مقالات

دفاعاً عن القانون.  لماذا يخالف المجلس الكردي قوانين روج آفا- شمال سوريا؟

سيهانوك ديبو – قد يبدو العنوان غير موفقاً؛ في البداية؛ وحين النظرة الأولى؛ بخاصة إذا ما أدركنا أن القانون هو من يدافع، ولا يحتاج لمن يدافع عنه؛ بالأخص؛ حينما تَتِم وتتأتى القوانين كي تلبيّ روح المجتمع/ المجتمعات؛ قوانين الاجتماع السياسي التي عجزت دساتير الدولتية الوضعية عن الإتيان به، مثال ذلك: البحث المستمر عن قوانين تلامس مفهوم الديمقراطية وتفي بتطبيقاته مجتمعياً في جميع الدول والبلدان التي لها باع طويل مع مسائل القوانين الناظمة للمجتمع، وفي إيجاد وجوديٍّ لتوازن من نوع معين؛ ما بين الحقوق والواجبات. في حالة الثورة في روج آفا؛ نقول وسيقول عنها المراقب البعيد جداً مثل من عاشها أو يراقبها عن كثب، بأنها الثورة لأنها استندت على نظرية ثورية متمثلة بالأمة الديمقراطية التي تأتت بدورها كوعي مشخص في جواب ثوري لقضايا السياسية والاجتماعية وعموم المجتمعية التي كان الحراك الثوري السوري منذ العام 2011 -إحدى الأمثلة على سبيل الذكر وليس الحصر. أما العقد الاجتماعي في الإدارة الذاتية الديمقراطية الذي تم الانتهاء منه في 24 تموز 2013 فقد لبّى الكثير من القضايا الإشكالية وفي الوقت نفسه الكثير من المشاكل؛ ليرتقي إلى المعنى القويم لإسمها أي العقد الاجتماعي. من المؤكد بأن العديد من المواد تم إضافتها، وعدداً منها تم تعديله وفق ما تبدو بأنها الأنسب. ومثل هذا الانطباع ليس له علاقة بأن هذا العقد يجب أن لا يتغير أو هو فوق مستوى أن يتم تغييره؛ على العكس من ذلك، يتم رصده وتصحيحه بشكل مستمر. وقوانين العقد الاجتماعي ذلك تأتي بشكل يبدو ملامساً لجوهر التحول والتغيير الديمقراطي الملحوظ اليوم في روج آفا وشمال سوريا واليوم شرقها وغداً لكل سوريا.

مما لا شك فيه بأن العقد الاجتماعي هو جوهر المشروع الديمقراطي المتمثل بالفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا؛ كما هو الحل الذي يكون حينما يجب أن تكون سوريا، الفيدرالية الديمقراطية تطرح نفسها اليوم كضامن لوجود سوريا. فالمشروع الديمقراطي يظهر اليوم قولاً وفعلاً في مواجهة من يتحدث: سوريا لم تعد موجودة. من حيث أن المشاريع الديمقراطية لم تأتي يوماً كي تمهِّد إلى التقسيم والتفتيت. كما أن أصحاب المشاريع أو بالأحرى الذين يدعون الديمقراطية من المفترض أن لا يكونوا دعاة المركزية ورفضة للفيدرالية وهم يحيُّون التقسيم الذي جرى قبل مئة عام، وبعض من دموع يسكبونها على أنهم وجدوا أنفسهم ممزقين إلى 22 دولة عربية وبهذا الألم يفوقون الكرد الذين تم تمزيقهم على أربع دول. مزجٌ على طريقة الدكتور فاوست، ومقايضة معلنة مع الشيطان؛ بحسب الرواية/ الحادثة؛ لربما. كما أنه وبدون أدنى شك لم يكن أصحاب المشروع الديمقراطي/ الأحزاب والقوى السياسية والعسكرية في الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا/  في مستطاعهم أن يكونوا ضد القوانين التي كانت السبب اليوم في ظهورهم على مستوى متقدم من النجاحين الدبلوماسي والميداني العسكري. ولن يكون بمقدورهم أن يقبلوا بالفوضى ضد نظامهم، بالذين يقفون إلى جانب الأعداء كي يصبحوا مثالاً للديمقراطية الفجّة: هل الديمقراطية في السويد –مثالاً- تستطيع أن تقبل؛ أفراداً أو جماعات؛ لا يقبلون بها وبقوانينها؟؟ لن يكون في وارد القائمين القيميّن في روج آفا قبول من باتت مهامهم المعلنة وليست المخفية أبداً أن يتم تقويض وتحجيم وإفشال حالة الأمن والاستقرار المتحققتين عن طريق الحجم الفكري والممارساتي ومن قبلها الدماء المنهمرة على هذه تراب روج آفا كي يبقى جميع شعوب روج آفا. منذ متى كانت الحرية تستدعي السماح لمن يقوِّض أركانها؟

