول بدأت الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار التي أقلعت من آمد في قصف شمال وشرق سوريا, واستمرت الهجمات دون انقطاع حتى 9 تشرين الأول, حيث تعرضت جميع المناطق من مقاطعة الشهباء إلى ديريك وقامشلو وكوباني وعين عيسى والحسكة لقصف شديد، واستهدفت أكثر من 580 نقطة، متجاهلة كافة القواعد والاتفاقيات الدولية والإنسانية.

وفي هذا السياق أجرت صحيفة ozgur politika لقاءً مع الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم الجزيرة، (طلعت يونس), الذي أوضح أن مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تتعرض لهجوم مستمر منذ عام 2012، أي منذ بداية الثورة وحتى اليوم, مؤكداً أن الدولة التركية لم تتوقف أبداً.

وعن التدابير والاحتياطات التي تتخذها الإدارة الذاتية ضد هذه الهجمات, أكد يونس أن ما تفعله تركيا هي حرب إبادة جماعية ضد الكرد, وقال:

نحن كشعب وإدارة نتصرف في الحياة اليومية من خلال الأخذ في الاعتبار الحرب أو حالات الطوارئ, بالإضافة إلى سياسات الحصار المطبقة على الإدارة الذاتية, لقد حاربنا الإرهاب لسنوات, ومازلنا نقوم بعملنا وفق ظروف الحرب, بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي هاجمت الدولة التركية بنفسها مناطقتنا, حيث تتعرض لهجمات متواصلة منذ احتلال سري كانيه وكري سبي, نحن نواصل حياتنا اليومية بوسائلنا, ويتم تنظيم الشعب أيضاً وفقاً لحرب الشعب الثورية.

وأوضح يونس أنه من الصعب للغاية اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند استهداف البنية التحتية، مشيراً إلى حدوث أضرار كبيرة وسيستغرق إصلاحها وقتاً طويلاً, وأضاف:

إن استهداف 17 (منشأة/حقل للغاز والنفط) أثر على أكثر من 5 ملايين مواطن, بالإضافة إلى خطوط الكهرباء في مناطق ريف تربه سبيه وجل آغا، وكانت حقول النفط في (ديرك وجل آغا وتربسة ورميلان وكركي لكي) هي الأهداف الرئيسية أيضاً, وكانت محطة السويدية في مدينة ديرك التي تعرضت للقصف توفر احتياجات المنطقة بأكملها من الكهرباء والغاز.

وأشار (طلعت يونس) إلى إنهم كانوا يوفرون الغاز والكهرباء لكافة الأهالي من منشأة السويدية، وأنه لا تتاح لهم الفرصة حالياً لتلبية احتياجات المنطقة من الغاز من الخارج, وأضاف:

تحصل منطقة الجزيرة على بعض احتياجاتها من الكهرباء من محطات تعمل بالغاز، وبعضها من نهر الفرات, لكن لا يمكن الاعتماد على النهر بالشكل الكافي، لأن الدولة التركية تقوم باستمرار بخفض منسوب المياه المتدفق إلى الأراضي السورية.

وأوضح يونس أن قصف 11 محطة كهرباء  أثر على أكثر من مليوني شخص يعيشون في الحسكة وعامودا ورميلان وتربسبيه وقامشلو والدرباسية, وأضاف أيضاً:

أدى توقف محطة مياه علوك بسبب قصف محطة الكهرباء التي تغذيها إلى حرمان مليوني شخص من المياه, وفعلياً ظهرت مشكلة المياه عندما احتلت الدولة التركية ومرتزقتها مدينة سري كانيه عام 2019, وتخضع السيطرة على المحطة الواقعة بين سري كانيه – الحسكة حالياً لأيدي العصابات التابعة لها, ويتم إمداد المياه من محطة علوك إلى 30 بئراً و8 محطات في مدينة الحسكة, كما يعمل خط الكهرباء القادم من عامودا إلى الدرباسية ومن هناك إلى الحسكة على تشغيل الآبار والمحطات, لكن العصابات تقوم بقطع المياه بشكل مستمر، مما يؤدي إلى تعطيل توصيل الكهرباء والمياه ومنع الناس من الوصول إلى مياه الشرب, وفي كانون الثاني 2020، تم التوصل إلى اتفاق بشأن المياه بين الإدارة الذاتية والمرتزقة بوساطة روسية, إلا أن العصابات لم تلتزم بالاتفاق واستمرت في قطع المياه بشكل متكرر, ثم تولت اليونيسف العمل وأصبحت وسيطاً وتم توفير كمية قليلة من المياه, وبينما كان خط عمل الكهرباء والماء الذي ذكرناه هكذا، إلا أن الأماكن المذكورة تعرضت للقصف في الهجوم الأخير, أي أصبحت جميع الطرق التي تمر عبرها موارد الحياة هي الهدف الرئيسي للعدو, ونتيجة لذلك انقطعت المياه عن الحسكة وتل تمر والشدادي والمخيمات، وخرجت 18 محطة مياه عن الخدمة, كما دُمر مشفى كوفيد-19 في ديرك، ومشفى في كوباني، كما تضررت 48 مؤسسة تعليمية, وتم تدمير أكاديمية مكافحة المخدرات في رميلان (حيث يتم تدريب قوى الأمن الداخلي هناك) بشكل كامل.

