الأخبارمانشيت

وحدة تدقيق الوقائع تدحض المزاعم التركية في احتلال عفرين

إعداد حسين فقه

نشرت الـ بي بي سي على موقعها تقريراً تناولت فيه مزاعم دولة الاحتلال التركي لغزو عفرين ونتائج “وحدة تدقيق الوقائع” التي قامت بتحليل وإحصاء الهجمات التي تعرضت لها تركيا انطلاقاً من عفرين، وعلى الرغم من أن ” وحدة تدقيق الوقائع ” تعاملت مع عفرين كدولة أمام دولة تركيا التي تعرضت لهجمات منها، وهي لم تأتي على ذكر الهجمات التي تعرضت لها عفرين وشعبها طوال سنوات الحرب السورية بل وقبلها بكثير من قبل الدولة التركية بحكوماتها المتعاقبة، فمنذ الثمانينات من القرن المنصرم والحدود السورية تتعرض للانتهاكات والتآكل على يد الأتراك فكان قناصته من حرس الحدود يتصيدون على سبيل التسلية المزارعين الكرد في أراضيهم على الجانب السوري في قرى عفرين، وهناك عشرات بل مئات الأمثلة على ذلك، وليس جديداً على الاحتلال التركي ومرتزقته الجهاديين سرقتهم للدجاج في عفرين، فلقد كان حرس الحدود التركي يتصيد دجاج القرى العفرينية وهي على بيادرها، وليس جديداً على جيش الاحتلال التركي اعتداءها على السيادة السورية، فمنذ السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات من القرن المنصرم كانت الحدود السورية تتآكل لصالح الأرض التركية وعلى حساب المزارعين الكرد في عفرين وغيرها من القرى على كامل الحدود السورية التركية وتحت أنظار نظام البعث السوري الذي لم يكن له على الحدود التركية السورية في عفرين أي وجود.
ورغم كل ما سبق فإن ما توصلت له وحدة تدقيق الحقائق كان أقرب الى الواقع من كل مزاعم دولة الاحتلال التركي، وفيما يلي سننشر التقرير الذي نشرته الـ بي بي سي عن النتائج التي توصلت اليها “وحدة تدقيق الحقائق ” بالحرف، وندقق بدورنا في ما أتى عليه التقرير .

تقرير الـ بي بي سي عن وحدة تدقيق الوقائع :
وحدة تدقيق الوقائع: كم هجوما تعرضت له تركيا من عفرين؟
الزعم:
عقب الهجوم العسكري التركي على عفرين في شمال سوريا كتب المتحدث الرئاسي التركي إبراهيم كالين يقول:” في العام الماضي وحده تعرضت المدن التركية لأكثر من 700 هجوم من منطقة عفرين بقيادة وحدات حماية الشعب الكردي.”
ما توصلت له وحدة تدقيق الوقائق:
” بالرجوع إلى مصادر متعددة حول عدد الهجمات المعلنة في المنطقة وجد أنها أقل كثيرا من رقم الـ 700 هجوم حيث لم يتجاوز 26 هجوما. وقالت وزارة الخارجية التركية لوحدة تدقيق الوقائع إنه كان هناك 700 حادث “تحرش بإطلاق النار”، وعرفت هذه العبارة بأنها “أي شيء لا يستهدف تركيا مباشرة، ولكن قد يكون عرضا جانبيا للاشتباكات في سوريا.” وقالت وزارة الخارجية التركية إنها رصدت 90 هجوما استهدف تركيا بشكل مباشر في نفس الفترة” .
وشنت تركيا عملية غصن الزيتون العسكرية ضد ميليشيا الأكراد في منطقة عفرين شمالي سوريا في 20 يناير/كانون أول الماضي.
وأعلنت أنقرة السيطرة على مدينة عفرين، وأشار الرئيس التركي إلى أن العمليات العسكرية قد تمتد إلى مناطق أخرى في شمال سوريا مثل منبج. انتهى الاقتباس .

الإرهاب في جنوب عفرين هدف للرصاص الكردي وليس الحدود التركية شمالاً

طوال سنوات الحرب السورية لم يكن هناك ـ على كامل الشريط الحدودي لروج آفا مع تركيا ـ أي اعتداء أو هجوم على الجانب التركي رغم تعرض روج آفا لهجمات كل الفصائل الإرهابية من جبهة النصرة ولواء التوحيد وأحفاد الرسول وغيرها من الفصائل الإرهابية والمدعومة كلها من دولة الاحتلال التركي مباشرةً، في سري كانية وكوباني وعفرين وغيرها من البلدات والقصبات الكردية في روج آفا والتي تم مساندتها أحياناً بشكل سافر من المدفعية التركية.
أما في عفرين التي حوصرت طوال سنوات الحرب السورية فلقد تصدت وحدات حماية الشعب فيها للفصائل الإرهابية الجهادية، في عزاز والريف الشمالي الغربي لحلب ” حيان وحريتان ومارع ” وغيرها من المناطق التي سيطرت عليها جبهة النصرة وأحرار الشام وباقي المرتزقة الجهاديين، أي أن الرصاص الكردي كان موجهاً للجنوب كاتجاه جغرافي ولمنظمات إرهابية كتوجه سياسي، وكانت الحدود التركية في ظهر وحدات حماية الشعب، وإذا صحت المزاعم التركية باستهدافات لحدودها فذلك مصدره نفس الفصائل الجهادية والإرهابية التي كانت وما تزال موالية لدولة الاحتلال التركي ومدعومة منها، وهذا سيناريو مفضوح لصنع الذرائع .

