الأخبارمانشيت

مشروع تركيا الخطير في تغيير هوية عفرين

وتستمر فعاليات الجلسة الأولى من المنتدى الدولي حول “التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين”، وبعد كلمة ديفيد فيلبس تحدث مسؤل اللجنة الدبلوماسية لحركة المجتمع الديمقراطي الدار خليل.

وأوضح خليل أن الثورة الديمقراطية في الشمال السوري تعيد الروابط الأصيلة ما بين الشعوب والمكونات وتمتّن الترابط، حيث بالرغم من التنوع والتعدد تلتقي الشعوب وتتبنى مشروع واحد تؤمن به وتناضل من أجله وتسعى لتحقيق أهدافه في الديمقراطية وبناء الإرادة الحُرة، هذه الرؤية العصرية يراها ممن يريدون بقاء التقسيم والشتات والصراع ما بين الشعوب على أنها خطر يهدد وجودهم ومصالحهم لذا يجهدون في الهجوم بشتى الوسائل.

 ولفت خليل، أن ما حدث في عفرين جزء من مخطط الهجوم على المشروع الديمقراطي ليس فقط في شمال سوريا وإنما في سوريا والمنطقة كافة؛ إضافة للرغبة التركية الجامحة في توسيع دائرة نفوذها وتحكمها بالوضع السوري وإنقاذ مشروع الإرهاب من الزوال، والتي تعتبر واجهة سياسية لتركيا لا أكثر.

إقليم عفرين بين استراتيجية تركيا ومشروعها الخطير في تغيير هويتها

وأشار خليل، إلى أن الدولة التركية ترى بولادة أي مشروع ديمقراطي خطراً عليها في المنطقة وتتخوف من عفرين لأنها تشكل تهديداً لاستراتيجيتها التي تزيد عمرها عن 100 سنة، كون إقليم عفرين تحول إلى نموذج لتطبيق المشروع الديمقراطي في محيط مصهور بسياسة التتريك في جبل الزاوية وحارم والشهباء واسكندرون وعنتاب وغيرها.

وأوضح خليل أهداف الاحتلال التركي من احتلاله لإقليم عفرين بمجموعة وهي كما يلي:

1- استمرار مشروع الإبادة، عبر تطبيق سياسة التطهير العرقي وإرهاب المدنيين.

2- إيجاد صيغ بديلة لتنظيم داعش الذي بات في مراحله الأخيرة من أجل ضمان التحكم بالوضع السوري كونه بغياب الإرهاب في سوريا يصبح الدور التركي محدوداً جداً.

3- منع قيام أي مشروع ديمقراطي في شمال سوريا، استناداً على الديمقراطية وقيم العيش المشترك، والذي يمثل طرحاً مهماً لحل الأزمة السورية وللشرق الأوسط، والذي يشكل عائقاً دائماً أمام مشروع أردوغان الطوراني المغلف بالإسلام السياسي.

4- احتلال أراضٍ سورية، حيث كان إقليم عفرين المتبقي خارج سيطرة تركيا في منطقة غربي نهر الفرات، بعد أن كان قد أتم سيطرته على المنطقة من جرابلس وإعزاز والباب وحتى إدلب وحلب لاحقاً، لذلك كانت الرغبة كبيرة بشدة لاحتلال عفرين.

5- كسب المزيد من الأصوات الشوفينية والفاشية والرجعية في الانتخابات التركية المبكرة.

6- لعبُ دور أكبر في مستقبل سوريا، إلا أنَّ السلوك التركي تسبب بالكثير من الخلافات بينها وبين الناتو وروسيا، إلى جانب الرغبة في احتلال الموصل وحلب وغير ذلك، لذلك كان إقليم عفرين هدفاً استراتيجياً له، كونه يكمل مخططاته في التغيير الديمغرافي والاحتلال. وعرقلة المشروع الديمقراطي لشمال سوريا ولكامل الجغرافيا السورية على أساس جغرافي، وفرض تركيا نفسها كأمر واقع ضمن المعادلة السورية؛ وبالتالي زيادة مكانتها الإقليمية والدولية.

7- ضمان استمرار الأزمة السورية إلى حين ضمان مصالح الدولة التركية بغض النظر عن معاناة الشعب السوري.

