آخر المستجداتالأخبارمانشيت

المرصد السوري لحقوق الانسان يحصي انتهاكات ستُّ سنوات منذ الاحتلال التركي لعفرين

أكثر من 8700 حالة اختطاف واعتقال تعسفي.. ونحو 4000 انتهاك آخر بحق الحجر والشجر

مقدمة

يصادف اليوم الذكرى السنوية السادسة على “كارثة عفرين” المتمثلة باحتلال القوات التركية لمدينة عفرين وريفها بعد عملية عسكرية واسعة برفقة فصائل سورية موالية لها تحت مسمى عملية “غصن الزيتون” التي بدأت في كانون الثاني/يناير من العام 2018 وأفضت إلى احتلال القوات التركية للمنطقة في 18 آذار/مارس من العام ذاته.

6 سنوات والقوات التركية والفصائل السورية التابعة لها تعيث فساداً بعفرين بعد تهجير القسم الأكبر من أهلها وسلب ممتلكاتهم وأرزاقهم، وأمام مرأى العالم ومسمعه تستمر الانتهاكات في عفرين في ضرب واضح لكل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع يكبح التجاوزات والجرائم بحق المكونات بتلك المنطقة برغم التحذيرات المتواصلة من خطورة ما آلت إليه الأوضاع هناك.

ومع مرور السنوات لايزال أهالي عفرين من الكورد يحلمون بالعودة لمنازلهم لكن دون أدنى شك ليس تحت سلطة القوات التركية، لكن حلمهم هذا يقابله نسيان أو تناسي من قبل الجهات الدولية المعنية وصمت مخيب عن كل التجاوزات التي تحدث في عفرين التي باتت أشبه بولاية تركية يُرفع فيها العلم التركي ويُجبر أهاليها على تعلّم لغتها والتفريط في أرضهم وبيوتهم للفصائل الموالية لأنقرة التي نصبت مدارسها ومحاكمها وقضاتها للسير ضمن مخطّط احتلال خبيث على الرغم من النشر المستمر من قبل المرصد السوري لحقوق الإنسان لجميع الانتهاكات المرتكبة.

ليست مجرد أرقام...

لابد من التذكير في كل مرة أن الاحتلال التركي لعفرين وريفها دفع مئات الآلاف من أهلها -أي أكثر من 310 آلاف “بنسبة 56%” من الأهالي إلى النزوح والهروب من بطش الجماعات المسلحة الموالية لتركيا، بينما لم تسلم ممتلكاتهم من انتهاكات الفصائل الموالية لأنقرة، ومن اختار المكوث بعفرين من أبنائها رافضاً للتهجير، طالته يد الظلم والتنكيل والاعتقال وعانى شتى أنواع الانتهاكات، فعمليات الاعتقال مستمرة، والخطف بهدف الفدية متواصل، ومصادرة المواسم قائمة، والاستيلاء على المنازل والمحال والسيارات بات خبراً يومياً، وذلك في إطار قانون الغابة الذي تشرف عليه حكومة أنقرة، والذي يهدف بشكل رئيسي إلى دفع من تبقى من أهالي المنطقة للخروج من مناطقهم بغية استكمال عملية التغيير الديمغرافي التي تسعى لها تركيا.

وفي هذا السياق وثق المرصد السوري استشهاد 668 مواطن كردي في عفرين بينهم 97 طفل و88 مواطنة في انفجار عبوات وسيارات مفخخة وتحت التعذيب على يد فصائل عملية “غصن الزيتون”، وفي القصف الجوي والمدفعي والصاروخي التركي، وفي إعدامات طالت عدة مواطنين في منطقة عفرين، وذلك منذ الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام 2018 وحتى يومنا هذا.

كما وثق المرصد السوري منذ السيطرة التركية على عفرين وحتى مساء 17 آذار/مارس 2024، اختطاف واعتقال أكثر من 8729 من كورد عفرين، من بينهم 1123 لا يزالون قيد الاعتقال، فيما أفرج عن البقية بعد دفع معظمهم فدية مالية باهظة، تفرضها فصائل “الجيش الوطني” التابعة والموالية لأنقرة.

في حين تشير إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى توطين أكثر من 4476 عائلة من محافظات سورية أخرى في عفرين، بعد أن هُجروا أيضاً من مختلف المحافظات وأجبروا على النزوح، وذلك في إطار التغيير الديمغرافي من قبل الحكومة التركية، بعد الاتفاقات الروسية-التركية التي أفضت إلى تسليم عفرين للأتراك مقابل سيطرة النظام على الغوطة الشرقية، ولطالما حذر المرصد السوري لحقوق الإنسان من السياسة التركية الممنهجة لإحداث تغيير ديمغرافي في عفرين منذ احتلالها عقب تهجير أكثر من نصف أهلها، وتوطين آلاف العوائل فيها، دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكناً.

انتهاكات بحق الحجر والشجر...

إلى جانب حالات الاختطاف والاعتقال التعسفي، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان على مدار 6 سنوات من الاحتلال التركي لعفرين، أكثر من 3986 انتهاك بأشكال عدة، توزعت على النحو التالي:

– 1246 عملية استيلاء على منازل ومحال تجارية وأراضي زراعية في عفرين والنواحي التابعة لها، من قبل عناصر وقيادات الفصائل الموالية للحكومة التركية، حيث تعود ملكية هذه العقارات لمهجرين من المنطقة بفعل عملية “غصن الزيتون” بالإضافة لمواطنين رفضوا التهجير.

