مقالات

اللعبة القذرة

محمد ايبش

نتيجة السعي الدؤوب لنظام الهيمنة العالمي لتنفيذ مشروعه المعنون بالشرق الأوسط الجديد أو الكبير والذي يهدف إلى تقسيم المقسم ونشر الفوضى والقيام بتحضيرات لعقد لوزان جديد يتناسب مع مصالح هذا النظام الذي يبتعد عن القيم الإنسانية، ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على المرحلة الراهنة نجد أن السيناريوهات مستمرة بشكل متناسق لتعميق  النزاعات بين الدول التي رُسمت حدودها في القرن الماضي بعدما أقروا في لوزان  24 تموز 1923 خارطة تقسيم المنطقة التي رسمتها بريطانيا وفرنسا وشكلت كيانات قومية على مقاس مصالح الذين رسموا تلك الخارطة وأعطوا دوراً للشريف حسين لتكريس مخطط التقسيم وإنشاء22 كياناً عربياً تمهيداً لتنفيذ وعد بلفور لخلق الكيان الصهيوني، وجاء ذلك بموافقة عربية غير معلنة، واستطاعوا تأمين مصالحهم عبر هذه السياسة إضافة إلى محاربتهم لجميع الحركات التحررية والثورية، واستخدمت الجمهورية التركية والأنظمة الاستبدادية في المنطقة بهذه المهمة “إيران  وتركيا”، وكان لروسيا السوفيتية الدور الأبرز في قمع الانتفاضات الكردية  في تركيا وإيران وبالاتفاق مع البريطانيين وقمع الحركات اليسارية في تركيا جاء ذلك بدعم أمريكي وغربي في بداية السبعينات من القرن الماضي وتصاعد هذا الدعم للفاشية التركية ضد حركة حرية كردستان أمريكياً وأوروبياً عبر المؤامرة الدولية التي استهدفت قضية الشعب الكردي في شخص المناضل والمفكر عبد أوجلان واستمرار العزلة المفروضة عليه منذ أكثر من عامين ونصف بالتزامن مع تقديم الدعم اللامحدود لتركيا الإخوانية في حربها ضد كريلا حزب العمال الكردستاني PKK، إضافة إلى غض الطرف عن ممارسات الفاشية التركية ضد مناطق شمال وشمال شرق سوريا والتبريرات الأمريكية للتغيير الديمغرافي لمنطقة عفرين وبقية المناطق المحتلة من قبل النظام التركي.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن الدولة التركية ورئيسها أردوغان غير قادرين على رد طلب الدول التي شاركت في المؤامرة الدولية ضد قضية الشعب الكردي في شخص القائد والمفكر الأممي عبدالله اوجلان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فما زالت المؤامرة مستمرة والعزلة ستستمر لحين الانتهاء من وضع الخارطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط واللاعب الرئيسي هو نظام الحداثة الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وما يحصل الآن في شمال وشرق سوريا ليس ببعيد من أن تقوم أطراف الصراع في سوريا لاستكمال اللعبة القذرة وإشعال فتيل الحرب عبر أجنداتها من فصائل ما يسمى بالجيش الوطني والعشائر العربية والمجلس الوطني بناء على توجيهات قيادة حزب الديمقراطي الكردستاني المتمثلة بشخص مسعود البرزاني وذلك بحكم علاقاته مع دول الخليج العربي وتركيا فالولايات المتحدة ستبرر موقفه من خلال إسهامات الحزب الديمقراطي الكردستاني في نقل فصائل ما تسمى بالجيش الوطني إلى منطقة التنف، ولا يستبعد أن تستخدم أمريكا هذه الاسهامات لحكومة اقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني PDK كوسيلة ضغط على قوات سوريا الديمقراطية لأنها رفضت الاملاءات الأمريكية وعدم قبولها في المشاركة بأي حرب ضد دول الإقليم إلا إذا تعرضت للهجوم من قبل تلك الأطراف، ومن هنا نستطيع القول بأن الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه السياسة والحيلولة دون إنجاح خارطة جديدة ولوزان جديد، هو تعميق مفهوم الأمة الديمقراطية والعيش المشترك وأخوة الشعوب، وبذلك يمكن القول بأنه السبيل الوحيد لقطع الطريق أمام هذه الحرب القذرة والتي تسعى الولايات المتحدة وشركاؤها في الناتو إلى إشعالها في سوريا وكردستان بغية النيل من إرادة الشعوب الراغبة في العيش المشترك انطلاقا من براديغما الأمة الديمقراطية والوصول إلى بناء الانسان الحر.

زر الذهاب إلى الأعلى