أما دوافع العدوان على إقليم عفرين فهي:

1- يشكل الإقليم ثقلاً مهماً من الناحية الاجتماعية كون يوجد فيه تنوع مجتمعي ملحوظ منظم مؤمن بالمشروع الديمقراطي ومشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، كذلك إقليم عفرين يعد الحلقة الرئيسية في توحيد الأقاليم الثلاثة حيث لم يتبقى آنذاك سوى كيلومترات لربطهم مع بعضهم البعض بعد تحرير منبج.

2- المخاوف من سعي قوات سوريا الديمقراطية مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بالمزيد من التقدم في حربهم على الإرهاب بحيث تشمل مناطق تواجد المرتزقة المدعومين من تركيا مباشرة (إعزاز، الباب، جرابلس وغيرها)، ومن ثم احتمال قيام تلك القوات بتحرير إدلب من الميليشيات المتشددة والإرهابية الموالية لتركيا.

3- إزالة العوائق التي تقف أمام أي هيمنة أو غزو محتمل لمدينة حلب وريفها وحتى المنطقة الكائنة غربي نهر الفرات وإدلب والساحل السوري.

4- أردوغان يريد تأمين عفرين من أجل الإرهابيين وتجميعهم مثل جبهة النصرة وداعش ، والإعلان عن عفرين منطقة آمنة لهم وتحت سيطرته، ومن ثم استخدامهم لتنفيذ أجنداته في سوريا.

إنَّ سيطرة نظام أردوغان على إقليم عفرين سيجعله متقدماً خطوة إلى الأمام باتجاه خطوط التماس مع النظام السوري والحرس الثوري الإيراني والقوات الروسية والأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية، وهذا لا يشكل مانعاً لحلف الشمال الأطلسي بل يخدم استراتيجيته في التوسع ومحاصرة القواعد الروسية وحلفائه، إلا أنَّ هذا قد يخلق تداعيات خطيرة تنعكس سلباً على نظام أردوغان، كما أنَّ احتلال عفرين سيلغي أي فرصة أو أمل لإقليم باشور كردستان في التخلص من الهيمنة التركية على طرق التجارة والنفط في باشور كردستان، كونها تتحكم في ممرات عبوره، كل هذه الأمور ستؤدي إلى تطورات مهمة في المنطقة وقد تتوحد الجهود من الأطراف التي يهددها نظام أردوغان لمقاومة نظامه- بعنف شديد والتصادم مع حلفاء الأمس وفقدان أصدقاء اليوم.

تداعيات العدوان التركي على إقليم عفرين

نوه خليل، أن مشروع التغيير الديموغرافي يمثل خطراً كبيراً على هوية عفرين الأصيلة وذلك من خلال استهداف المدنيين وممتلكاتهم وتهجيرهم، وتدمير المؤسسات الخدمية والمواقع الأثرية والإعدامات الميدانية والتمثيل بالجثث، واستخدام الأسلحة الفتاكة، ورفع العلم التركي كذلك فرض اللغة التركية على المدارس وتغيير اللوحات التعريفية للمؤسسات إلى التركية و أسماء القرى والمناطق بالإضافة إلى الأماكن الرمزية كالساحات ومنها ساحة كاوى الحداد وتدمير تمثاله الذي يمثل رمزاً من الرموز التاريخية على غرار ما يتم ممارسته في المناطق المحتلة في كلٍ من جرابلس والباب وإعزاز.

وأضاف خليل، أنه “ما يزيد من انعدام الأخلاق أثناء العدوان على عفرين وتسببه بمقتل العشرات من المدنيين والجنود الأتراك، استغلال أردوغان لعدوانه كمادة إعلامية تخدم دعايته الانتخابية لتعزيز سلطته والانقلاب على الديمقراطية الضعيفة أساساً في الدولة التركية”.

وأكد خليل، أنه من الواضح أنَّ الصمت الدولي يشجع على ذلك؛ حيث تعمل الدولة التركية على منح شرعية للاستيطان بشكل يصعب إخراجهم من عفرين. وقد تم حفر الخنادق حول العديد من القرى لمنع عودة الأهالي إليها. “لكن القضية التي تطرح إشكالية معقدة هو الصمت الدولي، والتضليل الواضح للرأي العام من قبل نظام أردوغان، على الرغم من أنَّ الجميع يدركون حقيقة الأمر في قرارة نفسهم ويدركون عملية التطهير العرقي الممارسة على إقليم عفرين، وكأنه هناك رغبة قوية في خلق فتنة عميقة بين الشعوب الكردية والعربية والتركية، ودفع المنطقة إلى حربٍ عرقية مدمرة يسهل السيطرة عليها بتأثير أكبر لاحقاً”.

وقال خليل، أن نظام أردوغان اعتمد أيضاً في استراتيجيته إلى جانب القوة العسكرية الضخمة للجيش التركي ونوعية الأسلحة التي يمتلكها والكثافة النارية، على حشد أكبر تجمع للإرهابيين على مستوى الشرق الأوسط المتمرسين في القتال في كلٍ من غروزني وأفغانستان والعراق وغيرها. “لقد سخّر نظام أردوغان أيضاً التكنولوجيا العسكرية المتطورة الخاصة بحلف الشمال الأطلسي”.

ونوه خليل، أن القوات التركية والمجموعات الإرهابية والمرتزقة التابعة لها ارتكبت، انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في سياق الحملة التي أطلق عليها المهاجمون اسم عملية “غصن الزيتون”، وتسببت تلك القوات وبتوجيه مباشر من نظام أردوغان بضرب المشروع الديمقراطي الوحيد والآمن في الجغرافيا السورية، وتهجير الآلاف من المدنيين قسراً عن أراضيهم ومنازلهم وقراهم ومدنهم إلى مناطق أخرى تفتقر إلى أبسط الوسائل المعيشية.

ورأى خليل، أن سياسة التهجير القسري والتغيير الديمغرافي تهدد النسيج الاجتماعي السوري والهوية الوطنية، كونه يعمق الأزمة ويمزق البلاد والمجتمع، ويُسهل تمرير أجندات جديدة واستمرار الأزمة لتصفية المزيد من الحسابات بين القوى الدولية والمحلية والإقليمية.

وأضاف “يشكل العدوان التركي على إقليم عفرين خرقاً فاضحاً للمواثيق والعهود الدولية وهي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب استناداً إلى مواد نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الذي تم إقراره بتاريخ 17 تموز 1998م؛ اتفاقية منع الإبادة الجماعية عام 1948م، واتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب لعام 1949م، ومشروع مدونة الجرائم المخلّة بسلم الإنسانية وأمنها في عامي 1954م و 1996م ؛ والميثاق العالمي لحقوق الإنسان”.

على شعوب العالم الضغط على حكوماتهم دعماً لعفرين

ودعا خليل، شعوب العالم بالضغط على حكوماتهم ومؤسساتهم، والضغط على المؤسسات الحقوقية والحكومية لإغاثة سكان إقليم عفرين وباقي الشعوب الرازحة تحت وطأة الأزمة السورية؛ واعتبار الوجود التركي في عفرين خرقاً لكل القوانين والأعراف الدولية وتسميته بالمحتل مباشرة.

وقال خليل في نهاية تقريره:” إن من آمن بالديمقراطية وأرادها طريقاً للحل وقاوم لسنوات مختلف أنواع الهجمات عليه سينتصر، من لديه في تاريخه وحاضره ومستقبله شهداء فإنه سينتصر، لأن عفرين هي كذلك فإنها منتصرة”.

تركيا تتبع السياسة الخشنة في المنطقة وتؤسس واقع جديد مغاير لواقع المنطقة

وقالت الدكتورة فرح “على أردوغان أن يحترم المواثيق الدولية في احترام حقوق الجار والدول المجاورة“.

فرح نوهت بأن ما يجري  في عفرين هو نوع من التغيير الديمغرافي وفرض سياسة الأمر الواقع في المنطقة من خلال اتباع سياسة توطين الغرباء بدل أهالي عفرين الأصليين”.

وقالت فرح “أود أن أشير إلى أن ما يجري من عفرين وشمال سوريا هو نوع من الجينوسايد من الناحية الثقافية واللغوية، تركيا تقول أنها تؤسس واقع جديد من خلال السياسة الناعمة إلا أن الأفعال مغايرة للواقع وما يتضح للعيان يظهر بأن تركيا تتبع السياسة الخشنة”.

وبحسب رأي الدكتورة فرح صابر فإن هناك العديد من الأهداف لتركيا ولخصتهم كالتالي : أهداف تركيا واضحة، حيث تقول بأنها تريد توفير الأمن لكن بمنظورها الخاص كون الجميع يعلم بأن مناطق الشمال السوري المحررة تتميز منذ بداية الأزمة بالأمن والدخول التركي كان سبباً في ضرب الاستقرار وخلق الفوضى، كما أن تركيا تريد دفع ق س د إلى شرق الفرات لكنها تتجاوز هذه الخطوط وتنتهك شرق الفرات أيضاً بالهجمات بين الحين والآخر، كما وتريد أن تكون صاحبة قرار في سوريا المستقبل، وجزءً في إعادة إعمار سوريا وبذلك فرضت سياستها في المنطقة، نلاحظ بأن تركيا تتمرد في المطالب من خلال الهجمات بين الحين والآخر، وتفرض الآن سياسة التتريك”.

وعن العلاقة الروسية التركية قالت فرح:” هذه العلاقات بنيت على المصالح وروسيا تحاول الحفاظ على شرعية النظام، احتلال عفرين نوع من التواطؤ بين روسيا وتركيا، حيث أن روسيا منحت الضوء الأخضر لاحتلال عفرين لتمدد نفوذ النظام في إدلب”.

وقالت فرح “هدف تركيا مع العلاقة مع واشنطن هو منع شعب شمال سوريا أن يكون حليف عسكري وسياسي مع أمريكا لحل الأزمة السورية”.

الدكتورة فرح صابر قالت في نهاية حديثها “الايرانيون يقدمون خدمات للأتراك كي تحافظ على وجودها في سوريا والحفاظ على قوات النظام في المنطقة، طهران تدرك أن تغير الظروف في المنطقة سيؤثر على العلاقات التركية الإيرانية”.

ألقى الأستاذ في جامعة فيينا قسم العلوم السياسية والجيولوجية توماس شتيندكر كلمة شرح فيها التنوع الثقافي في عفرين والمكونات المتعايشة فيها.

وقال توماس خلال كلمته: “كان يعيش في عفرين الكرد السنة، والإيزيديين والمسيحيين الذين هربوا من المجازر المرتكبة من قبل جيش الاحتلال التركي”.

توماس نوه بأن كافة المكونات المتعايشة في عفرين كانت تعيش بدون فرق ودون تمييز، “عفرين كانت تتميز بالتنوع الثقافي والتعايش المشترك بين المكونات”.

وتحدث توماس عن الإيزيديين الذين هربوا نتيجة الاحتلال التركي، وقال “الشعب الإيزيدي له تاريخ عريق، إلا أنهم واجهوا العديد من المجازر التي ارتكبت من قبل الدولة التركية وآخرها ما واجهوه في عفرين”.

توماس أضاف بالقول “العلويون أيضاً كانوا يعيشون في عفرين لكنهم لم يتمكنوا من الهروب لأن مناطقهم كانت في وسط عفرين والطرق كانت مغلقة، والآن الاحتلال التركي يحاصرهم وهم مثل الإيزيدين يواجهون الإبادة والتهجير والتغيير الديمغرافي وتدمير وانتهاك مقدساتهم التي تعود لمئات الأعوام”.

وبالنسبة للشعب المسيحي قال توماس “المسيحيون يمتلكون في عفرين تاريخ طويل ويوجد فيها العديد من الكنائس والتي بنيت منذ آلاف السنين ولكنها تتعرض للإمحاء والنهب من قبل تركيا ومجموعاتها”.

وفي نهاية حديثه دعا الأستاذ في جامعة فيينا قسم العلوم السياسية توماس شتيندكر القيام بتوثيق الانتهاكات التي يقوم بها جيش الاحتلال التركي من قبل صحفيين مستقلين، وأكد أن قضية عفرين من القضايا المهمة ويجب تدويلها ومناقشتها بشكل دائم والعمل على إجبار الجيش التركي الانسحاب من عفرين، والسماح بعودة أهالي عفرين إلى ديارهم ووقف عمليات التغيير الديمغرافي الذي يجري الآن فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى