الأخبارمانشيت

Foreign Affairs: كيف يحكم الكرد سوريا – نموذج روج آفا  

%e2%80%abmeredith-tax1-%d9%86%d8%b3%d8%ae%d8%a9تستمرُ الكتابةُ وكذلك تأليف الكتب والمقالات, ويستمر الاهتمام الدولي من قبل العديد من الكتاب والنشطاء الحقوقيين بمشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ومشروع الفيدرالية في روج آفا والشمال السوري والقوات العسكرية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية ومن ضمنها وحدات حماية الشعب والمرأة YPJ-YPG والممثليين السياسيين لهذه الوحدات, حيث نظامهم القائم على العيش المشترك وأخوة الشعوب والعيش جنباً إلى جنب مع كافة مكونات المنطقة بغض النظر عن الجنس والعرق والقومية والديانة, هذه من جهة ومن جهةٍ أخرى الدور الكبير الذي تلعبه المرأة في هذا المجتمع وفي هكذا نموذج فتي في روج آفا, بهذا الصدد وبعد تأليف الكاتبة النسوية والناشطة الأمريكية “ميريديث تاكس”: كتاباً عن المقاتلات في صفوف وحدات حماية المرأة في روج آفا (طريقٌ ليسَ في الحُسبان), عادت لتكتب مقالاً في الـ  Foreign Affairs عنونته باسم:

كيف يحكم الكرد سوريا – نموذج روج آفا

ميريديث تاكس

كتبت فيه:

 نموذجٌ جديدٌ من التنظيم الاجتماعي يتشكلُ في المناطق الكردية شمال سوريا.

روج آفا كما هو معروف تضم ثلاثة كانتونات في الجزء الغربي من الوطن التاريخي للشعب الكردي، والتي تنقسم الآن بين إيران والعراق وسوريا وتركيا.

من ناحية المساواة الاجتماعية والتعددية العرقية ومكافحة الطائفية، تعتبر هذه المقاطعة إنجازاً إقليمياً. وهذه هي الحالة بصورة خاصة عندما يتعلق الأمر بالنهوض بالمرأة.

بدأ اهتمام الرأي العام الغربي بالانتقال إلى روج آفا في عام 2014 و 2015، عندما أخذت القوات العسكرية في روج آفا، وحدات حماية الشعب الـ YPG ووحدات حماية المرأة الـ YPJ، تلعب دوراً رئيسياً في الإطاحة بتنظيم داعش من كوباني، المدينة الواقع في شمال سوريا.

تمسك المراقبون بميزتين أثنتين لهذه الجماعات:

أولاً: تفوقها على تنظيم داعش الذي حاربته قوات الأمن العراقية وقوات المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة.

ثانياً: بروز المقاتلات الإناث في صفوفها.

منذُ الحربِ العالميةِ الثانية شاركتْ مقاتلاتٌ إناث في الصراعات المسلحة في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك فقد جندت أكثر المجموعات المسلحة الإناث لأنهم بحاجة إلى مزيدٍ من الجنود، وليس لأنهم يريدون تمكين المرأة، والقليل منها أعطت الأولوية لمساواة المرأة بالقدر الذي فعله الكرد في سوريا وتركيا.

ومع تركيز روج آفا على الدور القيادي للمرأة فإن ذلك لا يقتصر على القوات المسلحة، وهو ما يحدد رؤية مجتمعية أوسع للكرد السوريين. يجب أن يكون أربعين في المائة من أعضاء أي مجتمع مدني أو هيئة حاكمة في روج آفا من الإناث. وبالمثل يجب أن يتشارك الذكور والإناث كراسي الرئاسة في جميع الأجهزة الإدارية والمشاريع الاقتصادية ومنظمات المجتمع.

على الرغم من أن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD هو المهيمن في روج آفا حيث أن الكرد يشكلون غالبية سكانها، فإن روج آفا هي موطنُ عددٍ من الأحزاب والأعراق السياسية الأخرى. هذا هو المجتمع الوحيد في المنطقة الذي يعتمد على قوة سكانه بالكامل.

 كيفَ تمكنتْ النساءُ من الحصولِ على أكبرِ قدرٍ من السلطةِ في خِضَمِّ الحربِ من أجلِ البقاءِ على قيد الحياة؟

استثناء إقليمي

تبدأ القصة في تركيا في عام 1978، عندما تأسس حزب العمال الكردستاني PKK للدفع من أجل إقامة دولة كردية مستقلة. في السنوات الأولى من التمرد ضد الحكومة التركية كان على رأس حزب العمال الكردستاني في الغالب مقاتلون ذكور. ولكن ذلك تغير في تسعينيات القرن المنصرم، عندما ظهرت المقاومة المدنية الكردية الأوسع في المدن التركية، وبدأ النشطاء الكرد الضغط من أجل التمثيل البرلماني، حزب العمل الشعبي HEP في كِلا المسعين لعبت النساء أدواراً قيادية. “ليلى زانا” عضو الـ HEP السابق، لا تزال تخدم في البرلمان التركي.

وبحلول عام 1993 وفقاً للصحفية “اليزا ماركوس”، كان ثلث أعضاء حزب العمال الكردستاني الجدد من النساء؛ وقامت “ساكنة جانسيز” (قبل استشهادها) وهي أحد الأعضاء الأوائل في الحزب بتطويع العديد منهن.

 وفي عام 1995 شَكَّلَ حزب العمال الكردستاني جيشاً للنساء، وهو ما يسمى الآن بـ يجا ستار. القرار الذي أنشأ الجيش أوضح أنه سيكون بمثابة نموذج للمنظمات النسائية الأخرى في جميع قطاعات الاقتصاد، وكل المؤسسات الاجتماعية، وحتى في مجال الثقافة.

البند كان يقف خاصةً عند حقيقة أن في ريف كردستان كانت تبعية المرأة ــ من خلال ممارسات معادية للمرأة كتلك التي تسمى جرائم الشرف، والعزلة المفروضة، وزواج القاصرات ــ تعتبر قاعدة لفترة طويلة من الزمن.

 بالنسبة للعديد من النساء الكرديات كان ترك أسرهن للانضمامِ لجماعةٍ متمردةٍ بمثابةِ كسرٍ للعرفِ التقليدي الأبوي. وهكذا فأن المقاتلات الكرديات مَهَّدْنَّ الطريق لحركة تحرر المرأة داخل المجتمع الكردي ككل.

بعض قادة روج آفا مثل رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي “صالح مسلم” كانوا مقربين من فكرِ حزب العمال الكردستاني، والكثير من النماذج التي وضعت موضع التنفيذ في روج آفا كانت قد خضعت للتجربة أولاً في تركيا.

منذ تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي في عام 2003، كان تحرير المرأة جزءٌ من برنامج الحزب, وفي عام 2005 أطلق “يكيتيا ستار” وهو ذراعه التنظيمي التابع للمرأة, وبعد أن وصلت كانتونات روج آفا إلى درجة تسيير أمورها بنفسها على نحوٍ فعالٍ، بدأ أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي من الإناث ينتظمن بحيويةٍ  أكثر، مما جعل الدفاع عن المرأة جزءً لا يتجزأ من الحرب ضد تنظيم داعش. وسرعان ما بدأ الحزب بضم أعضاء جدد من المجموعات العرقية الأخرى في المنطقة بما في ذلك الآشوريين والكلدوسريان والعرب التركمان والشيشان.

