المجتمعمانشيت

جمعيات إنسانية ترسخ التغيير الديمغرافي بعفرين

يمارس الاحتلال التركي ومرتزقته جميع أنواع الاستبداد والانتهاكات الجسيمة بحق أهالي مدينة عفرين المحتلة منذ أكثر من عام، حيث يعاني أهالي عفرين من سياسات تفقير منهجية متعمدة؛ كانت بدايتها موجة سرقة واسعة إبَّان الاحتلال التركي ومرتزقته عند السيطرة على عفرين في 18 من آذار العام الماضي إثر عملية عسكرية استمرت قرابة شهرين، حيث أبدت فيها أهالي عفرين مقاومة خالدة “مقاومة العصر” ضد ثاني أكبر قوة في حلف الناتو وبعد مقاومة دامت 58 وبإيعاز وضوء أخضر من روسيا سيطرت القوات التركية المدعومة بفصائل مسلّحة ومجهزة من جانب أنقرة على عفرين، ما أدى ذلك إلى نزوح عشرات الآلاف من أهالي المدينة وقتل واعتقال وممارسات وحشية بحقهم وسط صمت دولي مخزي، لتكشف سياسات وأهداف حكومة أردوغان العدائية نحو الكرد عموماً، والمتمسكة بأفكارها المتشددة لإنكار وجود الكرد ودورهم التاريخي الحضاري والإنساني في المنطقة، وهي تحاول باستمرار نفي كفاحهم من أجل قضاياهم الديمقراطية وحقوقهم، فالكرد يكافحون الإرهاب أينما وُجِد، في حين تَعمَلُ الدولة التركية على إلصاق تهم الإرهاب والانفصالية بهم، وما يفضح سياسات أردوغان ومطامعه من خلال تصريحاته الهجومية والشوفينية أكثر هو التغيير الديمغرافي الممنهج لمنطقة عفرين واستقدام مستوطنين من مناطق أخرى وإسكانهم في عفرين ونهب وتدمير معالم المدينة، إضافة إلى بناء الجدار العازل الذي يهدف إلى اقتطاع عفرين من الأراضي السورية وضَمِّها إلى تركيا.

إن الفصائل الاسلامية والمجموعات الإرهابية وبأمر من تركيا تستمر في إباحة حُرمة عفرين، فمؤخراً عملت مرتزقة الدولة التركية على استقدام الآلاف من مسلحي إدلب وريف حماة الشمالي الفارين من قصف الطيران على مناطق شمال غرب سوريا ومن بينهم عناصر من جبهة النصرة المصنفة إرهابياً وأدخلوهم المنطقة مع عوائلهم واسكنوهم في مدينة عفرين إلى جانب مستوطنين من الغوطة الشرقية وريف حمص كانوا قد استقروا في عفرين العام الماضي، أمَّا ما تبقى من الأهالي الأصليين فيتعرضون وبشكل يومي وحتى اللحظة إلى انتهاكات تشمل الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري ومصادرة ممتلكاتهم ونهبهم لتهجيرهم أيضاً، ناهيك عن التمييز الذي يتعرضون له من قبل الجمعيات ومنظمات إغاثية، ففي مقاطعة عفرين تعمل أكثر من 25 منظمة وجمعية إغاثية وطبية وتنموية، غالبيتهم حصلت على تراخيص من تركيا إلى جانب الهلال الأحمر التركي، كلها تعمل لصالح هؤلاء المستوطنين، إلى جانب حالات الفساد والسرقة التي تحدث للمواد الإغاثية والمساعدات والسِّلال الغذائية من قبل مسلحو الجيش التركي، أما الجمعيات الأخرى هي أيضاً تتخوف من تهديدات مرتزقة الاحتلال التركي.

وازدادت أعداد هذه المنظمات والجمعيات الإغاثية في عفرين خلال هذه الفترة بعد حصولها على تراخيص عَمَل من والي هاتاي والمجلس المحلي الموالي لتركيا، وذلك لتعمل على دعم وتلبية حاجات المستوطنين ليتمسكوا بالمكان الذي استوطنوا فيه وما تبقى من الأهالي فيتعرضون وحتى اللحظة إلى انتهاكات تشمل الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري ومصادرة الممتلكات والنهب والتغيير الديمغرافي الممنهج من خلال الاستيطان لعوائل المرتزقة وعناصر الفصائل الارهابية.

ورغم ازدياد تلك المنظمات والجمعيات، فهي تعمل على حرمان من تبقى من أهالي عفرين بالرغم من أوضاعهم المعيشية الصعبة، فما تسعى إليه تركيا ومرتزقتها هو إفقار الأهالي بكافة الطرق لترك قراهم واللجوء إلى مناطق أخرى حتى يتسنَ لها ممارسة سياستها في التغيير الديمغرافي على أكمل وجه إلى جانب ما تفعله من انتهاكات بحق أهالي عفرين.

هذه المنظمات والجمعيات الإغاثية والتنموية وعلى مرأى الجميع تقوم بتوزيع السلال الغذائية والحصص والمساعدات والدعم المادي على المستوطنين فقط تحت إشراف عناصر من مرتزقة الاحتلال التركي الذين يقومون بأنفسهم بتوزيع المواد الغذائية على عائلاتهم والمستوطنين.

والجدير بالذكر أن هناك خمس جمعيات إغاثية غالبيتها من مدينة إعزاز والباب إلى جانب الهلال الأحمر التركي تعمل حالياً في عفرين، لتقوم بعملها بأكمل وجه وتوزيع المساعدات الإغاثية والطبية على مستوطني الغوطة الشرقية وريف حمص وغضِّ النظر عن  سكان عفرين الأصليين،  فتقوم الميليشيات ومرتزقة الاحتلال التركي بسلب حصص من المواد الإغاثية بقوة السلاح من المنظمات والجمعيات الأخرى التي تقوم بتوزيع المعونات  والدعم في منطقة عفرين، وتتدخل في عمليات التوزيع وتسجيل الأشخاص كما ترغب هي، هذه الجمعيات كما تَدَّعِى تعمل تحت يافطة الإغاثة والمساعدات الإنسانية، تُوزع المعونات بطريقة عنصرية عبر التمييز بين السكان الأصليين والمستوطنين فأين هي الإنسانية!!؟.

إضافة إلى كل ذلك يقوم مرتزقة الاحتلال التركي بعمليات النهب المسلح لِفُرُشِ المنازل التي لا يزال أهلها مهجرون قسراً في محيط عفرين وتوزيع تلك المسروقات على المستوطنين القادمين من أرياف الغوطة وشمال حمص وجنوب دمشق ومؤخراً من إدلب وريف حماه الشمالي.

وتجري هذه الانتهاكات على مرأى العالم بأكمله، وهذا ما يعتبر إشارة صريحة عن رضا الدول الضالعة في الصراع السوري عما يفعله الاحتلال التركي ومرتزقته بحق الشعب العفريني من “تهجير وتغيير ديمغرافي، ..” لترسيخ سياساتها الاستعمارية.

إعداد: بارين قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى