مقالات

لماذا تحوَّل شرق الفرات إلى محطة تركيز أطراف الصراع الدولية؟؟

هناك حالة من التعتيم والتناقض في التصريحات بخصوص ما يجري في إدلب، ومدى نجاح الطرفين الروسي والتركي في تنفيذ بنود الاتفاق المتعلق بالمنطقة المنزوعة السلاح؛ فموسكو كانت تصرُّ على تنفيذ الاتفاق المبرم مع تركيا في الوقت المتفق عليه بين الدولتين؛ إلا أنها تركَ الحبلَ الزمني على غاربه لهذا الاتفاق مما بدا للمتتبع للأحداث أن هذا التمديد هو نتيجة رِضىً روسي عمَّا يجري في إدلب بصفقة تلوح في الأفق البعيد؛ بَيدَ أنَّ التحوُّل النوعي الذي نشهده في التصريحات الروسية مؤخراً والتي تقول إن الكرد يَسعَونَ “إلى إقامة كيان مستقل في شمال وشرق سوريا بمشاركة أمريكية، تلتها تصريحات وزير الخارجية السوري تجاه هذه المنطقة بلغت حَدَّ التهديد في اجتياح شرق الفرات وكل الشمال السوري، والأنكى والأدهى من هذا وذاك هو التهديدات التركية لهذه المنطقة بالتزامن مع تهديدات هاتين الدولتين( سوريا وروسيا) مما تجنح بنا التخمينات أن تموضعات جديدة حاصلة بضغوطات جديدة ومحاولة اضفاء  الشرعية على هذه التموضعات، وذلك بعد حضور ماكرون وميركل القمة الاستانبولية أصالة و لرُبَّما وكالة.

ظاهر المعطيات التي نتجت عن هذه القمة مكنتنا من أن نسميها قِمَّة (مكانك راوح) أو قمة ــ المراوحة في المكان ــ

إذاً لماذا انعقدت قمة (مكانك راوح) بالتزامن مع التصريحات النارية التي تستهدف شمال وشرق سوريا بعيداً عن الحضور الإيراني والأمريكي وخصوصاً الإيراني الذي يعتبر المُصارِعُ الرئيسيُّ إلى جانب الروسي في هذه المعركة العالمية الثالثة التي تجري على الأرض السورية ؟؟،

من المؤكد أن حصول أيَّة اهتزازات عسكرية في الشمال السوري ستصبُّ في صالحِ روسيا، ولكن ستكون على حساب العلاقة الأمريكية التركية المتوترة أساساً، وهذا ما تسعى إليه روسيا طيلة سنوات تَدَخُّلها في الصراع السوري واستثمارها في القلق التركي من وجود مشروع ديمقراطي على طول شريطها الحدودي وتدفع جاهدة في التقارب ما بين الطرفين السوري والتركي في هذا المجال وفي محاولة منها ممارسة أقصى الضغوط على أمريكا في أن تحل محلها في الشرق الأوسط، وهذا ما تؤكده التصريحات الأمريكية تجاه روسيا على أن روسيا لا تستطيع أن تحل محلها في الشرق الأوسط.

المعطيات والمسارات التي تأخذها الأزمة السورية رغم بعض المُنغصات المؤلمة التي تحدث؛ تدل على أن الأزمة السورية على مشارفِ نهاياتها إذا ما تمَّ التوافُقُ على الحصص الاقتصادية بين الدول المتصارعة

وفي الإجابة عن هذا السؤال استوجب رسم الاحداثيات وتوقّع المجاهيل التي تُحلُّ وفقها المعادلة السورية مضيفاً إليها الجانب الاقتصادي لأن الصراع السياسي لا ينفصل عن الصراع الاقتصادي مطلقاً، ومن المؤكد أن الطاولة التي ضمت هؤلاء المجتمعون في اسطنبول نوقشت عليها نقاط التلاقي بين هذه الدول

وحضرت الكثير من الاحتمالات والعناوين والأوراق التي سيتم إشهارها والتلويح بها ضد أمريكا وحلفائها في محاربة الإرهاب وخصوصاً في ظل الفتور الحاصل بين أمريكا والسعودية ، والتي ستشكل أكبر الضغوطات البينية للدول المتصارعة من شأنها قد تؤدي بالمحصلة إلى مفازات سياسية واقتصادية كبيرة وكثيرة من قبيل رفع العقوبات عن تركيا بعد الافراج عن القس الأمريكي وعدم الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية الروسية والسماح بعبور النفط الإيراني أو التنصل من العقوبات الأمريكية المفروضة على قطاع الطاقة الإيراني لشراء النفط، وما الهجمات والاستهدافات التي حصلت مؤخراً في شمال وشرق سوريا إلا رسائل ضغط على أمريكا لحصول انفراج في التشابك والتعقيدات الاقتصادية الحاصلة في الشرق الأوسط وهذا ما يدل على أن شمال وشرق سوريا لاعب مهم في المعادلة الدولية وله الكلمة الفصل في الصراع الدائر في سوريا.

زر الذهاب إلى الأعلى