ثقافةمانشيت

 أدب الأطفال من حقبة الصهر والانحلال إلى مرحلة الانبثاق والنشوء

إعداد: ياسر خلف          

الأدب بحر واسع يشمل الحياة كلها يشمل التاريخ والجغرافية والفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع فهو مرادف للثقافة ومتمم له وأن حصره في الشعر والنثر الفني لا ينسجم ومفهومه الواسع والأدب يعد فناً عظيماً من الفنون الجميلة أداته اللغة التي تصور ما به من أفكار وأحاسيس وهذه اللغة في الأدب بمثابة الألوان للتصوير والرخام للنحت وهو فن لغوي تخيلي تنظمه أنواع أدبية معروفة شعراً ونثراً وقصة ورواية وكل ما يشمل من فنون الكلام  فهو أحد أشكال التعبير الإنساني عن مجمل عواطف وأفكار وخواطر وهواجس الإنسان والأدب فن قائم على الاختيار والانتقاء والتأليف والتركيب والتصوير سواء من حيث تشكيلته اللغوية أم من حيث المحتوى. الأدب كان ومازال الطريق الوعر والسهل الممتد، المحجوب الأفق عبر الأزمنة للوصول إلى الغايات والأهداف السامية في مضمار الحياة البشرية، والسباقة دائماً للبناء وخلق القيم وزرع كل ما هو جميل في حدائق الأدب ونبذ كل قبح.

ماهية أدب الأطفال: 

إن كان الأدب بوجه عام انتقاءً فإن أدب الأطفال لا بد أن يقوم على الانتقاء والاختيار على أن الأدب العام قد تكون انتقاء من مصادر أدبية أوقد تكون غير أدبية فعليه يكون أدب الأطفال انتقاء من المنقى وبمعنى آخر يمكن القول إن أدب الأطفال هو كالعسل المصفى الخالي من الشوائب وفي هذا تقول شارلوت هاك C . Huck  فترى أن أدب الأطفال يتمثل في: كل ما يقرأه الأطفال أو يسمعونه، سواء أكان في صورة شعار أم في صورة قصص خيالية أو واقعية، وسواء أكان هذا في صورة تمثيليات ومسرحيات، أم في صورة كتب ومجلات، بشرط أن تكون هذه المختارات المقروءة أو المسموعة مناسبة لفهم الأطفال وخبراتهم وانفعالاتهم. “إنه الكلام الجيد الذي يحدث في نفوس الأطفال متعة فنيه سواء أكان شعراً أم نثراً وسواء كان تعبيراً شفهياً أم تحريرياً ويدخل في هذا المفهوم قصص الأطفال ومسرحياتهم وأناشيدهم وهو كل خبرة لغوية ممتعة وسارة لها شكل فني يمر بها الطفل ويتفاعل معها فتساعد على إرهاف حسه الفني ويعمل على السمو بذوقه ونموه المتكامل وتساهم في بناء شخصيته وتحديد هويته وتعليمه فن الحياة.

أدب الأطفال كضرورة مجتمعية وتربوية

أدب الأطفال ضرورة مجتمعية وشرط أساسي للتنمية الثقافية فإن أي تنمية ثقافية وتربوية تتجاهل أدب الأطفال أو تهمله فهي ناقصة وتفتقر لجذورها وذلك لأسباب تتعلق بالتكوين الإنساني وطبيعته التربوية والمعرفية, ولأدب الأطفال طبيعته القومية وعلاقته الوثيقة بالوسط الاجتماعي الناشئ فيها وقد تعتبر هذه النقطة بالتحديد ذات أهمية بالغة في قيام الأدب الأصيل والرصين الذي يمكنه مواجهة الإبادة والصهر الثقافي الممنهج والمفروض فلو أمعنا النظر في الواقع المأساوي والظلم والاستبداد والإنكار الذي شهدته كوردستان وروج آفا على وجه الخصوص على يد الأنظمة العنصرية والدكتاتورية لتبين لنا سبب تأخر بدء الحركة الأدبية في روج آفا فمنذ البداية لم يفسح المجال لأبناء الكرد التعليم باللغة الكردية في المراحل الدراسية كما أن الحكومات والأنظمة التي توالت على الحكم كانت دائماً تحاول أن تعرقل عجلة التقدم والتطور الثقافي والأدبي وتعيق كل محاولة لوضع أسس سليمة لثقافة كردية رصينة ولحركة أدبية أو فنية تواكب التقدم الحضاري والثقافي والأدبي لشعوب المنطقة.

