مانشيتمقالات

الحياة النّدية الحرة بفلسفة الأمة الديمقراطية

جاسم محمد الهور ــ

يبدأ تحقيق شعار المساواة بين الجنسين “كمطلب يحقق العدالة بينهما” من خلال فهم حقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة، لأنهما أساس أي أسرة، والأسرة هي أساس المجتمعات ــ لأنها سر الترابط الاجتماعي ــ ولا بد من فهم هذه العلاقة لأنه بدورها تعتبر الركيزة الأساسية لبناء أي مجتمع وتطوره، وهي التي تحدد مصيره، وعلى هذا الأساس فإن بناء مجتمع أخلاقي سياسي هو هدف أساسي للأمة الديمقراطية (ركائزه هي العلاقة المتوازنة بين الرجل والمرأة) على أساس الحياة النّدية الحرة، والذي يضمن لهما وجودهما وكينونتهما بعيداً عن تحكم أحدهما بالآخر، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أهمية تخلص الرجل من الذهنية الذكورية الوصولية، بغية الوصول إلى الصفاء والتوازن فيما بين المرأة والرجل للوصول لحياة ندية حرة حقيقية.

ـ فمفهوم الحياة الندية الحرة.

ـ لغةً: الند هو النظير والمثيل،

ـ اصطلاحاً: الحياة القائمة على أساس المساواة والحرية بين الجنسين، المتخذة من المرأة الحرة والرجل الحر بعيدا عن الانقياد والتبعية من كلا الطرفين أساساً لها،  فهي كفاح الحرية والمساواة ضد العبودية، فالحياة النّدية الحرة بين الجنسين تستلزم تطوير القيم البنيوية والعقلية (المادية ـ المعنوية) في بيئة اجتماعية إيجابية، حيث تهتم الحياة الندية الحرة بقضية المرأة في مجتمعات الشرق الأوسط؛ لأنها تعاني في المجتمعات الشرق أوسطية من الهيمنة الذكورية والطبقية والقمع والاستغلال الرأسمالي، وذلك بتطبيق أسوأ وسائل القمع والاستغلال الفظ على جسد وكدح المرأة. فقد حان الوقت لتنحي التعاطي الجنسوي المتصلب الذليل من مكانه للوصول إلى مفهوم البحث عن صديق أو رفيق ــ فالحياة الأثمن ــ والأجمل يمكن تحقيقها مع المرأة المتمتعة بحريتها وعزتها.

ـ وكذلك الحياة الندية الحرة تهتم بقضية الأسرة والعائلة حيث إن الأسرة هي أساس المجتمع وهي أحد أعمدته المسؤولة عن بناء الأجيال، ولا نبالغ حين نقول، إن بناء المجتمع متوقف على دور الأسرة فيه، فعندما تكون الأسرة ذات دور ريادي في بناء المجتمع كان هذا المجتمع متقدماً ومزدهراً، فالتوافق الزوجي هو تقارب واجتماع الكلام وإظهار المودة والمحبة بين الزوجين، حيث يقصد به القدرة على الوئام مع النفس والبيئة الاجتماعية، ويتوقف هذا النهج على التوافق بين الزوجين.

ـ فالحياة التشاركية الزوجية هي أحد نماذج الحياة النّدية الحرة بعيداً عن الذهنية الذكورية السلطوية.

ـ أمّا الحياة النّدية بمفهوم الأمة الديمقراطية تعتبر من الأبعاد الأساسية لها، وذلك من خلال إعادة التوازن للعلاقة فيما بين الرجل والمرأة، وذلك من خلال التخلص من مفهوم التملك بشأن المرأة بالإضافة إلى أنه يجب على المرأة لعب دوراً أساسياً وريادياً في الحياة النّدية، كما لابد من تمكين العلاقات الإنسانية القوية المستندة على المبدأ الأخلاقي والسياسي، فالعيش في ظل الحياة النّدية الحرة بحاجة إلى تأهيل الظروف المجتمعية من خلال انجاز النجاحات العظيمة في طريق بناء الأمة الديمقراطية.

يقول القائد والمفكر عبد الله أوجلان بهذا الصدد:

(لقد تحولت الحياة العصرية السائدة إلى فخ يحيط كلياً بالمرأة التي هي أقدم عبد حيث أقحمت المرأة في عهد الرأسمالية في وضع سيكون من الصائب وصفها فيه بـ، ملكة السلع،).

ـ أمّا مفهوم الحياة النّدية الحرة لدى الأديان: هي علاقة تكاملية؛ بمعنى أن كل منهما مكملاً للآخر، حيث يقول الله سبحانه وتعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء).

وكما نبه الرسول محمد صلوات الله عليه إلى أنه يجب المساواة فيما بين الرجل والمرأة؛ حيث قال (إنما النساء شقائق الرجال)، وقال أيضاً: (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).

ــ إن السعي لإيجاد حياة ندية حرة تستلزم منا مناهضة السلطوية، ويتوجب علينا التمسك بالحداثة الديمقراطية كحل بديل عن الحداثة الرأسمالية، حيث تعمل العصرانية الديمقراطية على خلق فرد حر بالتالي مجتمع حر.

ــ النقطة الأساسية التي يجب علينا تطويرها من جانب المرأة هو التقرب الصحيح لها والحفاظ على التوازن فيما بين المرأة والرجل اللذان يمثلان الوجود، لأنه بالعلاقة بينهما تحدد مصير المجتمع بأكمله،

لذا لا بد من رفع مستوى النضال والكفاح في وجه الذهنية السلطوية التي لا ترى المرأة كوجود، إنما تعمل على تشييء المرأة (تحويلها لشيء) من خلال جعلها سلعة وأداة للدعاية والإعلان وآلة للإنجاب والإشباع الجنسي، بالإضافة إلى ذلك يجب عدم حصر الحياة النّدية الحرة في العائلة أو الحياة الزوجية، إنما طرحها في كل المجالات الحياتية، والعمل على إيجاد مؤسسات اجتماعية تعمل على تطوير الوعي بين الجنسين، وهذا أمر مهم، والابتعاد عن الذهنية التملكية، وبالتالي يصل الرجل إلى مرحلة المساواة والحرية الاجتماعية على أساس الاختلاف مما يساعد على تهيئة أرضية مناسبة للحياة الندية، وبالتالي يمكن للمرأة أن تحقق ذاتها الفاعلة على جميع الأصعدة، فإذا كانت هناك إرادة حرة متكافئة؛ يمكن تحقيق حياة ندية حرة تليق بالإنسان، وعلى هذا الأساس يقول القائد عبد الله أوجلان: (إن تعريف المرأة وتحديد دورها في الحياة الاجتماعية شرط أساسي من أجل حياة سديدة، فبقدر ما تعرف المرأة يغدو تعريف الرجل أمراً وارداً، ومحال علينا صياغة تعريف صحيح للمرأة والحياة انطلاقاً من الرجل؛ ذلك أن الوجود الطبيعي للمرأة يتحلى بمنزلة محورية أكثر).

زر الذهاب إلى الأعلى