تتمة التقرير

قوات تركية في عفرين

وقالت تركيا إنها شنت الهجوم في إطار “حقها المشروع في الدفاع عن نفسها الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة.” واستخدم الزعم بوقوع 700 هجوم والذي جاء على لسان مسؤولين أتراك رفيعي المستوى مبررا لهذا الهجوم.
وكان المتحدث الرئاسي قد أورد هذا الزعم في مقال كتبه لموقع سي إن إن في فبراير/شباط الماضي. وتمت الإشارة إلى المقال في الحساب الرسمي للرئاسة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
كما أشار إلى رقم الـ 700 هجوم نائب رئيس الوزراء التركي في مؤتمر صحفي بعد يوم من العملية.
وقد أجرت وحدة تدقيق الوقائع بحثا موسعا حول تقارير بشأن وقوع هجمات على تركيا في نفس الفترة مستخدمة مصادر مختلفة، وقد توصلت إلى تقارير بشأن وقوع 26 هجوم فقط من سوريا في الفترة بين 1 يناير/كانون ثاني 2017 و20 يناير/كانون ثاني عام 2018 و15 فقط من هذه الهجمات جاءت من عفرين.
وكان الجيش التركي قد أصدر بيانات مفصلة بشأن هذه الحوادث التي تراوحت بين مقتل جندي إلى حوادث أقل خطورة كثيرا مثل سقوط 5 طلقات مدفع رشاش في حقل فارغ.
كما قارنت وحدة تدقيق الوقائع بين بيانات الجيش ومصادر أخرى عديدة منها وكالة الأناضول الرسمية ووكالة دوغان الخاصة وموقع liveuamap.com الذي يجمع كل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي من مواقع النزاع.
وقال مصدر عسكري تركي لبي بي سي إن عليها الرجوع لوزارة الخارجية التركية للحصول على تقارير كاملة عن الـ 700 هجوم، مشيرا إلى أنه لم يعلن عن “كل الهجمات بل أغلبها”.
ولكن لم تصدر وزارة الخارجية أية تقارير بهذا الشأن.انتهى الاقتباس.

الجيش التركي يستهدف الكرد واللاجئين السوريين على حدودها

هناك عشرات الوقائع باستهداف جيش الاحتلال التركي للمواطنين الكرد في عفرين وهناك شهداء وجرحى في هذه الحوادث وهي لم تلقى أي رد من وحدات حماية الشعب، كذلك هناك مئات الشهداء المدنيين الفارين من كل مناطق النزاع في سوريا وعلى كامل الحدود التركية السورية والذين سقطوا نتيجة استهدافهم من قبل حرس الحدود التركي وهم يفرون من الحرب الى تركيا كلاجئين، ومنهم نساء وأطفال ومسنين بل كان بعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك مئات التقارير التي تتحدث عن استهداف الجيش التركي لمواطنين سوريين فارين الى تركيا من مناطق النزاع في سوريا ومن كل المكونات السورية .
أما عن التخبط في تصريحات المسؤولين الأتراك وإعلامهم الموجه والأرقام الخلبية التي تفضحها “وحدة تدقيق الوقائع ” فسببه السياسة الذرائعية التي دأبت عليها دولة الاحتلال التركي للاعتداء على الكرد ومكاسبهم السياسية عبر أذرعها الإرهابية، وعندما فشلت في ذلك تدخلت بنفسها بشكل سافر ولا مشروع باحتلال عفرين وهي جزء من الأرض السورية ضاربة بعرض الحائط بكل الشرعية الدولية وسيادة الدولة السورية .

تتمة التقرير :
وحدات حماية الشعب الكردي كانت تسيطر على عفرين

ولكن لدى اتصال بي بي سي مجددا قالت وزارة الخارجية التركية إن 700 حادث “تحرش بإطلاق النار” قد وقع.
وعرفت هذه العبارة بأنها “أي شيء لا يستهدف تركيا مباشرة ولكن قد يكون عرضا جانبيا للاشتباكات في سوريا.”
وقالت أيضا إن بعض هذه الهجمات استهدف مواقع عسكرية تركية في شمال سوريا من بينها أدلب ومناطق أخرى يسيطر عليها الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، الأمر الذي يتعارض مع البيانات الرسمية التي تحدثت عن هجمات “ضد المدن التركية.”
وقالت وزارة الخارجية التركية إنها تعرف “الهجمات” كحوادث “استهدفت تركيا مباشرة”، وإنها رصدت 90 “هجوما” في نفس المنطقة ونفس الفترة.
ولدى سؤال وزارة الخارجية التركية عن التعارض أجابت قائلة إنها تتفهم لماذا يوجد ارتباك ولم تدل بالمزيد من التفاصيل.
ولاحقا، بعثت بكتيب يحوي مقالات جديدة تظهر “التهديدات المرعبة من سوريا لتركيا.” انتهى الاقتباس.