نشأة أدب الأطفال عالمياً وكردياً

أ – نشأتها عالمياً

لعلى الخوض في صيرورة الأدب الكردي وأدب الأطفال بشكل خاص يحتم علينا الولوج في نشأت أدب الأطفال عالمياً وكردياً: فأدب الأطفال أدب قديم حديث فقد كانت الأمهات والجدات يقصصن الأساطير والخرافات والأغاني التي كانت تهدهد بها للأطفال خصوصاً قبل وقت النوم وقد يكون هذه النقطة بالتحديد هي المنبع والمتنفس الوحيد الذي بقي خارج نطاق الإبادة والصهر الثقافي الممنهج في المناطق الكردية وعلى الرغم من أن معظم الحضارات والأمم القديمة لم تهتم بتسجيل حياة الطفولة عندها أو آداب أطفالها لذاتها وما وصل من هذه الحضارات قليل نادر وهو على اتصال وثيق بعمل من أعمال الكبار ولم تكن للطفولة على وجه التحديد. وأن المتتبع لنشأت أدب الأطفال سيكتشف أن الأطفال ظلوا يتامى الأدب حتى وقت قصير فقد سعى الأقدمون إلى فرض طرائق تفكيرهم وأساليب عملهم التقليدية على الأطفال دون مراعاة عواطفهم وميولهم ورغباتهم ونوازعهم, ومن الملاحظ أن الاتجاهات الخاطئة ظلت سائدة آلاف السنين حيث غزتها بعض العقائد الدينية والفلسفية والاجتماعية والتربوية وكرستها النظم السياسية لمصالحها وفي ظل سيادة المفاهيم التربوية الخاطئة وسيادة بعض الأفكار الدينية نشأ أدب الأطفال في القرن السابع عشر مستمداً مقوماته من الحكايات الشعبية الشائعة حيث كانت أغلبها خرافات وأساطير يلعب بطولتها الجان والعفاريت والسحرة… وبعد انتقال المجتمعات الأوربية من الإقطاعية إلى النظام الرأسمالي بدء أدب الأطفال يتخذ صيغاً يراد منها إجلال النظام الجديد ومع ذلك فلم تتبلور فلسفة واضحة المعالم لأدب الأطفال سوى الخرافات المنسوبة لمؤلفين مثل خرافات [إيسوب], وفي أواسط القرن الثامن عشر نادى الفيلسوف [جان جاك روسو] بأن هدف التربية هو أن يتعلم الإنسان كيف يعيش وأن تترك للأطفال فرصة تنمية مواهبه الطبيعية. والتقى بذلك مع [جون لوك] بآرائه التربوية الفلسفية.

ومن هنا فقد قيل: أن الفرنسيين كانوا أول من كتبوا للأطفال في القرن السابع عشر وتلاهم الإنكليز في هذا الميدان حيث دخلت أمثولات لافونتين أدب الأطفال وقصص فيدروس الهجائية الساخرة والمريرة, وأشعار [سيروالترسكون] الشعبية وقصص المغامرات  لكبلنج وغيرها وكان من أوائل الذين كتبوا خصيصاً للأطفال الشاعر الفرنسي [تشارلز بيرو] وكانت أول حكايته [أمي الإوزة] .

ب-  نشوء أدب الأطفال كردياً

أما بالنسبة لتاريخ الأدب الكردي فإنه ينقسم شأن كل الآداب، إلى قسمين: الأدب الشعبي المحكي أو الفولكلور. الذي غاب قائله وأصبح جزءاً من تراث الشعوب وذاكرتها. والأدب المدون، الذي ينتسب إلى قائله أو كاتبه والأدب الشعبي أو الشفاهي عند الكُرد أدب غزير ويتمثل غنى هذا الأدب.

