مقالات

لا لحياةٍ ثمينة دونَ حريّة المرأة

أفين يوسف

لديّ قناعةٌ كاملة من خلال ما رأيناه في أزمة روج آفا إنّ دورَ ومهامَ المرأة لا يقتصرُ داخلَ المنزل فقط، وإذا كانت الأزمةُ قد مرّت بمرحلة الضعف نتيجةً لظروف تاريخية معينة أو لأسبابٍ ذاتية موضوعية، فوقعت المرأةُ أسيرةَ هذه الهيمنة الخارجية أو أنظمة الاستبداد ومصادرة الحياة منها، لذلك لا يمكن أن نقول اليومَ لثورةٍ في الشرق الأوسط أن تتم دونَ أن تأخذ بعين الاعتبار أهميّة دور المرأة فيها من منطلق الأساس، لأنّ المرأة هي جوهرُ الثورة الحقيقي، فالنضالُ من أجل التحرّر سمةٌ من سمات تحرّر المرأة، وما كسبته المرأة في ثورة روج آفا يعودُ لحقيقة المرأة ذاتها. كلُّ الأمم، وبصرف النظر عن أعراق المرأة وألوانها وأديانها ومعتقداتها وحتى تعدادها، تتمتّع بحقّ الوجود على قدم المساواة مع الرجل.

المرأة هي بجوهرها ثورة، وحينما كسرت المرأة تلكَ القيودَ التي كُبلت بها حريتها أعادت الثورة هذه الأهمية لها من جديد، بمعنى أعادت إلى مسارها الحقيقي، فبالمرأة يمكنُ تحريرُ المجتمع كما ذكر في فلسفة الأمة الديمقراطية، وكما قال قائد الشعب الكردستاني “بأن حرية دولة بأكملها من حرية المرأة”، لأنّ ما لعبته المرأة في روج آفا سيكون بمثابة إلهام لجميع نساء العالم، وهنا نستطيع أن نقول أنّ المرأة تصدّت لجميع القيود والقوى والأفكار التي تريد النيلَ من دورها في المجتمع، وتشويه حقيقتها كمناضلة ومقاتلة وسياسية من أجل الحرية لجميع نساء العالم.

للمرأة دورٌ قيادي في ديمقراطية المجتمع ودورٌ أساسي في بناء وحدة المجتمع على أساس الحياة الحرّة المشتركة، سيكون هنا للمرأة ضمانة حقوقية ضمن الحياة الاجتماعية التي تعتبر حرية المرأة أساس الحريات، وحقوقها مساوية لحقوق الرجل في جميع مجالات الحياة مثل “تبنيها للرئاسة المشتركة، ساحات القتال والمجالات الإدارية”.

المرأة تستطيع توعية نفسها، وتقومُ بكيفية الحفاظ على حقوقها، وتنظيم نفسها بشكل خاص، كما إنها تقرّر كلَّ الأمور التي تتعلق بالمرأة ودورها في الحياة.

ما قدمته المرأة مؤخراً يُعتبر من أهم القضايا على وجه الأرض وضمن المجتمع، ونستطيع القول بأنها سُبلُ الحلّ، فهذا يدل إلى الحاجة الماسة لجهود قيّمة من ناحيتي “النظرية والعملية”، وذلك لأن المرأة أهم عناصر الحياة الحرة ونستشهد بما قاله المستشرق الروسي “فاديمير فيودورفيج مينوسكي” عن المرأة في كتابه “الأكراد ملاحظات وانطباعات” منذ أكثر من مئة عام “البحث في حالة المرأة مهم جداً لتحديد أخلاق أيّ شعب، وهذا طبعاً بالأكراد أيضاً فهم أكثر الشعوب تسامحاً من جميع الشعوب الإسلامية.. في هذا الصدد تقوم نساؤهم بأعمال بيتية شاقة يجلبن الماء من العين، يتسلقن الجبال العالية لجلب المواشي، وجمع الحطب والتحريج، وإضافة إلى ذلك وبصورة دائمة يحملن أولادهن الصغار حيث يشدنهم في ظهورهن بحزام عريض.

النساء غير محجبات يجلسن في الجماعة وبشجاعة وبدون استيحاء، وغالباً ما يشاركن الرجال في الحوار، وهنا يقول سون: حدث أكثر من مرة أن استقبلتني ربة البيت بغياب زوجها، كانت تجلس وتتكلم معي ولم تكن تتظاهر بالعفة الكاذبة أو سذاجة النساء التركيات أو الفارسيات، وكانت تهيئ لي الطعام والشراب بغبطة وسرور، وعندما كان يرجع الزوج من العمل كانت لا تتركني احتراماً حتى يشد الرجل خيله، ويأتي هو بنفسه إلى الخيمة، ولا يوجد أي حجاب بين الشباب والشابات، فإنهم يعرفون بعضهم بعضاً بصورة جيدة والزواج يتم بينهم بتناسق، ويسيطر على قلوبهم شعور رومانتيكي واسع.

للمرأة عند الكرد شخصيةٌ بلا شكّ ….. حيث يضافُ اسم ابنها لإسمها، وتسمى عوائل كثيرة بأسماء المرأة، ومنهن أصبحن رئيسات للقبائل وكان بيدهم جميع السُلطات، وعندما سيطرَ الأتراكُ على منطقة هكاري كانت تحكمها امرأة (هارتمان) و(عادلة خانم أرملة عثمان باشا جاف في مدينة حلبجة).

المرأة في روج آفا تستندُ على أساس مشاركتها في المساهمة بتحقيق نظام فيدرالي ديمقراطي حقيقي، المرأة تقدم تجربةً فريدةً من نوعها في بناء مجتمع ديمقراطي في روج آفا يحقق ذلك حماية الحياة والحريات والحقوق، المرأة ستشكل عهداً جديداً لنموذج يحيي تاريخَ الشعوب ويمهّد الطريقَ إلى الدور الفعّال للمرأة. المرأة ناضلت ووصلت إلى أعلى درجات البطولة، ومرّت بمراحل جسّدت فيها أسمى معاني التضحية ونكران الذات في سبيل الوجود والدفاع المشروع عن النفس وعن حريتها متسلحة بروح الفداء وامتلاك الإرادة في وجه نظم العبودية.

زر الذهاب إلى الأعلى