المجتمع

الأزمة السورية وتأثيراتها على المجتمع……قامشلو مثالاً

تقرير: عامر طحلو

أثرت الأزمة السورية على المجتمع السوري بشكل كبير, ونال المواطنون الضرر الأكبر من هذه التأثيرات, وتأثرت كافة المدن سلبياً منها, وسوف نتطرق إلى أنموذج من هذه المدن, وما هي التأثيرات السلبية لهذه الأزمة عليها.

 مدينة قامشلو

كانت مدينة قامشلو قبل الأزمة مثالاً للمحبة والتسامح والتعايش المشترك بين جميع المكونات, على الرغم من محاولة البعض بين الفينة والأخرى زرع فتيل الفتنة بين مكوناتها, ولكن شعب قامشلو أثبت أنه شعب أصيل, ففي ظل الأزمة حاول التمسك بالأشياء الجميلة التي تعوّد عليها, فنجح في بعضها وفشل في أشياء أخرى خارجة عن إرادته, ولذلك سنوضح هذه الآثار السلبية التي فرضتها الأزمة بشكل مفصل.

1-انقطاع صلة الرحم والزيارات الاجتماعية

لقد فرض غلاءُ المعيشة واقعاً تمثل بعدم القدرة على استضافة الأقارب دوماً والذهاب كضيوف عندهم, فأصبحت الزيارات التي اشتهرت بها قامشلو نادرة جداً, فوليمة الغداء تكلف كثيراً, تقريباً نصف دخل الفرد الشهري, وأيضاً غلاء المواصلات والشعور بعدم الأمان يمنع الناس من الخروج كثيراً.

(أبو محمد) من سكان حي الآشورية يقول: كنا قبل الأزمة نتبادل الزيارات بين الأهل ونسهر كلّ يوم في أحد البيوت, ونقيم الولائم ونعزم الأهل والأصدقاء. كان الخير كثيراً والمصروف قليلاً, فوليمة الغداء الفاخرة كانت تكلفنا حوالي 2000ليرة فقط, أما الآن فوليمة عادية ل5 أشخاص ستكلفنا حوالي 20000ليرة, والآن لا نقوم سوى بالواجبات المفروضة والملزمة, لأن الحالة المادية سيئة, وانتشر الغلاء في البلد ودخلنا صار محدوداً, وعلى الرغم من انتشار الأمن في قامشلو إلا أننا نخشى الخروج من المنزل ليلاً والتأخر.

2-هجرة أغلب الشباب

هاجر الكثير من شباب قامشلو هرباً من هذه الأزمة, إما بسبب ندرة العمل في بداية الأزمة, أو بسبب الخدمة الإلزامية للدولة, والاحتياط, وإما لأسباب سياسية, أو بسبب الفقر.

(عبد الباقي أبو أحمد) من حي قدوربك قال لنا: لدي 3 أبناء شباب, ووصلوا لسن الزواج, ولم أستطع تزويجهم بسبب التكاليف الباهظة لهم, وهم الآن خارج البلد يعملون, ويساعدونني أنا وأمهم وإخوتهم الصغار على مواكبة غلاء المعيشة في البلد, وطلبت منهم أن يجمعوا تكاليف زواجهم لكي أزوجهم, فبصراحة أنا دخلي محدود لا يتجاوز 45000ليرة, ولولاهم لكنت الآن مديوناُ, ولكانت حالتنا بالويل, ولكنت مضطراً وأنا رجل مريض أن أعمل ليل ونهار لكي تعيش عائلتي.

3-ارتفاع أسعار أجار البيوت

لكون قامشلو وكافة مدن روجآفا تعتبر من أكثر المدن أمناً في سوريا, فقد لجأ إليها النازحون والفارون من الحروب في بقية المحافظات, فنجدهم من الرقة ودير الزور وحلب وحمص, وقد أسسوا أعمالهم في قامشلو, ومعظمهم من أصحاب المعامل والأغنياء, بعد أن جلبوا أموالهم معهم, وطلبوا استئجار بيوت مفروشة, ومن البديهي أن أجار البيت المفروش أغلى من غير المفروش, مما تسبب بطمع الناس أصحاب العقارات فقاموا بفرش البيوت, وإيجارها بمبالغ كبيرة لهؤلاء النازحين, الأمر الذي أدى إلى غلاء الآجارات في قامشلو, وصارت بعض العائلات الفقيرة التي هربت من ريف القامشلي تستأجر بيوتاً رخيصة غير صالحة للسكن في أحياء ومناطق على أطراف المدينة, حتى هذه البيوت لا يقل آجارها عن 7000ليرة, وكذلك الشاب الذي يتزوج حديثاً, يجد صعوبةً في تأمين بيت للآجار يناسب دخله.