أولاً: في الأمثال والأقوال الشعبية المأثورة والألغاز والأحاجي حيث يحب الكردي أن يزين حديثه بجمل مسجوعة وموزونة أو ببعض المأثور من الحكمة تظهر وعيه وقوة ملاحظته وتزودنا الأمثال أيضاً بملخص مركز لحكمة عملية ثانياً: في الأغاني وأشكالها وأنواعها: فهناك أغاني الرقص (ديلوك) وأغاني الحب (لاوِك) وأغاني الحرب أو الغناء الحماسي (شر)، وهناك النشيد أو الترتيل الديني (لافيز، لافيزوك، لازه)، وأخيراً هناك النشيد الجماعي والمغنون الكُرد فئات: فهناك (دنكبيز) أو (استرانفان) وهو المغني الشهير. يأتي بعده (جيروكبيز) وهو المغني البسيط، الذي يغني حيناً ويروي حيناً آخر، وأكثر ما يكون ذلك في رواية القصص القصيرة. وهناك (مرطب أو مطرب) وهو الغجري المغني والراقص. ويوجد أيضاً (سازبند) وهو الفنان الموسيقار الذي يسير مع دنكبيز. و(بلورفان) وهو النافخ في الناي.

وتنقسم الأساطير الكردية بدورها أقساماً، فهناك القصة (جيروك)، وهناك الأقصوصة (جير جيروك)، والقسمان نثريان موزونان، يرويهما شخص يدعى (جيروكبيز) أو الراوية، وينشدها (دنكبيز أو استرانفان) أو المغني. وهنا ينبغي أن ننوه أن أغلب القصص والحكايات الكردية هي نابعة من ملاحم ومآثر حقيقية قد حدثت بالفعل وتناقلها المغنون والقصاصون على مر الأجيال لتتحول إلى تاريخ غنائي قصصي فلكلوري سُرد شفاهياً حتى وقت قريب ونظراً لتفشي الأمية الثقافية والأدبية المقصودة والمفروضة على الشعب الكُردي فقد توارثت الأجيال آدابها من الرواة والقصائد والأغاني ـ أغاني الحروب وأقاصيص الحب والملاحم، كملحمة نضال الكرد في قلعة (دُمْ دُمْ) وملحمة (مم وزين) التي تصف العلاقة الغرامية البريئة بين (مَم) و(زين) وملحمة (درويشي عبدي) وسيابند وخجي (وشيرين وفرهاد)… وغيرها العشرات من الملاحم والمآثر الكردية التي لا تزال تحتفظ بجوهرها وحقيقتها الحضارية كسلسلة مترابطة غير منقطعة لتتجول إلى نوع من التراث والتاريخ الأصيل تتجدد كل لحظة وحين وذلك كشكل ومضمون مقاوم ومجابه لجميع سياسات الانكار والامحاء والإبادة  .

ج – نشأة الأدب المقدم للأطفال في كردستان

أما الأدب الكردي المقدم للأطفال فأنه يفتقر إلى أدب الأطفال بمختلف فروعه، من قصة ومقالة ورواية ومسرح وخاطرة وقصائد بالإضافة إلى فقدان المناهج وضعف وسائل الإعلام الكردية في انتشال الطفل الكردي من مستنقعات ثقافة التتريك والتعريب والتفريس التي يتم تلقينها لأطفال الكُرد في ظل أيديولوجيات السلطات التي تتقاسم أجزاء كردستان منذ نعومة أظفارهم وذلك وفق معطيات ومفاهيم مبنية على أسس ومبادئ تاريخية غير صادقة فالمناهج والتاريخ المعتمد في المدارس والمراحل الدراسية تلقن للطفل بما يخدم مصلحة هذه الأنظمة  والأدب الكردي كغيره من الآداب الإنسانية سعى إلى تناولَ الطفل وقضيته في التربية والعيش ضمن حياة كريمة وصحيحة وهادفة رغم الواقع البائس الذي عاشوا فيه في ظل أنظمة استبدادية وإنكارية لأي حق للشعب الكردي والحرمان من تعلم ثقافتهم ولغتهم الكردية. ورغم ذلك فلو عدنا إلى التاريخ والفولكلور الكردي نجد أن الأدب الكردي المقدم للأطفال كان غنية ولم تنقطع عن تقديم كل ما هو مبدع ولكن لم تصل إلى مرحلة التدوين والكتابة كنصوص أدبية يمكن انتهالها وبقي الأدب الكردي المقدم للأطفال شفاهية كأغاني الأمهات أثناء نوم الأطفال وقصصها وكذلك مآثر وملاحم البطولات التي كان يتناقلها المغنون [dngbej]، وكذل نجد أن الطفل تلقى الاهتمام والرعاية من رواد الأدباء الأكراد القديمين ويأتي في مقدمتهم الشاعر (أحمد خاني) أمير الشعراء الأكراد (1061م)، الذي قدم للطفل الكردي مبادئ عامة في التربية والتهذيب الأخلاقي من جانب وحثه على المواظبة في طريق تحصيل العلم مبينا قيمة العلم والأدب في ترقية النوع البشري وتهذيبه والسموّ به إلى مستوى فكري وشعوري وخلقي نبيل. ويعتبر أحمد خاني أول من خاض في كتاباته للأطفال ومن بعض مؤلفاته كتاب [Nûbihara Biçûkan] في سنة 1683 وكتاب[Gulzar]

