مانشيتمقالات

المخلّص الموعود

يوسف كوتي ــ

قضية دامت لعقود من الزمن قيد الكتمان، وكأنها تنتظر المخلّص الموعود الذي سيأتي ليخلصها من براثن جاهلية العصر ونماردها؛ تلك القضية التي تحولت إلى أسيرة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي لا تُحصى ولا تُعد، وجميعها استهدفت شعباً لم يحتل شبراً واحداً من جغرافية دولة من الدول التي تعاديه وتتآمر عليه، ولم تحدث تغييراً ديموغرافياً في البنية الاجتماعية لأي شعب كان؛ حتى يصبح هدفاً للسياسات الشوفينية الإقصائية والعنصرية والطائفية للأنظمة المعادية للقضية الكردية التي تعيش منذ قرون غابرة ذاق الكرد فيها مرارة الظلم والاضطهاد، وتعرضوا لعشرات المجازر التي تحتل أعلى مراتب جرائم الحرب نتيجة السياسة الشوفينية التي تمارسها الأنظمة المحتلة لكردستان وبدعم مباشر وغير مباشر من القوى الدولية المهيمنة بقيادة الحلف الأطلسي “الناتو” الذي تأسس على أنقاض الحربين العالميتين الأولى في ١٩١٤ م والثانية في  ١٩٣٩ م بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي خرجت من الحرب العالمية الثانية منتصرةً بعد ارتكاب أبشع مجزرة في المدن اليابانية (هيروشيما وناغازاكي) حيث لقي مئات الآلاف من الأبرياء حتفهم بقنبلتين ذرِّيَتين في عام  ١٩٤٥ م لتضع تلك الجريمة نهاية للحرب الطاحنة التي ابتلعت أرواح عشرات الملايين من البشر أغلبهم من المدنيين.

لذا وبسبب تلك السياسات الإقصائية الشوفينية؛ كان لا بد من ظهور مُخَلِّصٍ يقود الثورة الأخلاقية العلمية التي تستند على حقيقة شعب أصبح هدفاً لسخرية السياسات الشوفينية الإقصائية؛ لتضع كردستان مولودها المنتظر “عبد الله أوجلان” الذي وُلِد من خاصرة سياسة الإبادة العرقية والطائفية التي انتهجتها الأنظمة العنصرية المتتالية في تركيا، والتي كانت وما تزال تحرم الكرد من كافة حقوقهم. لذا فولادة القائد عبد الله أوجلان في مرحلة بغاية الحساسية حيث يتعرض فيها شعب عريق لأبشع أنواع الاضطهاد يكون بمثابة ملحمة الانبعاث وهي ولادة شعب بكامله من العدم. جميعنا وُلِدنا من رَحِمِ أنثى إلا أن القائد “عبد الله أوجلان” وُلد من رحم القضية ليدخل فكره وفلسفته في صراع مع أيديولوجية الحداثة الرأسمالية العالمية التي تتربع على عرش الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية العالمية؛ ليصبح صاحب أكبر مشروع ديمقراطي تعددي في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يقوده نظام الهيمنة المركزية الأمريكية الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة لدويلات قوموية طائفية متناحرة؛ لأنه لا يمكن للرأسمالية الحفاظ على البقاء دون افتعال الأزمات التي تولد من خضم الأنظمة الأحادية البعيدة كل البعد عن الذهنية التشاركية.

لكل هذه الأسباب؛ فولادة القائد والمفكر “عبد الله أوجلان” هي ولادة المخلّص المبشر بالنصر الذي قَدِم ليخلص البشرية من قيود العبودية والظلم والاضطهاد المفروضة على شعوب المنطقة وعلى رأس هذه الشعوب الشعب الكردي الذي يتعرض لأبشع أنواع الإبادات الثقافية والجسدية على يد أعتى الأنظمة الشمولية الشوفينية؛ حيث أصدر القائد الأسير جسدياً والحر فكرياً مجموعة كُتب فكرية وفلسفية معنية بالقضية الكردية ودراسة سسيولوجية تقييمية للحالة الاجتماعية والسياسية والحقوقية المشوَّهة، وطرح الحلول الجذرية المناسبة للقضايا العالقة والأزمة الشرق أوسطية التي تحتل مرتبة الأولويات في فكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان.

زر الذهاب إلى الأعلى