ونوه طلعت يونس إلى أن المباني والمنشآت الحيوية لم تكن فقط هي التي استُهدفت, وقال:

تم قصف قرية في ناحية عين عيسى بمدافع الهاوتزر، واستشهد على إثره الطفلان نادية العياش (10 أعوام) وعلي العياش (9 أعوام), وتم قصف حقل قطن في قرية بشيرية شرق ناحية زركان، ما أدى إلى إصابة النساء رقية صالح فواز (50 عاماً)، وصديقة عيدان التمير (40 عاماً)، وفرح عدنان (25 عاماً)، وزينة حمود (20 عاماً)، وجومانا حماد, وتم بتر ساقي فرح, إجمالاً استشهد 44 مواطناً بينهم 29 من مقاتلي أكاديمية مكافحة المخدرات، وأصيب 55 مواطناً.

وأكد (طلعت يونس) أن إقليم الجزيرة وتحديداً مقاطعة قامشلو هي أكثر المناطق المستهدفة، مؤكداً على إنهم يعملون منذ اليوم الأول على تقليل الأضرار بأسرع وقت من خلال اللجان التابعة للإدارة الذاتية, وقال أيضاً:

محيط مخيم واشوكاني في مدينة الحسكة يتم استهدافه بشكل مستمر, فمع احتلال سري كانيه قدم المهجرون منها إلى المخيم الذي أنشأته الإدارة الذاتية, ولكن على الرغم من الهجمات المكثفة، إلا أن الأهالي لم يغادروا أراضيهم.

وأضاف طلعت يونس:

هناك إبادة جماعية كاملة وتغيير ديموغرافي في المناطق المحتلة من قبل تركيا, تخيل أن المكان الذي تعيش فيه يتعرض للغزو وأنت نازح, ثم يتم وضع العصابات أو عائلاتهم في منزلك, ولا توجد محاسبة للجرائم المرتكبة في المناطق المحتلة من (نهب، تعذيب، اختطاف، قتل، سرقة), والناس لم يغادروا منازلهم لأنهم رأوا ما يحصل في المناطق المحتلة.

وأشار يونس إلى أنهم يطالبون بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الاعتداءات والجرائم التي ارتكبتها الدولة التركية منذ عام 2012, وقال:

إن الاتصالات الدبلوماسية مستمرة مع العديد من الأطراف لتشكيل لجنة ستحقق في الجرائم المرتكبة حالياً, وتمهيد الطريق لملاحقة الدولة التركية قانونياً, لقد أبلغنا عن بيانات الهجمات الأخيرة بالتفصيل وأرسلناها إلى منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومراكزنا في أوروبا, وحتى الآن لم يصدر أي رد إيجابي تجاهنا، أي لم تصل لجنة للتحقيق في الجرائم على الفور, ولكن مهما حدث فلن نتراجع خطوة واحدة إلى الوراء لمحاسبة تركيا على الجرائم المرتكبة.

وانتقد (طلعت يونس) موقف كل من الولايات المتحدة وروسيا إزاء هذه الهجمات كونهما الدولتان الضامنتان في المنطقة، وأضاف:

أمريكا وروسبا ردود لا تقومان بمسؤولياتهما, إنها تتصرف وفق مصالحها الخاصة وليس مصلحة الشعب, ولم تفعل أي منهما شيئا لوقف الحرب أو حل المشاكل, وهذا يؤدي إلى حصول مجازر ضد الناس, وشعبنا يتظاهر أمام مراكزهما وقواعدهما  كل يوم.

كما أكد يونس أن حكومة دمشق تحاول الاستفادة من الظروف الصعبة التي تمر بها الإدارة الذاتية, وتسعى إلى تحقيق أحلام العودة إلى ما قبل عام 2011 واستعادة الهيمنة, موضحاً أن الهجمات الحالية كانت نتيجة المفاوضات التي جرت في أستانا وجنيف.

وعن كيفية منع هكذا هجمات، أكد يونس أن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي حماية روج آفا وإظهار موقف واضح، مذكراً بطريق النصر في كوباني, وقال:

الشيء الوحيد الذي نحتاجه الآن هو أن يقف الناس ضد هذه الهجمات والمجازر, لأننا نستمد قوتنا من هذا الموقف, نحن بحاجة إلى الدعم المالي والمعنوي, فقد كان انتصار كوباني بمثابة انتصار لكردستان, باكور وكل شعبنا الكردي  في العالم وقفوا معنا, يجب حماية مكتسباتنا, والشيء الوحيد الذي كان مطلوباً في الهجمات الأخيرة هو الدعم الكردي.

زر الذهاب إلى الأعلى