مقالات

إن في الصمت كلام كثير…

الشرط الأساسي لأي إدارة أو حكومة حتى تكبر وتكون رائدة في الساحة السياسية والاجتماعية يكمن في قدرتها على الجمع والاستمرار بنفس الحركة في ظل التعدد والتنوع وإدارة شؤون المجتمع ولبِنَتِهِ الأساسية “المواطن”.

كما إن مدى نجاح الإدارة أو فشلها تتجلى بما تنجزه أو تعجز عن إنجازه  في ميادين عدة كالتعليم والصحة والأكل والشرب والأمان وتأمين مستلزمات الحياة اليومية للمواطنين ويتوقف على قدرة المسؤولين على إدارة الاختلافات بين المكونات المختلفة  وإن أي إداري لا يحسن إدارة الشؤون بالشكل الأنسب سيواجه  مستقبلاً عُزلة و ربما انقسامات داخل إدارته..

في مناطقنا، فإن الاهتمام بشؤون المجتمع والمواطن تحول إلى ما يشبه كرة تتدحرج بين الأطراف العديدة والكثيرة، فيعمل كل طرف على إبعادها ودفعها باتجاه الطرف الآخر.

 أتحدث هنا عن هؤلاء المتلاعبين بقضايا الناس الحيوية، لكن (المصيبة) ليس هناك عيون ترى وآذان تسمع في وقت ليس للرقيب ولا للحسيب مكان هنا.

عن أبناء هذا المجتمع أتحدث , فإن إبداء الرأي والخوض في التفاصيل من حق الجميع، ويمكن لأي كان أن يبدي رأيه ويدلي بدلوه بكل شفافية ووضوح  ودون ارتداء القفازات.

 أتحدث عن المفتاح “الضائع ” لحل الأزمات المعقدة التي تعاني منها البلاد والعباد, وهل سيفلح المسؤولون في إعادة الاعتبار لهما؟

ليتنا ندرك من هو الطرف الوحيد «المخول» الآن، لنتحدث له عن معاناة المواطن ونرجو منه أن ينظر ولو بطرفة عين على مآسيه اليومية. و نتضرع إليه ليجد حلاً لهذا “المواطن “البائس .

 الأحزاب «التاريخية» صارت في ذمة التاريخ، وباتت عاجزة عن إدارة أمورها الداخلية. فكيف لها أن تعالج قضايا المجتمع!!.

وتحول بعض زعمائنا السياسيين  إلى ظواهر صوتية، تسمع صوتهم ولا ترى أفعالهم، فقط المواطن هو من يتم طحنه وعجنه.

ومن جانبهم  جميع الأقلام التي يتمتع حاملوها بالوعي السياسي، والقدرة على قراءة التاريخ، أصبحوا يدركون جيداً أن التقاليد السياسية انتهت موضتها، وأن المناخ العام غير ناضج باتجاه المواطن، ويتصف هذا المناخ بالتحيز إلى جانب واحد وهذا الأمر  لم يعد يخفى على أحد، ويتجلى ذلك في أنماط الفكر السياسي والاجتماعي السائد في هذه المرحلة بوضوح.

وما سبق يضعنا أمام خيار التحرك باتجاه تشكيل خريطة الوعي  بمشاكل المواطن والمجتمع والسير في طريق إيجاد الحلول المنطقية لمشاكله.

أشعر بالذنب لأنني تناولت هذا الموضوع،  ولا أعرف كيف تم استدراجي لخوض أمور لا أعرف بدايتها  من نهايتها، وعلى كل حال العصمة في يد المسؤولين في الإدارة الذاتية الديمقراطية. (وليس كل صَامِتٍ قادر على الردِّ , فهناك من يصمت حتى لا يجرح غيره, وهناك من يصمت لأنه يتألم وكلامه سيزيده ألماً, وهناك من يعلم أن الكلام لن يفيد إذا تحدث ).

وتبقى قصيدة الشاعر محمد الفيتوري  تسدل الستار عما يخامرني من صمت:

لم تمت فيَّ أغانيَّ، فما زِلتُ أغني

لكِ يا أرض انفعالاتي، وحزني…

زر الذهاب إلى الأعلى