( أبو حسين)من قرى تل حميس التي خربتها داعش, مستأجر في حي قناة السويس, وهو موظف يقبض 40000ليرة فقط, آجار بيته 8000ليرة ولديه 3بنات وولدين صغيرين, يروي لنا مأساته:

لقد هربنا من قريتنا بعد أن دخلها داعش, وقبل تحريرها منه قام بتفجير منزلنا في القرية, فاضطررنا للاستئجار في قامشلو, أدفع حوالي 13000ليرة آجاراً للبيت وثمناً للأمبيرات, وراتبي لا يكفي عائلتي ل10 أيام, مما اضطرني للعمل بعد الدوام, براتب 25000ليرة, ومع ذلك لا يكفي لإعالة أسرتي, ولا أملك أرضاً زراعية ولا مواشي, أتمنى من المسؤولين تخفيض آجار البيوت, وزيادة الرواتب لتتناسب مع غلاء المعيشة.

4-الموظفون تحت خط الفقر

المتضرر الأكبر من هذه الأزمة كان فئة الموظفين, سواء كانوا موظفي الدولة, أو موظفي الإدارة الذاتية, فالموظف كان يقبض حوالي 400دولار شهرياً قبل الأزمة, أما الآن فراتبه لا يتجاوز 80 دولار, وكذلك الموظف في الإدارة الذاتية, ونجد أغلب الموظفين قد هاجروا خارج البلد, تاركين شهاداتهم وتعويضاتهم, وركضوا وراء رزقهم في البلدان الغريبة, ومنهم من هاجر بسبب الخدمة العسكرية الإلزامية, حيث اعتمدت الدولة على موظفيها لرفد الجيش, مخيرةً إياهم, إما الالتحاق, وإما قطع الراتب, والموظف الذي لم يهاجر فإنه مضطر للعمل الإضافي لتأمين حاجات أسرته, ومنهم من لا يجد عملاً حتى, وأكثرهم يعملون كأجيرين عند أصحاب المحلات, وعلى البسطات يبيعون الجوارب والألعاب وغيرها.

(أبو آزاد) موظف يعمل بعد الدوام في محل لبيع المواد الغذائية يقول لنا: لولا الحاجة لما عملت هنا, أنا عمري 40 سنة, ولدي 5 أولاد, وراتبي 45000ليرة, لا يكفي أسرتي, فاضطررت للعمل هنا بأجر شهري 30000ليرة, لكي تعيش أسرتي, أتمنى من المسؤولين أن يزيدوا الرواتب, سواء في الدولة, أو الإدارة الذاتية.

 5-الكهرباء والماء

الكهرباء والماء هما عصب الحياة, وقد عانى الشعب في قامشلو من فقدانهما منذ بداية الأزمة وحتى الآن, وكهرباء المولدات سعرها مرتفع, ولا تشغل كل شيء في المنازل, ناهيك عن أعطال المولدات المستمرة, وتلوث البيئة من دخانها, والماء كذلك قليل جداً بحسب الحي والمنطقة, ولجأ ميسورو الحال إلى حفر الآبار لتلبية حاجتهم من الماء, أما الفقير فعليه أن يسهر الليل كله بانتظار الكهرباء لتعبئة خزانه من الماء.

(أبو كاوى) من سكان حي الكورنيش يقول: الكهرباء مشكلة عامة, وتوزيعها تقريباً عادل لكل الأحياء, أما الماء فهو متوفر في مناطق, وقليل في أخرى, نتمنى من المسؤولين حل مشكلة الكهرباء والماء, لأنه بحلها ستحل الكثير من المشاكل في قامشلو, وتدور بهما عجلة التطور من جديد.

وأخيراً وعلى الرغم من هذه المشاكل والسلبيات إلا أننا في مدينة قامشلو بألف خير, مقارنةً بباقي مناطق سوريا, فيكفي أننا مازلنا منظمين بإشراف مؤسسات, تحاول أن تخدم المواطن بحسب الإمكانيات الموجودة, نتمنى لهذه المؤسسات النجاح والتوفيق, لأنه  بنجاحها هو ارتقاء بحياتنا نحو الأفضل.

زر الذهاب إلى الأعلى