وتصف الجماعة التي غيرت اسمها إلى ” KONGRA-STAR” في وقتٍ سابقٍ من هذا العام نفسها كمنظمة مظلة لحركة نساء روج آفا. وعلى الصعيد المحلي تضمم  ” KONGRA-STAR” عدداً من المنظمات المعروفة باسم كومونات المرأة، التي تعمل بالتوازي مع كومونات مختلطة من الجنسين, وتدير أموراً مثل تحديد القدرات والاستفادة من المناخ العام. وتركز كومونات المرأة على العنف المنزلي والزواج القسري، والبرامج الصحية والاقتصادية للمرأة، من ضمن قضايا أخرى متعددة، وفي كثيرٍ من الحالات يمكن لها أن تتفوق على نظيراتها المختلطة. ولجان  ” KONGRA-STAR” من أعلى مستوى تدير خمسة مجالات هي:

  • فصول التربية والتعليم ومحو الأمية وخاصةً الكبار. – الصحة العامة بما فيها العيادات المتخصصة للنساء. – الاقتصاد بما في ذلك إدارة التعاونيات. – تسوية نزاعات المجتمع والتي تشمل الوساطة وإدارة مراكز الإيواء لضحايا العنف المنزلي. – والدفاع عن المواطن وهو أمرٌ أساسيٌ في البرنامج السياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD وبالأخص في برنامج ” KONGRA-STAR”.

– هناك ثلاث قوى دفاعية للمرأة في روج آفا: الـ YPJ التي تقاتل الأعداء الخارجيين مثل تنظيم داعش, قوات الأمن المحلية, وقوات الدفاع المدني المرتبطة بالكومونات، والتي تعالج أمن الأحياء بما في ذلك حالات العنف ضد المرأة.

الحكم الذاتي والديمقراطية

إن تصاعد نفوذ النساء في روج آفا هو جزءٌ أساسيٌ من تحولٍ أوسعَ للسياسة الكردية هناك وفي تركيا. وخلافاً لكرد العراق، فأن الكرد في سوريا وتركيا تحركوا بعيداً عن القومية البحتة وسعوا بدلاً عن ذلك إلى حكمٍ ذاتيٍ محليٍ في ظل نظامٍ فيدرالي الذي تتمثل بالخطة الطويلة المدى في تأمين الديمقراطية والدساتير اللامركزية التي تنص على حكمٍ ذاتيٍ محليٍ واسعِ النطاق وحماية حقوق الإنسان. هذا التحول جرى بالتوازي مع التطور الأيديولوجي لزعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان، وهو مناضلٌ سابقٌ يُعْتَبَرُ الآن مُدافعاً عما أسماه النظام “الكونفدرالي الديمقراطي”.

على ضوء الاضطرابات الحالية في المنطقة فإن رؤية روج آفا لمجتمعٍ نسويٍ ديمقراطيٍ صريحٍ تبدو للبعض غير واقعية. ومع ذلك فقد أظهر فشل المفاوضات التي جرت لإنهاء الحرب الأهلية السورية محدودية القدرة الدبلوماسية لوضعِ حدٍ للصراعات التي أشعلتها جهات فاعلة غير حكومية وممولة من قبل قوى خارجية. وفي العقود الأخيرة كان هناك عددٌ قليلٌ من النماذج السياسية في المنطقة المجاورة لكردستان، التي على ما يبدو قدمت الكثير من الوعود من أجل المساواة والسلام كما يسميه الكرد الإدارة الذاتية الديمقراطية.

وحتى الآن تعاملت الولايات المتحدة مع الكرد السوريين كحليفٍ استراتيجي, وقدمت لهم الدعم العسكري بخلاف الدعم السياسي أو الاقتصادي العلني.

يمارس الكرد السوريين شكلاً من أشكال الديمقراطية التي تُكْرِّسُ المساواة بين الجنسين وتعارض مفاهيم “اللانتيجة” للحقوق الوطنية والعرقية.

 نظراً لالتزاماتها المعلنة ينبغي على الولايات المتحدة أن تكون على استعداد لدعم هذه الأهداف.

Meredith Tax

Foreign Affairs

زر الذهاب إلى الأعلى