ثقافةمانشيت

داعش من شنكال إلى السويداء…إلى أين سيصل الإرهاب في طمس الثقافات؟؟

لماذا يوجه داعش يد إرهابه إلى الشعوب؟

لِمَ يعمل على محوهم وطمس ثقافتهم؟؟

إلى أين سيصل إرهابه والانتهاكات التي يقوم بها وخصوصاً جرائمه الشنيعة والقذرة ضد الإنسانية؟؟

عند الحديث عن إرهاب داعش فأول ما يدور في أذهاننا أو يبادر إليها هي الجرائم التي ارتكبت بحق الإيزيدين حيث كان لهم النصيب الأكبر من هذه الجرائم، وفي تقريرنا هذا سنسلط الضوء على ما قام به تنظيم داعش ضد الكرد الإيزيديين.

فـ مَن هم الإيزيديون؟

هم مجموعة عرقية دينية تتمركز في العراق وسوريا، يعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال شنكال في العراق، وتعيش مجموعات أصغر في تركيا، وسوريا، وألمانيا، وجورجيا وأرمينيا.

ينتمون عرقياً إلى أصل كردي ذي جذور هندوأوروبية، ويرى الإيزيديون أن ديانتهم التي يعتنقونها قد وُجدت منذ وجود آدم وحواء على الأرض، ويرى باحثوهم أنها انبثقت عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين ويرى بعض الباحثين الإسلاميين وغيرهم أن الديانة الإيزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، ويرى آخرون أن هذه الديانة هي خليط من عدة ديانات قديمة مثل الزَرَدَشْتِيَّة والمانوية أو امتداد للديانة الميثرائية.

الشخصيات الأساسية في الديانة الإيزيدية هي عدي بن مسافر وطاووس ملك.

ورغم تشابهها في عددٍ من التقاليد مع باقي الأديان إلَّا أنها تعتبر ديناً مستقلاً بذاته، ويحاول الإيزيديون أنفسهم وضع معتقدهم في حقبة زمنية سبقت الإسلام، ويطلق على الديانة اسم “الدين الإيزيدي”.

واعتبر مؤرخون أن الإيزيديين أبناء هذه الأرض منذ مهد التاريخ، وأن هذه الحقيقة لا تحتاج لأية براهين أو حقائق، فهي معروفة للجميع، لأن البحث عن تاريخ تأصل الكُرد في هذه الأرض يؤدي إلى البحث عن تاريخ الإيزيدية.

الجرائم التي تعرض لها الإيزيديون عبر التاريخ:

عانى الإيزيدين على مر العصور من عمليات تطهير عرقي عديدة بغية تحريفهم عن ديانتهم؛ فتعرضوا عبر التاريخ إلى 72 حملة إبادة شُنت ضدهم لأسباب مختلفة، حيث تسببت هذه الحروب والمذابح بآثار ترسخت في النسيج الاجتماعي والعقلية الإيزيدية فأصبح الانزواء عن العالم والتقوقع الاجتماعي والخوف من الغرباء سمةً أساسية لهم؛ لكن كل هذا لم يمنع المثقفين الإيزيديين من إنشاء مراكز ثقافية واجتماعية لتعريف العالم بديانتهم وجعل الإيزيديين ينفتحون أكثر على العالم الخارجي.

وتعرض الإيزيديون في السنوات الأخيرة لهجمات متكررة من تنظيم داعش تمثلت بتفجيرات وعمليات اغتيال استهدفتهم في العراق، وأدى سقوط الموصل وسيطرة تنظيم داعش على مناطق شاسعة من شمال العراق وسقوط مدينة شنكال الإيزيدية بيد تنظيم داعش الإرهابي إلى قتل المئات وسبي أعداد كبيرة من النساء والأطفال وكذلك هجرة الآلاف منهم من مدنهم وقُراهم فراراً من بطش تنظيم داعش، والجريمة الأبشع التي حدثت ضد الإيزيديين كانت في آب عام 2014.

داعش وجرائمه ضد الإيزيديين؛ مجزرة شنكال:

كانت من أبشع المجازر التي قام بها عناصر تنظيم داعش؛ حيث تعرض الإيزيديين في 3 آب من عام 2014 لمجزرة جماعية شنعاء أصبحت امتداداً للمجازر السابقة بحقهم من قبل تنظيم داعش الإرهابي والتي راحت ضحيتها أكثر من 5000 شخص بالإضافة إلى انتهاكات كثيرة من خطف وتعذيب وتهجير، ولم يَسْلَم حتى الأطفال من إرهابهم.

لم يكتفِ التنظيم بهذه المجزرة بل قام بسبي الفتيات الإيزيديات وأخذهن كجواري وتم بيعهن في أسواق الموصل والرقة ومناطق أخرى كان يسيطر عليها التنظيم وذلك وبأثمان بخسة.

سَبي النساء والفتيات الأيزيديات كان قتلاً من نوع آخر؛ فرأينا معاناة الكثيرين الذين تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي لم يسبق لنا أن رأينا شبيهاً لها.