إدلب أرض تركية

على ما يبدو أن دولة الاحتلال التركي تنظر بجدية لادلب واعزاز وجرابلس والباب كأراض تركية وأي اعتداء عليها يعتبر اعتداءاً على تركيا، وهذه مفارقة لا تدفع للضحك بقدر ما تدفع باتجاه أنه على السوريين اليقظة ومقاومة الاحتلال التركي لأي جزء من الأرض السورية، هذا في المقام الأول، أما في المقام الثاني فإن عفرين وريفها تعرضت طوال سنوات لهجمات جبهة النصرة وغيرها من الفصائل الجهادية من ادلب في دارة عزة و أطمة وكانت وحدات حماية الشعب على الدوام في مواجهتهم، ورغم أن هذه الهجمات كانت تتم غالباً بدفع من دولة الاحتلال التركي وبمساندة مدفعيتها، ولكنها فشلت في الوصول الى مآربها مما اضطر دولة الاحتلال التركي أن تقوم بتدخل مباشر بجيشها مصطحبة المرتزقة الجهاديين الموالين لها وتحتل عفرين .

خاتمة التقرير:
لماذا تورطت تركيا في عفرين؟

سيطرت وحدات حماية الشعب الكردي على عفرين والتي تعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يقاتل منذ أكثر من 3 عقود لحصول الأكراد على حكم ذاتي في تركيا.
وتدرج تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني في قائمتها للمنظمات الإرهابية.
وتنفي وحدات حماية الشعب الكردي أي صلات سياسية أو عسكرية مع حزب العمال الكردستاني.انتهى التقرير .

ذريعة الهروب الى الأمام

قد لا يخفى على أحد أن ما تقوم به تركيا من تدخلات في دول الجوار إنما مثاره الوجود الكردي والقضية الكردية التي ما أن يصل الكرد فيه لتحقيق كيان يصون حقوقهم وفق ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان في أي جزء من كردستان ينبري التركي بجيشه وعدوانه بدون أن يلقي بالاً لسيادة الدول ولا للشرعة الدولية .
وعلى المقلب الآخر فدولة الاحتلال التركي إنما ـ تحت هذه الذرائع واحتلالها لعفرين ـ تحاول الهرب إلى الأمام، وتنقل صراعها الداخلي وأزماتها المتفاقمة داخل الحدود التركية مع الكرد وكل القضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والصحافة إلى خارج الحدود، وكانت سوريا مسرح هذا التصدير، وعفرين بوابته، والإسلام السياسي لعبته والإرهاب الجهادي والداعشي أدواته، ولأن حزب العدالة والتنمية وسلطانها أردوغان فشلا بتحقيق أجندتهما في كل الأزمة السورية بل في كل ما سمي ” الربيع العربي” من تونس الى سوريا، لم يكن أمامهما إلا خيار التدخل واحتلال عفرين بعد مسح كل خطوط أردوغان الحمراء وليس آخرها حلب .
والحال هذه فإن هذا الاحتلال لعفرين أيضاً سيفشل ولن يكون حلاً للداخل التركي، وذلك لأن دولة الاحتلال التركي تحاول من خلاله عسكرياً تسوية نزاع لا يمكن حسمه إلَّا سياسياً، ومن دون تقديم تنازلات سياسية وثقافية – مثلما كانت قد تمت مناقشتها خلال عملية السلام- لا يمكن ببساطة نزع فتيل الصراع مع حزب العمال الكردستاني.
وبعكس ذلك إذا اعتمدت تركيا على العنف، فيجب عليها ألَّا تندهش عندما يتم تجاهل مصالحها الأمنية الخاصة. وطالما أنَّ تركيا تواجه مساعي الكرد المشروعة للمزيد من تقرير المصير قبل كلّ شيء بالقمع ، فسيكون من السهل أيضاً على حزب العمال الكردستاني أن يعمل كمدافع عن الكرد وعن الحرّية.
ولكن في المقابل إذا نجحت أنقرة في تسوية النزاع مع الكرد، فعندئذ لن تضطر بعد ذلك للخوف أيضاً من تطلعات الكرد إلى نيل أي شكل من الحقوق يرتؤونها مناسبة خلف حدودها الجنوبية.

زر الذهاب إلى الأعلى