الأربعاء الأحمر تقليداً وحداثةً

الأربعاءُ الأولُ من نيسانَ في كل سنة شرقية، ومن المعلوم أنّ (السنةَ الشرقية تلي الميلادية بـ13 يوماً)، في هذا الوقت يحتفل الإيزيديون على مدار يوم كاملٍ بعيد الأربعاء الأحمر، حيث يعتبرونه عيد تكوين الخليقة بحسب اعتقادهم، فتراهم في هذا اليوم يبادرون إلى سلق البيض ويلوّنونه بألوان الطبيعة الزاهية، ويتبادلون البيضَ فيما بينهم ويقدمّونه للضيوف وكل محتفل معهم بعيد الأربعاء الأحمر، كما لهم في هذا العيد طقوسٌ أخرى سنحاول التطرّق إليها، حيث سيستقبل أبناء الشعب الإيزيدي عيدَ الأربعاء الأحمر هذه السنة في 19 من نيسان الجاري. ولمعرفة المزيد ولتسليط الضوء على هذه المناسبة ومعرفة أبرز التقاليد والأعراف المتبعة فيه بادرت صحيفة الاتحاد الديمقراطي إلى إعداد التقرير التالي:

دلالة سلق البيض وتلوينه

تقديم البيض الملوّن لم يأتِ من عبثٍ أو فراغ، إنما له معاني ودلالات مهمة بالنسبة للشعب الإيزيدي، وفي هذا الصدد أكد الرئيس المشترك للبيت الإيزيدي في مقاطعة الجزيرة إلياس سيدو لصحيفة الاتحاد الديمقراطي:

أنّ هناكَ عدة أوجه تشابه فيما بين الأرض والبيض، من حيث  الاستدارة والبيضوية والمكون أو الأصل المائي لكلٍ منهما، فالأرض -حسب نظريات وفرضيات نشأتها- أنها كانت ماءً قبل أن تتكون اليابسة على سطحها، وكذلك هو البيض مائع، لكن عندما يتم سلقه يتحول إلى (قشرة، لب داخلي، لب خارجي).

فيما يتابع سيدو حديثه حولَ البيض قائلاً: “البيضُ مثل الأرض يمتلك طاقة، وحرصاً من الشعب الإيزيدي على طاقة البيض وإيماناً بأهميته نعمد عند أكل المسلوق منه في العيد، وقبلنا عمدَ أسلافنا إلى رمي قشرته في الأراضي الزراعية حتى تصبح هذه الأراضي معطاءة أكثر ويزداد إنتاجها وخيرها لأنه يزيد الخير والبركة.

شقائق النعمان الحمراء والأربعاء الأحمر

وحول هذه العلاقة الوثيقة نوه سيدو إلى أن شقائق النعمان تعتبر رمزاً آخر من رموز الأربعاء الأحمر، فلونها الأحمر وهو دلالة على لون الدم، حيث أن الأربعاء الأحمر هو عيد تكوين الخليقة وجريان الدم في العروق الحية من ضمنها العرق البشري، لذا  نعتبرُ أنّ لشقائق النعمان قدسية كبيرة، ولا يجوز قطعها وتعتبر هي أيضاً إحدى أساسيات عيد الأربعاء ونوليها أهمية كبيرة.

زيارة القبور

في هذا السياق أفاد سيدو: أنه في هذا العيد يقوم الناس بزيارة أمواتهم حيث يتوجهون إلى القبور لإحياء ذاكراهم الذين كانوا على هذه الأرض قبل الموت، لذا تراهم لا ينسون أمواتهم في احتفالاتهم بل يشاركونهم الفرح على الرغم من فقدانهم.

الامتناع عن الزواج في شهر نيسان

في هذا الصدد أردف سيدو:

احتفالاً بالاعتدال الربيعي واستيقاظ الطبيعة من سبات الشتاء الطويل، يتزين أبناء الشعب الإيزيدي بأجمل ما لديهم من الثياب ويخرجون إلى الطبيعة، ليؤكدوا ارتباطهم واندماجهم مع الطبيعة، فيحرّمون على أنفسهم الزواج، حسبما يشير سيدو بأنهم في شهر نيسان لا يتزوجون وذلك احتراماً للطبيعة وجميع صنوف النبات التي تتزاوج وتتجدد نسلها، مؤكداً على “أن الطبيعة هي العروس في شهر نيسان، لذا لا يجوز أن تكون هناك عروس أخرى غيرها”.

طقوس احتفال البيت الإيزيدي بالأربعاء الأحمر

حول هذه الطقوس علق الرئيس المشترك للبيت الإيزيدي إلياس سيدو: أنهم في البيت الإيزيدي لمقاطعة الجزيرة لن يحتفلوا السنة بالعيد نظراً لما حلّ بالشعب الإيزيدي مؤخراً من مجازر وويلات وسبي نساء في شنكال والمناطق المجاورة، وتضامناً معهم سنبادر إلى نصب خيمة نستقبل فيها الضيوف من إيزيديين ومن الأديان والأثنيات الأخرى تحت هذه الخيمة، وسنقوم بتقديم البيض المسلوق والملون، وكليجة معدّة لهذه المناسبة، وسنقوم بتوزيع الحلوى على الضيوف، وللضيف مكانة خاصة عند الإيزيدي، وله مكان الصدارة إلى جانب ذلك سيكون هناك فرصة للضيوف بإلقاء كلمات تحت الخيمة المنصوبة.

تهنئة الأربعاء الأحمر

التنوع المكوّناتي والإثني لمنطقةٍ ما يعطي طابعين؛ الأول: إما أن تكون هذه المنطقة منطقة نزاعات وحروب طائفية – أما الطابع الثاني فهو تغلّب المودة والتعاضد الأخوي على روح النزاع فيسود تقبل الآخر والاحترام مثلما هو الحال في روج آفا، التي تعتبر لوحة فنية مطرزة بألوان السريان، الآشور، الأرمن، الشركس، التركمان، العرب، الكرد ومن ضمنهم المسلمين والإيزيدين.

أبناء هذه المكونات يتشاركون أفراحهم وأتراحهم معاً، بعد أن توحدوا تحت سقف الأمة الديمقراطية المستندة إلى مبادئ التعايش الأخوي والسلمي على الأرض الواحدة دون مساس أي اثنية أو عقيدة بمقدسات إثنية أو مكون آخر، بل على العكس يحتفلون معاً بأعيادهم ومناسباتهم، لذا في صحيفة الاتحاد الديمقراطي لن ندخّر جهداً في تهنئة أبناء شعبنا الإيزيدي بعيد تكوين الخليقة (عيد الأربعاء الأحمر).

سيدار رمو