مرحلة الانبثاق والنهوض بأدب الأطفال في روج آفا وعموم كردستان

في الآونة الخيرة ظهر العديد من الكتاب الكرد الذين يكتبون للأطفال وهو ما يبشر بمستقبل جيد

وخاصة بعد بدء انهيار الأنظمة الدكتاتورية القومية المحتلة لغربي كردستان (روج آفاي كردستان) وجنوبها فقد بدأ مرحلة النهوض بالأدب الكردي بشكل عام وأدب الأطفال بشكل خاص حيث بدأ التدريس والتعلم باللغة الكردية بشكل رسمي وفق مناهج عصرية وأنشأت العديد من المعاهد والجامعات المختصة بالأدب والثقافة والتاريخ واللغة وغيرها من الفروع التي حرم منها الشعب الكردي والتي تعتبر المنبع والمنهل الرئيسي لانتشال وتخليص الأدب والثقافة الكردية من بوتقة الإبادة والصهر والانحلال ضمن الثقافات المفروضة عليه الأمر الذي تطلب البدء بداية سلمية للنهوض بالمجتمع والحفاظ على قيمه ومبادئه وذلك ببناء أجيال واعية بقضايا مجتمع ووطنه فحياة الإنسان حلقات متصلة ومتداخلة  وهو كالبناء لا يمكن أن تصل إلى كماله إلا بوضع الأساسات المتينة والراسخة التي تجعلها متماسكة ومتراصة يمكن أن تبني عليها ومرحلة الطفولة يعتبر الأساس في عملية التربية والتنشئة الاجتماعية السليمة والتي من غير الممكن الوصول إليها إلا بتقديم الوسائل الأدبية والثقافية والفلسفية السليمة النابعة من قيم المجتمع وأخلاقها والمواكبة للتقدم والرقي الإنساني والحضاري.

مضمون الأدب المقدم للأطفال:

باعتبار أدب الأطفال غير منفصل من حيث التكوين والشكل والمضمون عن أدب الكبار وهو يعتبر الأساس الذي يجب أن يبنى عليه إذ يجب أن تبنى فلسفة أدب الأطفال على أهداف متحدة لا متصارعة وتبتدع أهم الوسائل للوصول إلى تلك الغايات مستمدة كل وسائلها وأهدافها من المضامين الاجتماعية والقيم الأخلاقية وسائر ما توصل إليه البشرية في سيرها الطويل نحو الكمال وهو ما ينبغي عليه قيام المؤسسات المجتمعية والفعاليات والنخب الثقافية التأكيد عليه للنهوض بالمجتمع وتصحيح مساره الحضاري الذي تخلف عنه طيلة الحقب الفائتة نتيجة السياسات والممارسات العنصرية الممنهجة من قبل الأنظمة القومية المستبدة.

وباعتبار أدب الأطفال وسيطاً تربويّاً يتيح الفرص أمام الأطفال لمعرفة الإجابات عن أسئلتهم واستفساراتهم ومحاولات الاستكشاف واستخدام الخيال وتقبّل الخبرات الجديدة يتوجب على الأدب المقدم للأطفال أن يكون متماشيّاً مع قدرة استيعابهم وإدراكهم وقدراتهم ويكون ذلك في مناهج علمية متقنة ومتخصصة ليقف الطفل أمامه وينهل منه الإجابة عن كل ما علق في ذهنه من أسئلة واستفسارات.

