مقالات

الإدارة الذاتية الديمقراطية نقطة لالتقاء المختلفين

تناقضات الأزمة السورية وجميع أزمات المنطقة هي نتاج الطبقات الاجتماعية ونخبُها الاستغلالية المتشبثة بزمام السلطة، والتي تنظر لنفسها بمستوى طبقي أعلى مقارنة بغيرها من طبقات المجتمع وأيضاً هي نتاج للتدخلات الإقليمية والدولية.

بالتأكيد هذا الوضع يحتاج إلى فطنة كافية من كافة الأطراف، وإعطاء مساحة مهمة لشعوب ومكونات المجتمعات لتحقيق آمالها وطموحاتها.

إن تحقيق النجاح لأي مشروع لابد أن تسبقه إنجازات فعلية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ثم لا يمكن لأي دولة أو إدارة ديمقراطية أن تحقق إنجازاً وهي في الداخل ضعيفة منخورة تتقاذفها المصالح الأنانية السياسية بين كياناتها.

 وهنا لابد من قراءة موضوعية للوضع السوري، فخلال السنوات الماضية شهدنا التجاذبات السياسية، ولجوء البعض إلى (الآخر) من خارج خارطة مجتمعنا، وسادت الأنانية السياسية دون الانفتاح على الشعوب والمكونات ودون تحقيق أي منجزٍ لها، بل استمر صعود فئة اللامنتجين لمفاصل الدولة والسلطة، وترسخت الحزبوية والكتلوية بشكل أكبر؛ كل ذلك جعلت الشعوب والمكونات السورية تشعر بالتهميش والإقصاء وتدرك اليوم بأن هذه الكيانات لا تزال تعيش خارج الزمن التطوري، فهي ما زالت تمارس سياساتها بعقليات سابقة (إقصائية) وربط كل من يخالفها الرأي بكيانات أخرى معادية لها، وعليه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشعر المكونات السورية بالرضى والأمان و حتماً سينتج ذلك تفاعلات شعبية غير حميدة.

راهناً, وبعد مُضي كل هذه السنوات؛ لم يعد من المستساغ  أن تبقى المكونات السورية مهمشة وضعيفة الإرادة، ولابد من تضامن فعلي، والنهوض بالمجتمع السوري ومكوناته وإعطاء الحق الطبيعي لأصحاب المشاريع الديمقراطية (الإدارة الذاتية الديمقراطية)  لإطلاق يد الشعوب والمكونات لاختيار مستقبلها ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر طُرق ديمقراطية أكدت نجاحها, ولتوثق العلاقات مع الداخل السوري ومع محيطها الإقليمي والدولي في المنطقة وإزالة كل الإشكاليات القائمة.

ولأن الإدارة الذاتية الديمقراطية بوصلة لمؤشرات التعاون المنشود، ونقطة لالتقاء المختلفين، لذلك نجدها تطوف بين كل المتناقضات لكي تحقق للسوريين وعلى مختلف اتجاهاتهم وطوائفهم ما يستحقون .

اليوم بات من حقنا أن نتباهى بشعوبنا ومكوناتنا التي نافست شعوب العالم ونالت شهادة عالية في نموذج العيش المشترك والدفاع المشترك عن الأرض بقوة وعزيمة، وشكلت رقماً صعباً وعلامة فارقة في تاريخ المنطقة عندما أطاح أبطالنا من خلال الشجاعة التي امتلكوها بأشرس تنظيم إرهابي في العالم جعلتهم يحصدون أنبل الألقاب العالمية.

بالمحصلة ,” ينبغي الانتباه جيداً لمسالة الحنين إلى السلطة بين صفوف المجتمع “, واعتماداً عليه يمكن القول أن الشعوب والمكونات لن تنجح في تكوين رؤية مشتركة واتخاذ مواقف مشتركة في القضايا الرئيسية وبالتالي لن يكون هناك أمل في وضع استراتيجيات ناجحة إلا إذا اختفى تماماً هذه الاتجاهات السائدة والمتكرسة في المنطقة والتي يحاول البعض تعزيزها من جديد.

زر الذهاب إلى الأعلى