الأخبارمانشيت

يوميات جندي تركي في حملة الابادة الجماعية بحق الكرد والأرمن في ديرسم

نشرت مؤرخة تركية يوميات جندي شارك في حملة الإبادة الجماعية في ديرسيم، وقد سجل الجندي الأحداث اليومية لحملة الإبادة تلك، لكن بعض صفحات اليوميات تالفة بدون معرفة سبب تلفها.
تعمل الأكاديمية د. زينب توركيلماز منذ سنوات على تدوين تاريخ الإمبراطورية العثمانية، ولدى بحثها في دار أرشيف أتاتورك عثرت على مفكرة جندي شارك في حملة الإبادة الجماعية في ديرسيم. الجندي اسمه (يوسف كنعان أكيم)، ويتحدث في يومياته عن وحشية الجنود الأتراك خلال المجزرة وكيف قطعوا رؤوس آلاف الكورد والأرمن وأحرقوا قراهم.
وورد في مفكرة الجندي أكيم: “قمنا اليوم بتفتيش الجبال والمرتفعات، عادت وحدتنا برأس عميل الشام (الشيطان علي) وعدد كبير من الرؤوس الأخرى. وحدتنا معروفة جداً، وكل القادة يشيدون بها، ويصفونها بوحدة “الأبطال”. كان (علي غالب باشا) يرسل إلينا تحياته باستمرار، ويقول للضباط أقبل عيون جنودكم”.
الجندي أكيم الذي شارك في حملة الإبادة الجماعية بديرسيم، من أهالي مدينة سامسون، وكان يسجل يومياته بصورة يومية. أصيب قسم من صفحات المفكرة، للفترة بين يومي 27 تموز و25 أيلول، بالتلف وأصبحت قراءتها مستحيلة بسبب انتشار حبر الكتابة.
يتحدث الجندي أكيم في يومياته عن حياته ويقول إنه كان يشغل أوقات فراغه بالذهاب إلى السينما ومطالعة الروايات، ويتحدث أيضاً عن حبيبة له اسمها (نديمة) كان يراسلها باستمرار.
روت د. زينب توركيلماز قصة حصولها على مفكرة الجندي أكيم، وقالت: “كنت أبحث لأجل أحد أعمالي في أرشيف أتاتورك الرقمي، وكانت (ديرسيم) من بين الكلمات المفتاحية التي استخدمتها، فعثرت على مفكرة هذا الجندي”.
تعمل توركيلماز منذ 1999 على الإبادة الجماعية التي ارتكبت في ديرسيم، فبادرت إلى تنزيل المفكرة وقرأتها بدقة وتمعن لأنها لم تكن تتوقع العثور على مادة حساسة كهذه في أرشيف الدولة التركية: “هذه المفكرة تعد من المصادر الدقيقة والملأى بالمعلومات التي أفادتني كثيراً”.
وتقول توركيلماز إنها تحدثت لزملائها في الموضوع، وكان هناك كثير من المؤرخين يبحثون عن هذا الموضوع لكنهم لم يعثروا عليه في الأرشيف. لهذا فإنها لا تعرف إن كانت قد سحبت من الأرشيف أم تم إدراجها ضمن تصنيف مختلف وفي مكان مختلف.

الإبادة الجماعية في ديرسيم
بدأ تنفيذ حملة الإبادة في ديرسيم في 4 أيار 1937 بأمر من الحكومة التركية واستمرت الحملة حتى العام 1938، وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أنه تم خلال الحملة قتل أكثر من 50 ألف كردي وأرمني وتهجير 11818 آخرين من المنطقة. تم خلال الحملة سبي عدد كبير من بنات الكرد والأرمن واتخاذهن جاريات وإهدائهن لعوائل تركية.
ورغم مرور 83 سنة على حملة الإبادة تلك، فإن الدولة التركية ترفض حتى الآن الإقرار بارتكابها، وأعلن أردوغان عندما كان رئيساً للوزراء أنه “إن كان قد حدث أمر مخز يدعو للاعتذار فأعتذر باسم الدولة”.
بعد تصريحات أردوغان تلك، شكل البرلمان التركي لجنة لجمع الوثائق المتعلقة بتلك الإبادة الجماعية. تقول د. توركيلماز: “تم جمع الكثير من الأدلة، لكن للأسف تم حفظها في مكان وتوقف عمل اللجنة. أي أنه لم يحصل شيء بخصوص الملف غير اعتذار من أردوغان”.
بعد نشر الموضوع تلقت د. توركيلماز الكثير من الإطراء وفي نفس الوقت انتقدها البعض، وتقول: “هناك صمت غريب، لكن قسماً من الناس رحبوا بعملي وطلبوا مني أن أستمر، وانتقدني آخرون لكن المنتقدين كانوا قلة. بعض الانتقادات كان يضمر التهديد ويقول: ستدفعين ثمن العداء للدولة”.

قسم من يوميات الجندي أكيم:
27 تموز 1938، بدأنا التحرك لضرب الكرد.
11 آب، في صباح اليوم هاجمنا قرية (يلان داغ) لكن لم يكن قد بقي فيها أحد. جئنا بالآليات بانتظار الأوامر لهدم البيوت. خلال البحث عثرنا على عشرة من الكرد قتلت وحدتنا اثنين منهم، وأصيب بعضهم وأسر الباقون. في الساعة 11:30 أحرقنا قرية (كوزلوجامان).
12 آب، نسمع أصوات المدفعية والطائرات منذ الصباح. الكرد محاصرون وفي وضع سيء. عثرنا على بقرة وثلاث شياه و15 عنزة في الغابة. ذبحناها جميعاً وأكلنا لحومها.
13 آب، عثرت وحدتنا اليوم على 20 ألف رأس غنم في واد، وأسرت 50 كردياً.
16 آب، نحن خلف تلة (زيارت) ننتظر الامدادات. كنا جائعين جداً، فتشنا عدداً من الكهوف وعثرنا على دقيق وخبزناه. المكان بارد جداً هنا، الثلوج تبلغ الركب.
18 آب، في الساعة 07:30 تقدمنا في حقل (زاراوة) باتجاه قريتي (بولور) و(جفيزلي). أحرقنا كل القرى التي في طريقنا. عثرنا على كهف فيه 100 عنزة. شهدنا مشهداً مشؤوماً لامرأة كردية شنقت نفسها. في الساعة التاسعة ليلاً، عدنا إلى قرية (كارا أوغلان) وبتنا هناك.
3 أيلول، نحن في أطراف بلدة (جفيزلي). جمعنا خيامنا في الساعة 12:00 ليلاً، وتوقفنا عند ضفة نهر في الساعة السابعة صباحاً، كان العطش قد نال منا، لكننا لم نستطع شرب ماء النهر لامتلائه بجثث القتلى. سرنا كثيراً وكنت أشعر أن ساقي ستنكسران، اللهم نجني من هذا الألم والمعاناة.
5 أيلول، ذهبت اليوم مع ضابطي إلى حمام (هوزات)، كنا منهكين منذ أيام، أعاد الاستحمام إلينا قوانا.
7 أيلول، وصلنا اليوم إلى قرية، قام الجنود بنهب القرية، وعثروا على خلية نحل، فلسعهم النحل، وتشوهت وجوه الجنود. في المساء، ذهبنا إلى الجبال وتولينا الحراسة. غلبنا النعاس، وكنا نرى قطعان الغنم وجثث البشر المكومة في الوديان.
10 أيلول، قمنا اليوم بحملة تفتيش في الجبال والغابات. عادت وحدتنا برؤوس العصاة، وجاءت وحدة أخرى برأس (سيد خان). أحد جنود وحدتنا واسمه (روشن) يتولى مهمة قطع الرؤوس. يقطع رأس كل من يؤمر بقطع رأسه.
11 أيلول، نفتش الجبال اليوم. لا نستطيع النزول إلى الوديان بسبب جثث البشر. البرد شديد ونكاد نتجمد. في الليالي، نبكي جميعاً وبصوت عال، ننادي أمهاتنا.
12 أيلول، استيقظنا مبكرين، سنعود للتفتيش في الجبال. ننهمك كل يوم في قطع الرؤوس. عثرنا اليوم على سمن، فاشترينا الرز وطبخناه. لم أعد أشعر بإنسانيتي، أنا في وضع سيء للغاية.
15، قمنا اليوم بمداهمة قرية (سويوتلو) وجمعنا المشتبه فيهم. قمنا بإعدام (إبراهيم آغا) ابن رئيس عشيرة (كوج) في أحد الوديان.
في يوم 25 أيلول، حصل الجندي أكيم على إجازة لبضعة أيام، وعندما عاد أصبح كاتب الوحدة.
7 تشرين الأول، وزنت نفسي اليوم وظهر أني أزن 61 كيلوغراماً. جعلتني ديرسيم أسمن.
سجل الجندي أكيم يومياته بصورة يومية حتى أواخر 1938، لكنه لم يسجل أي إحصائية. بعد شهرين، توقف عن كتابة أي شيء عن ديرسيم لسبب غير معروف.
كتب الجندي في 13 آب، ملحوظة على مفكرته تقول: “رجاء، إن عثرت على هذا الدفتر فلا تقرأه، بل أرسله إلى هذا العنوان: يوسف كنعان أكيم، حكمت أونو، يازي إيوي، السبت، جبال ديرسيم، 13 آب 1938”.
المصدر: روداو

زر الذهاب إلى الأعلى