وعند تقديم النّصوص الأدبيّة الموجّهة للأطفال فعليها أن تحمل بين ثناياها ما يراعي ميول الأطفال وخصائصهم وقدراتهم ويخاطب فيهم خصلة المعرفة والاستقصاء وينشأ بداخلهم الخبرات وينمي القدرات الابداعية بمختلف جوانبه وتحث الأطفال أن يعيشوا خبرات الآخرين ومن ثم تتّسع خبراتهم الشّخصيّة وتعمّيقها, وكذلك إتاحة الفرصة للأطفال لكي يشاركوا بتعاطف وجهات نظر الآخرين تجاه المشكلات وصعوبات الحياة وهكذا فان أدب الأطفال يسعى إلى تنميّة المهارات والقدرات الإبداعية سواء كانت تربوية وتعليمية  كالقراءة والكتابة  وتزويدهم بثروة لغوية فصيحة تزيد من ثروتهم وخبراتهم الخاصّة، وتنموا هذه الثروة والخبرات مع نمو أعمارهم ومراحلهم التعليمية وكذلك الأمر بالنسبة للمهارات الفنية والاجتماعية والرياضية… وغيرها

وباعتبار أدب الطفل أداة تعليميّة وتربوية تقضي في تقديمه وانتقائه أن تواكب المناهج الدراسيّة والمراحل العمرية المختلفة بل يتوجب بالأدب المقدم للأطفال أن يرتقي بالطفل إلى مستويات أفضل لأنّه يخاطب وجدانه وعقله وينطلق بخياله إلى آفاق المستقبل ويزوده بمعلومات ومهارات وخبرات كثيرة ومتنوعة فيترتب على أدب الأطفال أن يساهم في بناء شخصيّة الطفل والأخذ بيده لتكوين شخصيّة مثقّفة ذات خلفيّة معرفيّة واعي بقضايا أمته وشعبه.

خاتمة:

الأطفال هم ثروتنا وهم طليعتنا نحو المستقبل وهم أساس تجدد وديمومة أي مجتمع ووجوده فالأطفال هم بمختصر الكلام المستقبل الذي يجب إعدادهم بدراسة وتعمق وواعي ممنهج ومستفيض ذلك أنه من المستحيل أن يلج أي مجتمع بوابة المستقبل ما لم يتم الاعتناء بالأطفال وتنشئتهم بطرق وأساليب تربوية متناغمة مع مراحلهم العمرية وقدراتهم العقلية وتنمي خصائصهم الإبداعية مستقبلاً.

إن التراث والأدب الكردي مليء بالقصص والروايات والسير والأمثال والمواعظ السردية وهي غنية بملاحمه ومأثره البطولية التي قل نظيرها من حيث مضمونها الحقيقي النقي ولكنها بقية في حدودها الواسع الموجه للكبار ولم يتم تنقيتها وصياغتها لجعلها في مستوى وعي الأطفال ومدركاتهم واستثمارها في صناعة أدب كردي خاص بالأطفال وهذا التقصير شملت جميع ميادين الأدب سواء كان شعراً أو قصة أو مسرحاً… وغيرها لذلك من الواجب والضروري أن يتم إعادة تقييم الأدب ودراسته بشكل علمي من قبل الجهات المختصة ليتم إعداد أدب للأطفال وفق مناهج تربوية علمية عصرية وليكون هذا الأدب قائماً بذاته كمنهل للولوج إلى الأدب بمعناه ومضمونه الواسع سواء كان محلياً أو عالمياً.

إن الإدارة الذاتية في روج آفا بتجربتها الفتية الناشئة باتت مؤهلة لاستثمار التراث الأدبي والثقافي في خدمة وبناء أدب الأطفال الخاص بهم وذلك بإجراء دراسات وأبحاث مكثفة لإعداد مناهج خاصة بالأدب المقدم للأطفال وخاصة وأن البنية المؤسساتية باتت مؤهلة لاتخاذ هكذا اجراءات التي من شأنها أن تضع الأسس السليمة المستقبلية للأجيال المتصاعدة المتنامية على الارث الثقافي والأدبي الأصيل.

زر الذهاب إلى الأعلى