مقالات

حرب ثلاثينية سنية شيعية !!

محسن احمد 
اكثر الأخبار تداولاً في الاعلام العالمي هي الأنباء التي تتناول الاحداث والحروب ومجرياتها والمعارك الدائرة في فلكها وتصل ذروة الاهتمام بهذه الأخبار كلما اقترب تواجد المتلقي واقترب مكان إقامته لتلك الحروب والصرعات القائمة وتخف نسبة الاهتمام كلما خف الخطر وقل نسبة التأثير على الحالة الاقتصادية او الأمنية او التغيرات والتقلبات السياسية .
ومنطقتنا هي مركز هذا الاهتمام والثقل للاسف من الناحية السلبية وهذا التميز ليس وليد سنوات الصراع السوري الممتد لسنوات خمس ولا قبله جاره العراقي وإنما يمتد لعقود وقرون والمنطقة تعيش في صراعات وحروب مستمرة مع هدوء نسبي احيانا ، الثورات الكوردية في شمال وجنوب وشرق كوردستان و الحرب في أفغانستان وحرب الثماني سنوات بين العراق وإيران والحروب العربية الإسرائيلية وحروب الاستقلال لدول المنطقة وصولا بشكل تنازلي الى حروب كربلاء والنقطة المفصلية في صراع طائفي ومذهبي سني شيعي يتجدد بين الحين والآخر بأشكال وطرق مختلفة لكن النتيجة واحدة وهي مزيد من الحروب مزيد من القتلى والدمار مزيد من الاحتقان والكره المتبادل وبناء جدران من الحقد وعدم تقبل اي تفاهم وشراكة مستقبلية .
كانت هناك حرب باردة في الأفق المعلن والمبطن بين قطبي هذا الصراع الذين يتبنون هذين الاتجاهين المتناحرين بشكل دائم ايران الشيعية والسعودية الوهابية الحاضنة الاساسية للفكر المتطرف السني . يعود بداية هذا التناحر في العصر الحديث الى الحرب العراقية الإيرانية والدعم الخليجي الكبير واللا محدود لنظام صدام البائد وانتقل لاحقا الى استغلال الفصائل الفلسطينية واللبنانية والعراقية من كلا الطرفين لمصالح معينة وثابتة  وغايات مشبوهة وهنا لا بد من التنويه الى الصدام بين هذين الطرفين في البحرين ومن ثم الصدام في اليمن والتناحر الطائفي وخلافات المذاهب وقود هذه الخلافات لنصل في النهاية الغير اخيرة الى الصراع السوري الدموي وايجادهم للأرضية المناسبة فلا الارض لهم ولا الشعب قريب عليهم فكان استغلال هاتين الدولتين لحاجة الأطراف المتناحرة داخل سوريا الى ممولين لهذه الحرب واستمراريتها الحلقة المفقودة والقاسم المشترك لهذا التجاذبات وحقول التجارب  .
 السعودية كانت مستمرة ولم تهدا في البحث عن شركاء وحلفاء في هذا المنحى والنتيجة كانت نهاية العام المنصرم التحالف الاسلامي لمحاربة الارهاب وأقرب الحكومات الى فكرها حاليا هي تركيا لكن النتيجة هي البدا في توجيه رسائل لإيران والشيعة بإعدام المعارض الشيعي النمر بطريقة تشبه اعلان تركيا الحرب على داعش بشكل نظري لكنها بدأت الحرب وانهاء عملية السلام  مع حركة التحرر الكوردستانية والشعب الكوردي في شمال كوردستان بمدنه وقراه  بشكل فعلي وعمل ممنهج .
هنا وعند الحديث عن صراعات وحروب دينية طائفية مذهبية لابد من التذكير بحرب الثلاثين عاماً في اوربا (1618- 1648) بدايتاً بين الكاثوليك والبروتستانت والنهاية صراع سياسي استعماري بين قوميات ودوّل بنتيجتها حولت اوربا الوسطى وخاصة اراضي المانيا الحالية الى ساحات مفتوحة للمجازر والفظائع البشعة بحق شعوب تلك المناطق وكانت تستخدم جيوش مرتزقة على نطاق واسع لترهيب المنافسين وإطلاق يدهم على النهب واغتنام اي شيء يشتهون من الارض والمال والنساء . فهناك بعض التقديرات تقول ان المانيا لوحدها فقدت 7 سبعة ملاين في هذه الحرب اي ما يقدر 30 % من عدد سكانها في ذلك الوقت والبالغ عشرين مليون تلتها خسائر إيطاليا في المناطق الشمالية بنسبة اقل ورغم ان الديانة المسيحية تمنع تعدد الزوجات إلا ان هذه الحرب اجبرت الأمراء المنتصرون والكنيسة لتغير الكثير من سياستها وتعديل بعض القوانين والسماح مثلاً في تعدد الزوجات لتعويض النقص في عدد الرجال الذي قل الى النصف في بعض ولايات المانيا .
نتيجة اي حرب وصراع مزيد من الضحايا والقتلى وتهجير وتنافر وتغذية الاحقاد وتقيد الحريات وممارسة ضغوط على كل الأطراف وبذلك لا يمكن القول ان هناك منتصر دون خسارة وإنما هناك متضرر اقل خسارة . والصراع المتنامي في منطقة الشرق الأوسط استمرارية لسوابق ولا يمكن الحديث عن مطلقاً عن حلول واتفاقيات في المنظور القريب وإنما على النقيض هناك احتمالات اكبر لتأجيج هذه الصراعات وتطورها الى موجهات مباشرة في الوقت الذي كانت حتى الان بطرق غير مباشرة وعن طريق وكلاء وتوابع .
زر الذهاب إلى الأعلى