مقالات

ميلاد فجر الحرية

حمدان العبد
ان السنين تعد بالأيام والشهور وذلك من خلال تعاقب الليل والنهار، والتاريخ يسجل الأيام والأحداث المهمة، ولكل حدث، تاريخ يكتب ويبقى له أثراً في حياتنا، ونحن اليوم في شهر نيسان وفي اليوم الرابع منه، فهذا اليوم هو ميلاد فجر جديد، يوم تحول للإنسانية جمعاء، يوم بزوغ فجر الحرية وبداية لانهاء الظلم والاستبداد، فجر يوم تتبدل به معرفة الانسان لذاته، معرفة الانسان لتاريخه، انه فجر نور ساطع مشرق بشمس الحرية والكرامة والمحبة، فجر محبة الانسان لأخيه الانسان، فجر حب وعشق الأرض وصون العرض .
في هذا اليوم ولد المفكر والفيلسوف عبدالله اوجلان، وكانت ولادته أشبه ببذرة طيبة أنبتت عدة سنابل، وكل سنبله لها طعمها ولونها وعبقها وظلها، ومن خلال تفسيره ونظرته لواقع الشعوب وما حل بها من ظلم واضطهاد وعبودية على يد العثمانيين والاستعمار والأنظمة المستبدة بحق كافة الشعوب وخاصة قضية الشعب الكردي، أيقظ الناس من غفلتها وسباتها العميق الى الصحوة والطريق المنير. فمن خلال سجنه ظن المتآمرون عليه أن هذا الفجر المنير قد انتهى، ولكن كان عكس ذلك، فقد كانوا كمن يسد عين الشمس بلوح زجاج، فقد انتشر فكره بين الشعوب التي تماسكت وعملت بهذا الفكر من أجل الوصول الى انهاء الذل والعبودية، ومن خلال طرحه لحل قضايا الشرق الأوسط ومنها القضية الفلسطينية والقضية الكردية وحق الشعوب في تقرير مصيرها عبر كونفدرالية الشرق الأوسط، وكذلك من خلال طرحه مشروع الأمه الديمقراطية وأخوة الشعوب الذي يهدف الى التعايش السلمي بين جميع المكونات والديانات والاثنيات، والابتعاد عن العصبيات “القومية، القبلية، الدينية، والمناطقية”، وصون حرية المرأة والحفاظ على اللغة والتاريخ والتعلم وحرية العقيدة والعدل والمساواة، وهذه القيم مجتمعة تمثل مشروع الأمه الديمقراطية واخوة الشعوب.
كل ماسبق يؤدي بنا الى نتيجة مفادها: “من يريد السلام فلغة العقل والحوار هي الأفضل والأنجع، ومن لم يقبل بذلك فحق المقاومة حق مشروع تقره جميع القوانين والأعراف”، فعندما يكون هناك احتلال، يجب أن تكون هناك مقاومة، وعندما يكون هناك ظلم واستبداد، لابد أن تكون هناك ثورة.
وبقراءة واقعية للأوضاع الراهنة نرى واقع الاحتلال والظلم والاستبداد، ووفق تجارب الشعوب وصيرورة التاريخ، فلابد للحق أن ينتصر، ولابد للظلم أن ينتهي، ولابد للتاريخ أن يخط هذا الفكر والمشروع الديمقراطي المتجلي بفلسفة الأمه الديمقراطية بحروف من ذهب، لا سيما وأنه عطر بدماء الشهداء وتضحيات الأحرار، وهذا يحتم علينا الاستمرار على هذا النهج مهما طال الزمن، فكل عام وانتم بألف خير لأنه مولد فجر الحرية والكرامة والمحبة.

زر الذهاب إلى الأعلى