حيث أكدت المعطيات الأساسية لإدارة جنوب كردستان أن حملة الإبادة التي قام بها مسلحو داعش بحق الكرد الإيزيديين في شنكال في الثالث من آب عام 2014 أسفرت عن مقتل الآلاف من الإيزيديين فيما تم خطف 6417 إيزيدي على يد داعش.

وقدم عضو إدارة الشؤون الإيزيدية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في جنوب كردستان خيري بوزاني معلومات عن وضع الإيزيديين الذين تم خطفهم.

وأوضح بوزاني أنه منذ الثالث من آب عام 2014 تم تحرير 3315 إيزيدي من أصل 6417 كانوا مختطفين من قبل داعش.

وأكد أن مصير 3102 شخص لا يزال مجهولاً، أي ما يعادل 48,3%، ولا يزالون في قبضة التنظيم الإرهابي ولم يعرف مصيرهم حتى الآن.

المعطيات الأخيرة لإدارة الشؤون الإيزيدية التي تم قبولها من قبل الأمم المتحدة بشكل رسمي كانت على الشكل التالي :

– عدد الإيزيديين في العراق وعموم مناطق كردستان يقدر ب550 ألف.

– عدد الإيزيديين الذين هاجروا من شنكال في الوقت الذي جرت فيه حملة الإبادة على شنكال في 3 آب عام 2014 يقدر بحوالي 360ألف.

– عدد الإيزيديين الذين نزحوا إلى العراق وجنوب كردستان يقدربحوالي 100ألف.

– مسلحو داعش قتلوا في أول يوم من الحملة 1293شخصاً.

– حتى الآن تم العثور على 69 مقبرة جماعية في شنكال بالإضافة إلى المقابر الفردية.

– 68من المقابر والمعابد والأماكن المقدسة بالنسبة للإيزيديين تم هدمها وإزالتها من قبل داعش.

– الأطفال الذين أصبحوا بلا أب أو أم عددهم 2742 طفل إيزيدي منهم :”1759فقدوا آبائهم، 407 فقدوا أمهاتهم، 389 فقدوا كليهما”.

– الأطفال الذين لا يزال أبواهم في أيدي داعش، ولم يتم تحريرهم 220.

– أعداد الإيزيديين الذين تم خطفهم من قبل داعش مجموعهم 6417: من الإناث 3548، من الذكور2869.

– أعداد الإيزيديين الذين تم تحريرهم من داعش، مجموعهم 3315: من الإناث 1155، من الرجال 337،  الفتيات 953، والفتية 870.

– المختطفون الذين لم يعرف مصيرهم، مجموعهم 3102

كانت مجزرة شنكال من أكبر المجازر الوحشية التي مُورست بحق الإنسانية في العصر الحديث، وغيرها من المجازر التي ارتكبها تنظيم “داعش” ولا يزال يرتكبها بحق المدنيين العزّل في كلٍ من سوريا والعراق.

ولم يسلم الإيزيديين من الانتهاكات بحقهم، فالأسماء مختلفة والوجه واحد وهو الإرهاب؛ فقد قامت السلطنة العثمانية بنحو 30 مجزرة بحق الإيزيديين، وزادت عليها مجزرة أخرى هذا العام في عفرين حيث قام جيش الاحتلال التركي في عفرين بجرائم وانتهاكات مماثلة لما فعله داعش بهم في شنكال فقد طال يد إرهابهم الكثير من المدنيين الإيزيديين والأماكن الدينية المقدسة لهم والكثير من قراهم حيث قاموا بتدميرها بالكامل وقاموا بقتل الكثير من الكرد الإيزيديين خلال هجومهم على مدينة عفرين بمشاركة عناصر من تنظيم داعش الإرهابي بالإضافة إلى تهجير عدد كبير منهم.

ومن الطوائف التي عانت عبر التاريخ من العنف والقتل هم الطائفة الدرزية؛ فهي أيضاً لم تسلم من إرهاب داعش حيث رأينا قبل عدة أيام مجزرة بشعة بحقهم في السويداء وراح ضحيتها أكثر من 250 قتيلاً والكثير من الجرحى بالإضافة إلى خطف النساء من الطائفة الدرزية والقيام بطلب فدية مقابل الأفراج عنهم.

عانت الطوائف على مر التاريخ من الكثير من الويلات والجرائم والانتهاكات البشعة بحقهم، ألم يكتفي الإرهاب من إراقة دمائهم، إلى متى سيبقون في حالة الوجود واللاوجود.

أليس لهم حقوق تحميهم من الإبادة والاضطهاد والممارسات اللاإنسانية من قبل تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى. ففي ظل ما حصل ويحصل لهم؛ أصبح من الواجب والضروري العمل على حماية هويتهم وحقوقهم في التعبير عن أنفسهم والسماح لهم بالتمتع بثقافتهم الخاصة وممارسة دينهم وشعائرهم ولغتهم وضمان كافة حقوقهم الاجتماعية والثقافية والابتعاد عن التمييز والطبقية وجميع أشكال التعصب؛ والنظر إليهم نظرة إنسانية لا نظرة دينية أو عرقية.

 إعداد: دلناز دلي   

زر الذهاب إلى الأعلى