– 449 حالة بيع لمنازل مهجرين كانت الفصائل قد استولت عليها بقوة السلاح، حيث تتم عملية البيع بأسعار زهيدة وبالدولار الأميركي تحديداً.

– 734 عملية “فرض إتاوة” من قبل الفصائل والمجالس المحلية على المدنيين، مقابل السماح لهم بزراعة أراضيهم وجني محصولها، وتتمثل تلك الإتاوات بدفع الأهالي لمبالغ مادية بالدولار الأميركي والليرة التركية، أو نسبة من أرباح المحصول أو كمية منه.

– 1101 عملية قطع للأشجار المثمرة من قبل فصائل الجيش الوطني شملت قطع آلاف الأشجار المثمرة إن لم يكن عشرات الآلاف منها، لبيعها واستخدامها كوسيلة للتدفئة.

– 456 عملية اعتداء من قبل فصائل الجيش الوطني بمختلف مسمياتها على مدنيين لأسباب مختلفة.

وفي إطار تغيير ديمغرافية مدينة عفرين وبناء المستوطنات، رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان العام الفائت، إنشاء مستوطنة جديدة للنازحين السوريين باسم “أجنادين فلسطين” تحت إشراف القوات التركية والفصائل الموالية لها، في قرية “أجنادين فلسطين” بناحية جنديرس بريف عفرين شمالي حلب، وسط أجواء احتفالية في المكان بعد استكمال بناء وتجهيز نحو 40 منزل.

من جهتها “منظمة فريق إدلب الوطن” قامت بتوزيع 40 منزل على عناصر فصيل “أحرار الشام” الموالي لتركيا والمسيطر على عدة قرى في جنديرس كما تضمن المشروع بناء 200 منزل مع مرافق خدمية تشمل بناء مدرسة ومسجد ومعهد شرعي لتحفيظ القرآن الكريم وملحقات، وبحسب مصادر المرصد السوري لحقوق الانسان، فان المشروع بني على أرض زراعية تحت تهديد السلاح مساحتها 4 هكتارات تعود لأبناء “مجيد ومراد منان” من أهالي قرية شيتكا لكل شقيق هكتارين، تم الاستيلاء عليها بعد احتلال عفرين عام 2018 ، وتَعْمَد القوات التركية والفصائل الموالية لها وضمن سياستها في عملية التغيير الديمغرافي على جلب المهجرين

حساب إخراج أهالي عفرين الأصليين تحت قوة السلاح والتهديد.

في حين أقدم فصيل “أحرار الشرقية” على بناء مجمع سكني جديد، على الطريق الواصل بين جنديرس – عفرين، بعد قطع 280 شجرة، تعود ملكيتها لمهجرين من أهالي عفرين، ينحدران من قرية شيتكا التابعة لناحية المعبطلي بريف عفرين، لاستيطان عوائل موالية لها،ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فأنه سيتم تزويد هذا المجمع السكني بـ 200 منزل مسبق الصنع، من قبل منظمة “أجنادين” الفلسطينية، بعد توقيع عقد معها من قبل فصيل “أحرار الشرقية” وبموافقة تركية، وبموجبه سيكون المجمع تحت إشراف المنظمة بشكل مباشر، وكخطوة أولية تم إرسال 20 منزل مسبق الصنع إلى المجمع السكني الجديد، في حين سيتم إرسال المنازل المتبقية على شكل دفعات.

الخاتمة

وأمام استمرار الانتهاكات تتواصل الدعوات إلى وضع قوانين صارمة تحارب الممارسات الهمجية لكل من شارك في الاتّجار والتنقيب غير المشروع أو بيع تلك اللقى الأثرية إلا أن تلك المساعي ينقصها الدعم الدولي المؤمن بخصوصية الحفاظ على تراث كل منطقة.

ولطالما حذّر المرصد السوري لحقوق الإنسان من المساعي الرامية إلى إحداث تغيرات ديمغرافية، وفرض الاستيطان التعسفي وسط صمت دولي أمام هذه الانتهاكات المخزية بحق السكان الذين تمّ تهجيرهم قسريا والاستيلاء على ديارهم وعقاراتهم وأراضيهم بالقوة.

ويدعو المرصد السوري المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل لإنقاذ المنطقة من براثن القوات التركية والفصائل الداعمة لها، ولحماية آثارها وهويتها من عمليات التغيير الديمغرافي، إلى جانب السعي إلى الكشف عن مصير المخطوفين وإعادة المهجرين إلى مناطقتهم والعمل على بسط الأمن هناك وطرد الفصائل المخرّبة، وهي أهداف قد تتحقق بخروج المحتل وتحقيق الاستقرار السياسي وتنفيذ القرارات الدولية.

 

كما يذكّر المرصد السوري بأن مكونات المجتمع في عفرين تتعرّض لانتهاكات عديدة، من تهجير وقتل وتعذيب وتشليح ومنعهم من ممارسة طقوسهم الدينية والاحتفاء بأعيادهم السنوية، هذا فضلا عن سياسة التتريك.

ويجدد المرصد السوري دعوته الملحة للمجتمع الدولي كي يدعم عفرين وسكانها ويعمل على إعادة بريق عفرين وعودة أهلها إليها.

ويدعو المنظمات المحلية والدولية إلى التعاون لكسر حاجز الصمت حيال الأوضاع السيئة السائدة في المنطقة، وفضح التجاوزات والانتهاكات الخطيرة التي جعلت عفرين مقاطعة تتكلم اللغة التركية وتُكره على الخضوع لقوانين المليشيات المتطرفة.

زر الذهاب إلى الأعلى