المجتمعمانشيت

ثورة الـ 19 من تموز ثورة الشعوب التواقة للحرية وللديمقراطية

ثمة حقيقة لابد وان تكون محل تسليم وهي ان الحرية والديمقراطية – ثقافة وفكراً وسلوكاً – تحتل مكانة متأخرة في منظومة الوعي السياسي الراهن في بلدان الشرق الأوسط عموماً، سواء أكانت على مستوى النخبة السياسية ( الطغمة الحاكمة)التي حكمت البلدان بالحديد والنار تارة وبالزيف والمراوغة تارة أخرى ، أو على مستوى  بعض النخب التي تدعي السياسة.

 أما الخطوة الاولى والاساسية نحو المشروع الديمقراطي فيتمثل بنشر ثقافة الديمقراطية والتعددية والحوار والاختلاف وحقوق الانسان في كل خلايا المجتمع ومؤسساته التعليمية والاعلامية والثقافية وبناء قاعدة مجتمعية متينة قائمة على أساسا المساواة، وتأخي الشعوب، بالطبع الانطلاقة بدأت من أرض الحضارات الإنسانية حيث منبع القيم الإنسانية والمجتمعية ككل، ولا شك بأن هذه الحقيقة ظهرت للعيان خلال ثورة 19 تموز والتي انطلقت من روج آفا من مدينة كوباني تلك المدينة التي أصبحت اسطورة للمقاومة للعالم أجمع.

كل ذلك يقودنا الى سؤال مهم وضروري خاصة في ظل المتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة برمتها خاصة سوريا والسؤال هو: الى اي مدى ستنصاع السلطات الحاكمة الإقليمية والدولية إلى إرادة الشعوب في انجاز مشروعهم الديمقراطي بعد أن ثبت فشل كل المشاريع السلطوية بكل أشكالها.

 لقد نجحت الشعوب في شمال سوريا من التخلص ولو بشكلٍ أولي من مخلفات الذهنية الاستبدادية القوموية وهي متجهة لبناء وترسيخ مشروعها الشعبي الديمقراطي بعد عقودٍ طويلة من حالة الطوارئ والقوانين التعسفية لكن هذا الطموح الشعبي التواق للحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة اصطدم بحائط المطامع والاجندات والمصالح للأنظمة الديكتاتورية المتماثلة مع قوى الهيمنة والتي تعمل بشتى الوسائل لتمرير سياساتها على حساب إرادة الشعوب.

معروف عن سوريا، وعلى وجه الخصوص مناطق روج آفا والشمال السوري، بالتنوع الاثني والعرقي والحضاري الكبير لشعوبها، لكن ذهنية الدولة في الإقصاء والإنكار أو الاحتكار والاستغلال كانت السبب في قتل وطمس الكثير من هذه الملامح العريقة ضمن النسيج المجتمعي السوري، كما في وضع الشعب الكردي المضطهد بالدرجة الأولى وذو التاريخ العريق والأساسي في سوريا يليه عدد آخر من الأعراق والأديان التي طمستهم آلة الدولة الاستبدادية.

ما حققته ثورة 19 تموز للشعوب (الكردية-العربية-السريانية-الآشورية-التركمانية-الأرمنية الشركسية….) في سوريا هو إعادة كافة مكتسباته في اللغة والثقافة والتراث والمجد التاريخي والتنظيم وإدارة حياته الاجتماعية وفق طبيعته وإرادته.

 يمكن القول وبكل موضوعية إن ثورة الـ 19 من تموز إعادة تمتين العلاقات الاجتماعية بين كافة الأعراق والإثنيات بعد عقود من سياسات التفرقة والعنصرية والتهميش، وهي تؤكد اليوم على إن الحل في سوريا لا يمكن من دون إرادة الشعوب التي قدمت وضحت بكل نفيسها في سبيل الحرية والديمقراطية.

ثورة الـ 19 من تموز لم تكن ثورة الكردي فقط بل كانت ثورة العربي والسريان والتركماني والشركسي والايزيدي والمسلم والعلوي والدرزي …. ثورة تمثلت فيها حتى غير السوريين الذين يسعون للحفاظ على القيم الإنسانية ومآثرها، مباركة هذه الثورة لشعوب سوريا ومكوناتها.

زر الذهاب إلى الأعلى