الأخبارمانشيت

القائدة الكردية السورية تسأل الولايات المتحدة لإنقاذ شعبها من الكارثة

عندما كانت (إلهام أحمد) تبلغ من العمر 20 عاماً، كان والداها يحبسانها بمنزلها في عفرين بسوريا، لمنعها من الانضمام إلى الحركة النسوية الناشئة في البلاد.

كانت جهودهم عبثا, لقد كُسر الحصار, كما وصفته، وفي التسعينيات أصبحت مدافعةً عن حقوق المرأة في جامعة حلب، حيث درست الأدب العربي.

وفي هذه الأيام تقوم بخوض معركة أوسع, بصفتها الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية- الذراع السياسي لقوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة والتي يقودها الكرد, والمحررون لجزءٍ كبير من شمال وشرق سوريا من الدولة الإسلامية (داعش).

تُعتبر (إلهام أحمد) اليوم واحدةً من أكثر النساء قوةً في سوريا, وهي الآن في واشنطن للضغط على الولايات المتحدة (المشرعين والمسؤولين في الإدارة – بما في ذلك الرئيس نفسه) من أجل انسحابٍ منسقٍ من سوريا يكون من شأنه تأمين مصير الكرد السوريين.

على المحكّ ليس فقط مستقبل الكرد بل كل السوريين، حيث أن الرئيس بشار الأسد يختم بقايا تمردٍ استمر ثماني سنوات, ويحاول استعادة سلطته المطلقة في جميع أنحاء البلاد, ومن المتوقع أن يسمح الأسد الذي يملك تأييد الآلاف من أبناء شعبه بإدخال أسمنت طهران إلى سوريا ليشيدوا بمراكز دينية جديدة محلّ المساجد السنية المحلية, ويعرضون العمل برواتب على الشباب العاطلين عن العمل, للانضمام إلى الميليشيا الإيرانية.

وعلّقت أحمد على ذلك: “إنها كارثة”.

حتى قبل أن يعلن الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر 2018 أن الولايات المتحدة ستسحب القوات من سوريا، كان الكرد السوريون يواجهون بالفعل أزمةً وجودية, وقد هدّدت تركيا التي تنظر إلى المقاتلين الكرد السوريين على أنهم إرهابيون، مراراً وتكراراً بشن هجومٍ عسكري شامل عليهم, في هذه الأثناء يحاول نظام الأسد الذي هزم إلى حدٍ كبير انتفاضة الثوار التي بدأت في عام 2011، استعادة السيطرة على شمال وشرق سوريا، حيث كانت قوات سوريا الديمقراطية مدعومة من تحالف تقوده الولايات المتحدة  تقاتل الدولة الإسلامية, كما كانت تتعرض للهجوم باستمرار من قبل إيران والميليشيات الإيرانية.

ثم جاء إعلان ترامب المفاجئ الذي أدّى إلى استقالة اثنين من أكبر حلفاء الكرد في واشنطن: وزير الدفاع (جيمس ماتيس) و(بريت ماكغورك)  المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف لهزيمة الدولة الإسلامية.

وقالت أحمد: إن القرار اتُّخذ على نحو مفاجئ, وقوض محاولاتهم لحل سياسيّ مع نظام الأسد.

وأضافت أحمد: بالطبع هذا القرار غيّر العملية السياسية.

 وبينت أنهم يستشعرون الضعف, وقد استغلّ الخصوم الفرصة لتصعيد تهديداتهم, وقالت: لهذا السبب دائماً ما نقول إنّه من المهم للغاية التوصل إلى اتفاقٍ سياسي قبل أن تنسحب الولايات المتحدة تماما.

في نهاية المطاف يسعى الكرد جاهدين من أجل التوصل إلى تسويةٍ للحرب الأهلية, التي من شأنها أن تسمح لهم بالبقاء جزءاً من سوريا ولكن ليس تحت سيطرة نظام الأسد المركزي.

وعلى حد قول أحمد: نريد أن يعترف نظام الأسد بإدارة شمال وشرق سوريا, وإجراء تغييرات جوهرية على الدستور السوري، بما في ذلك إنشاء نظام برلماني يتمّ تمثيل الحكومات المحلية فيه, ويجب أن يتضمن الدستور الجديد المساواة بين الجنسين والحرية الدينية والعرقية والثقافية.

وأكدت أحمد قائلةً: إننا نرفض أن نكون تحت حكم الأسد إذا حافظوا على نفس الدولة.

كما دعت أحمد الولايات المتحدة إلى تأمين “منطقة آمنة” للكرد قبل الانسحاب الكامل، لكنها رفضت بشكلٍ قاطعٍ فرض سيطرة تركيا على المنطقة.

طرح ترامب في البداية فكرة المنطقة العازلة التي تمتد لمسافة 20 ميلاً من الحدود التركية إلى شمال وشرق سوريا عبر تغريدة هدد فيها أيضاً “بتدمير تركيا اقتصادياً” إذا هاجمت الكرد.

تخشى أحمد من أن السيطرة التركية على الحدود ستجعل مدن حدودية كردية مثل كوباني تلقى نفس المصير الذي تعرض له مسقط رأسها عفرين, التي نهبتها القوات المدعومة من تركيا في العام الماضي. وقالت أحمد: إن السكان ومنظمات الإغاثة ممنوعون من الوصول إلى المنطقة, وفي هذه الأثناء يقوم نظام الأسد بتجنيد اللاجئين الهاربين من عفرين رغماً عن إرادتهم في الجيش السوري.

هذا هو مثال على المنطقة الآمنة التركية

هناك خيار آخر هو أن يقوم نظام الأسد بتطبيق المنطقة الآمنة، لكن أحمد قالت: إن الكرد لن يوافقوا على هذا الاقتراح إلا إذا كان هناك “اتفاق سياسي” مرضي.

من الناحية المثالية ستقوم الولايات المتحدة أو تحالف دولي بفرض المنطقة العازلة، لكن أحمد ليست متفائلة بشكل كبير لهذه النتيجة, ويقال إن إدارة ترامب تحاول تجميع ائتلاف من الدول الغربية بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا للقيام بهذه المهمة، لكن هذه الدول لم توافق بعد على الاقتراح.

أثناء رحلتها إلى واشنطن التقت أحمد مع كبار القادة في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع وفي الكابيتول هيل, وأشارت قائلةً: لدينا القليل من الأمل، فلا تزال هناك العديد من القضايا التي يجب العمل عليها, ورفضت تقديم تفاصيل عن المناقشات.

كما تحاول قوات سوريا الديمقراطية معرفة ما يجب فعله مع أكثر من 800 من مقاتلي الدولة الإسلامية الأجانب، التي تحتفظ بهم من عشرات الدول حول العالم وقالت أحمد: إن السجناء يعاملون معاملة إنسانية, ويسمح لهم حتى بزيارة المحامين، ولكن لا توجد حتى الآن إشارات إلى أن بلدانهم الأصلية ستعيدهم, فلا أحد يسأل عنهم حتى أفراد عائلاتهم.

وأشاد (روبرت بالادينو) نائب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية بجهود قوات الدفاع الذاتي لإعادة  المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، ودعا هذه الدول إلى إعادة مواطنيها ومحاكمتهم, حيث قال:

“على الرغم من تحرير الأراضي التي يسيطر عليها داعش في العراق وسوريا، لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يشكل تهديداً إرهابياً كبيراً، والعمل الجماعي أمر حتمي لمواجهة هذا التحدي الأمني الدولي المشترك.

المصدر: Foreign Policy

زر الذهاب إلى الأعلى