من غير المعقول أن يُشَكِّكَ اثنين على أن قيامة أرضية يمر بها الشرق الأوسط ، ملفات ساخنة في مقدمتها الاستبداد والإرهاب ومخارج التغيير؛ وقبلها مداخل الهيمنة العالمية وغاية مداخيلها نحو المنطقة برمتها التي باتت اليوم تستقطب العالم كله وموجود كله وبكثافة عالية في  سوريا/ الشرق الأوسط. تبدو اليوم في ظل هذه الفوضى بأن الحركات المجتمعية وثورتها كما حال ثورة الشعب في روج آفا في معرض اللاعب الفاعل في المسارح السياسية في الشرق الأوسط والسوري والعالمي. لا حل سوري يكون لو لم يكن ممثلي شعوب شمال سوريا موجودين وفي مقدمتهم ممثلي الشعب الكردي في سوريا. إضافة إلى تحول وحدات حماية الشعب والمرأة وعموم فصائل حركة الحرية الكردستانية إلى أبرز الفاعلين ضد الإرهاب التكفيري من خلال مشروعها الفكري الفلسفي المؤسس من قبل الفيلسوف أوجلان. ثلاث جهات ظهرت في مستوى الرافض المعلن من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بتسليح مباشر وحدات حماية  الشعب والمرأة. تركيا: لا تحتاج إلى عناء التحليل ولماذا ترفض ذلك؛ إنها ضد الكرد الأحياء؛ فأفضلهم بالنسبة لها هم الموتى. جماعة إخوان المسلمين أيضاً رفضت هذا القرار وهذا بدوره يفهمه الجميع لماذا يرفضون ذلك وبخاصة أنهم ومن معها من الجماعات المسلحة كان أهم مبادئهم الديمقراطية تحت أقدامهم؛ هذا هو المعلن أيضاً وهذا هو الغيض من فيضهم الأسود. والطرف الثالث هو المجلس الكردي؛ وبالتقدير هذا أيضاً باتت مفهومة دوافعه لأن مصدر الرفض هو واحد: الإخوان والمجلس الكردي يتلقون التعليمات نفسها من تركيا بنفسها. بيان الأمانة العامة للمجلس الكردي يتحدث بما سمته (سلسلة من الأعمال إرهابية يقترفها حزب الاتحاد الديمقراطي ويستهدف المشروع القومي) من الذي يقف إلى جانب الإرهابيين الصغار من غالبية الكتل العدمية في الائتلاف، وفي الوقت نفسه إلى أكبر مصدر وداعم للإرهاب في المنطقة برمتها وهي تركيا؟ أين مشروعكم القومي وماذا فعلتم لأجله؟ سيسألكم الوطنيين والشرفاء من في قيادة وقواعد المجلس الكردي قبل الشعب الكردي في سوريا وعموم قواها الديمقراطية. من الذي صفق للمجرمين حينما قصفوا المكونات في الشيخ مقصود في 6/7 تيسان العام الماضي؟ من الذي كان يقول: ما علاقتكم بتحرير تل حميس؟ واليوم يتم تقديمكم تركياً كبديل لقوات سوريا الديمقراطية، مع التورط للكتائب المحسوبة على المجلس الكردي في من ما تسمى بدرع الفرات، والمشاركة في ما يتم تشكيله من ما يسمى بدرع دجلة؟ بعض الأسئلة التي يسألها من في قيادة وقواعد المجلس الكردي أولاً؛ والمدى الكبير في تحمل المجلس الكردي؛ من بعد اتباعه سياسات التشويش والتشويه على المكتسبات الكبيرة التي تحققت بفضل السياسة الوطنية والديمقراطية التي أسست الخط الثالث في سوريا، تحمُلِّهم بوجود حوالي 250 ألف مغادر -ليس مهاجر- إلى باشوري كردستان في تلك المخيمات؛ والظروف اللا إنسانية التي يعيشونها من جميع النواحي. وعلى سبيل المثال أيضاً وأيضاً  قبولهم بمنهاج الائتلاف، ورفضهم في تلك المخيمات للتعلم باللغة الكردية والمنهاج الكردي الذي يؤكد وطنية وقومية المشروع وحل الأزمة السورية برمتها.

لا يوجد معتقل سياسي في روج آفا. يوجد مخالفين متعمدّين لقوانين الإدارة الذاتية. وغير الصواب والإنصاف لحظة مجرد التفكير قبول قانون مشَكَكٌ بقدرته.
بالرغم من هذه الأسئلة التي ترتقي بعضها إلى الإدانة الكاملة لبعض من شخصيات المجلس الكردي؛ إلا أن الوقت الحالي يعتبر أفضل الأوقات لجلوس الكرد إلى الطاولة نفسها بمختلف قواها السياسية؛ التي ضمن الإدارة الذاتية الديمقراطية والتي خارج الإدارة الذاتية الديمقراطية، الجلوس. ستظهر هذه الطاولة؛ مرة أخرى؛ كمرآة أخرى؛ من هم مع توحيد الصف الكردي ومن هي تلك الشخصيات التي تم تجنيدها ضد المصالح الوطنية السورية والقومية الكردية؟ أسئلة تم الإجابات عليها -بشكل مطوّل- طيلة هذه السنوات الست التي هزت الشرق الأوسط نحو وجهته التي تقوده قوة الديمقراطية في حركة الحرية الكردستانية نحو الشرق الأوسط الديمقراطي.

زر الذهاب إلى الأعلى