تقاريرمانشيت

جدار عفرين مرآة للإبادة الأرمنية ومخلب روسي لتقسيم سوريا

كما لعبت الدول الكبرى آنذاك ومنها روسيا القيصرية سياسات منافقة وقذرة واتفاقات سرية ودوراً خبيثاً في احتدام المسألة الأرمنية لضمان مصالحها السياسية والاقتصادية حين تركوا حكومة الاتحاد والترقي التي تشابه تماماً حكومة العدالة والتنمية اليوم في ارتكاب أفظع الجرائم بحق الأرمن وخنقهم في المعتقلات والتفنن في قتل مليون ونصف المليون من الشعب الأرمني الأعزل حتى عهد كمال اتاتورك بعد تحالفه سنة 1922 مع روسيا البلشفية التي تخلت عن مطالبها وامتيازاتها للإمبراطورية العثمانية المنهارة (الرجل المريض) وسحبت جيوشها (كما فعلت في عفرين) وأفسحت المجال للجيش التركي بالتوغّل واجتياح مناطق أرمينيا حتى أذربيجان حيث أجهز على اللاجئين الأرمن الناجين من المذابح السّابقة.

فيما يخص سوريا يبدو أن منهجية السياسة الروسية والتركية هي نفسها في الإبادة والتهجير سوى أن الأسلوب يختلف قليلاً حيث يوازيه أسلوب المقايضات والمساومات على أراضي دولة أخرى تزعم السيادة والاستقلال. ولكن الحقائق والمعطيات تقول بعكس ذلك تماماً وتدل على أن الدولة السورية مسلوبة الإرادة والقرار السياسي في خضمِّ سياسات ومصالح الدول الإقليمية والدولية والتوافقات التي تحصل فيما بينها على حساب انتزاع وقضم أجزاء ومدن استراتيجية من الجغرافية السورية في ظل صمت سوري رهيب سوى بعض التصريحات الخجولة التي تستنكر وعلى مضض الجرائم التركية التي ترتكبها في كل المناطق التي تحتلها من سوريا من تتريك وتغيير ديمغرافي وإمحاء الثقافة العربية والكردية والموروث التاريخي المرتبط بشعوب المنطقة ونهب خيراتها وثرواتها وذلك بتواطؤ دولي وعلى رأسها روسيا البلشفية التي أعطت الضوء الأخضر للطيران التركي في قصف عفرين والهجوم عليها من قبل المرتزقة بعد أن سحبت جنودها من نقاطها العسكرية التي كانت تتمركز في محيط عفرين.

اليوم وبعد تهجير سكان عفرين وإسكان الطارئين فيها ورغم التغيير الديموغرافي الذي يحصل ونهب الثروات من آثار المدينة التي تدل على الحضارات المارة على هذه الأرض يتم قطع أشجار الزيتون وتجريف الأراضي لتتراصف الكتل الاسمنتية أو ما يسمى (جدار تقسيم سوريا) بارتفاع ثلاثة أمتار وبطول سبعين كيلو متراً حول عفرين وقراها مريمين شمالاً إلى كيمار جنوباً بهدف ضم المدينة إلى تركيا ضمن المقايضات التي حصلت بينها وبين روسيا في أحدث خطة لإثبات ما قاله وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عن تبعية الأراضي التي تحتلها لتركيا وفق الاتفاق الملي وأنها ضمن حدودها لكنها ظُلمت في التنازل عنها بموجب اتفاقية لوزان عام 1923 ورسم حدودها من جديد مع سوريا على مرأى الدولة السورية والروسية التي تزعم بأنها تُمسك بخيوط الصراع في سوريا مما يؤكد لنا ودون الحاجة إلى أية دليل أو برهان أن روسيا تسعى إلى تقسيم بل تُقَسِّم سوريا فعلياً على حساب شعوب المنطقة تنفيذاً لأجنداتها لاستمرارية مصالحها مع الدولة التركية وتفاهماتها غير المعلنة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

زر الذهاب إلى الأعلى