الأخبارمانشيت

حول انتهاكات الاحتلال التركي في المناطق المحتلة ونهاية المعارضة السورية والصمت الدولي.

إن السياسة التركية المفلسة والعقلية الأمنية اللاأخلاقية والبعيدة عن السياسة الواقعية استطاعت تفكيك المعارضة السورية وتصفيتها، وذلك بجعلها قوة تهديدٍ لا تستهين بها الأطراف الإقليمية حتى في التسويات السياسية الداخلية بحيث أصبحت العبء والبلاء على رؤوس الشعب السوري، وحتى الجهات التي تريد إيجاد حلول سياسية مؤقتة وداعمة لها أصبحت قوة قائمة على الارتزاق وعلى ذهنية النهب والسلب. أما بالنسبة للصمت الدولي على هذه الانتهاكات المروعة والتي لا يمكن حصرها بهذه الكتابة لأنه يومياً نرى ونسمع وعلى مرأى جميع الجهات المعنية وغير المعنية بالوضع والأزمة السورية من ممارسات لاأخلاقية بحق المواطنين العزَّل في المناطق المحتلة، سواء كان في مواقع الاحتلال التركي أو غيرها، وحتى بحق المواطنين الذين جلبهم من المناطق تحت سيطرة النظام إلى مناطق نفوذه يفعلون بهم أعمال لا إنسانية وذلك بدفعهم إلى اقتتال بعضهم البعض على السرقات المنهوبة وكذلك تحريضهم على نهب ممتلكات الأهالي الأصليين وبالأخص منطقة عفرين ورأس العين وتل أبيض، وحرق الأشجار المثمرة وقلعها إضافة الى عمليات الطرد والتعذيب في السجون تحت مسميات وحجج عديدة.

إذاً فجُلُّ هذه الممارسات القذرة لا يدهش المرء بقدر ما يدهشنا هذا الصمت الدولي المريب حيالها وبالضرورة نسأل في قرارة أنفسنا السؤال التالي: من أين يأتي هذا الصمت الدولي؟ وللإجابة على هذا السؤال، لا بد أن نسلط الضوء على بداية تدخل قوى الهيمنة الرأسمالية والدولية في شؤون المنطقة برمتها، ولكن الذي أشرنا إليه قد ذهب بنا بعيداً إلى أنه بالمختصر المفيد يمكننا القول: إن هذا الصمت الدولي ناتج عن سببين، الأول يأتي من طبيعة النظام الرأسمالي القائم على الاستغلال والنهب والربح الأعظم والذي أراد إنقاذ نفسه من أزمته البنيوية الكارثية الحالية.

والسبب الثاني هو أن القوى والنظام العالمي الجديد الذي هو نفسه لم يعد بإمكانه الإتيان بالبديل الذي يريده كنظام اجتماعي سياسي رسمي وشرعي يأتي بالحلول التوافقية كي يرضي القوى الشعبية الثائرة، وكذلك لم يعد يستطيع هذا النظام العالمي التعبير عبر أعوانه وعملائه من الأنظمة التي بناها وأرسى دعائمها بأيديه عاجز عن إيجاد صيغ قانونية وسياسية لشرعنة ممارسات أعوانه وترقيع انتهاكاتهم، وبنفس الوقت ينتظر الفرص المواتية من المشروع السياسي المقابل حتى يستطيع إنقاذ نفسه وأعوانه من هذه الدوامة الحالية، و لهذا نرى هذه القوى وهذا النظام العالمي الجديد يراقبون المشهد وبِصَمت القبور حتى لا ينزلق السيادة من أيديهم وإلا فكل الشروط السياسية والاجتماعية والميدانية تحرص على الوضع السوري ليتجه نحو الحل السلمي المرتقب، ولكن المصالح القذرة بين قوى الهيمنة والأنظمة القومية الرجعية المفلسة تجعلهم يصممون على التصعيد العسكري نتيجة قرب نهاياتهم فيختارون الخيار العسكري لتصدير أزمتهم و إطالة عمرهم.

في ظل الظروف والصراعات الدولية والإقليمية التي يرجع إلى امتدادها التاريخي المتمثل في الذهنية الشوفينية والعنصرية والتي هي وليدة النظام الرأسمالي خلال القرون الماضية في بسط سيطرتها على العالم من خلال تبادل الأدوار فيما بينهم وصولاً إلى درجة التشبث بألوهية الكون والتلاعب بمصير الإنسانية تحت مسميات الأقدار وأسماء أخرى مماثلة لهذه المصطلحات، ولكن سياسياً لا نستبعد كل ذاك لوجود فراغ إيديولوجي الذي من الممكن أن يكون له نصيب أكبر في استغلال هذه المصطلحات، ولربما كان الواقع والظروف غير كافية لمعرفة الحقائق والنتائج الناجمة عنه من كوارث وإبادة بحق الإنسانية المستمدة جذورها عبر التاريخ من خلال المسميات المتفتة والهادفة إلى تشتت الهوية المجتمعية تحت ذريعة الأثنية والقومية والدينية والمذهبية، لذلك عند التعمق في هذه المصطلحات نستنتج بأنها أمٌّ وَلّادةٌ للانتهاكات والصراعات على صعيد الداخلي والخارجي، وكانت من الأسباب الرئيسية في خلق وتعمق الأزمات تدريجياً من مرحلة تلوى الأخرى. إلا أن جميع المراحل متشابهة في المضمون رغم اختلافها في الشكل، وبمعنى آخر، وهو الأدق، التغيير لم يكن في الواقع الحالي من جانب رؤساء الدول المتمثلة بالذهنية الشوفينية واستبدال العالم  بذهنية العبودية والرضوخ للسياسات الحاكمة والمتسلطة التي تبنى خيالها على الأوهام متظاهرة بسيادة العالم، ولكن على العكس تماماً فهي الأم للعبودية، ومن أكبر الدلائل على ذلك ما تعايشها الدولة التركية والتي تُطرح حولها الكثير من التساؤلات حول سياستها والذهنية الحاكمة والمتسلطة على الدولة المتمثلة في شخصية رجب طيب أردوغان الدكتاتوري الذي يأخذ قاعدة أساسية في سياسته وهي ضرب نسيج المجتمعي في المنطقة بشتى الوسائل، وهي وليدة الفكر العثماني الغني بإراقة الدماء ومجازر بحق الشعوب الكردي والأرمني و العربي ومتجاوزاً بذلك حد الانتهاكات وصولاً إلى حد الإبادة وانتزاع هذه الشعوب من جذورها هادفاً بذلك إلى تزييف الحقائق التاريخية للمنطقة في جميع جوانبها، ولهذا فإن ما تقوم به تركيا من انتهاكات بحق الطبيعة والبشر والحجر ما هو إلا دليلٌ واضحٌ في استنتاج جانبان أساسيان من هذه السياسة الممنهجة:

أولهما، الحقيقة التاريخية

وهي حقيقة معاشة منذ آلاف السنين بموزاييك ونسيج حضاري متلاحم في بناء وتطور منبع الإنسانية جمعاء.

ثانياً موقع جيوسياسي

وهو الموقع الاستراتيجي وغناه بجميع الثروات التي تجعل من الإنسان أن يأخذ منها وتأمين مكان للعيش فيه.

ثالثاً الحضارة والثقافة والعقائد وهي التي كانت لها دور أساسي في بناء الهوية المجتمعية وفلسفة الحياة الاجتماعية.

وبناءً على ذلك فإن جوانب الانتهاك يأتي من عدم قبول الدولة التركية لهذه الحقائق واستدراج سياستها في الطمس والإبادة بشكل عام، وبشكل خاص تجاه حركة حرية كردستان؛ كونها الوحيدة التي أظهرت حقائق العالم وواجهت الظلم وأعطت المعنى الحقيقي للحياة، وهنا يجب السؤال: لماذا القبول بطرف وارتكاب انتهاكات بحق طرف آخر؟ ألا يعني ذلك القبول بحد ذاته انتهاكاً بحق القضية، بما فيه العزلة المفروضة على القائد، كذلك استخدام جميع الأسلحة سواء كان على جبال كردستان أو على شعوب المنطقة والتغيير الديمغرافي ببناء المستوطنات ونهب المناطق الأثرية، كل ذلك ما هو إلا دليل على إفلاس الدولة التركية سياسياً وعسكرياً.

ولكن السؤال المطروح رغم إفلاس الدولة التركية إلا أنها مازالت متمسكة بنهج الانتهاكات إذ هناك الكثير من الدول الداعمة لهذه السياسة؛ كونها يخدم مصالح الجميع، والهدف الأساسي هو القضاء على الحركة ومشروع الأمة الديمقراطية، ومن هنا نستنتج عظمة فكر وفلسفة القائد “آبو” وهي الحقيقة الوحيدة في خلاص البشرية من الإبادة.

إعداد: “محمد علي” و”محمد شيخو” و”رشيد أحمد”.

زر الذهاب إلى الأعلى