مانشيتمقالات

ميلاد القائد مدلولات ونتائج

فضيلة سوسن
قد يكون لتوقيت ميلاد قائد الشعب الكردي عبد الله أوج آلان مدلولات كثيرة وخصوصاً في البقعة الجغرافية “كردستان” ذات الطبيعة المتكاملة والثرية في كل فصول السنة… أشهر الشتاء التي يكسوها بياض الثلج كعروس تزف الى الربيع القادم بألوان الطواويس، ويحمل هذا التبدل بين الفصلين معه تغييرات كثيرة تبدأ بالإنسان ولا تنتهي بالطبيعة وحدها بل تتعداها الى كل الكائنات الحية، ويقبل شهر نيسان بزهوه المستمد من آذار نوروز ليحط الرحال في روها “أورفا” ـ التي ولد فيها إبراهيم الخليل جد الأنبياء في زمن وصل فيه الظلم لأوجه ممثلاُ بنمرود ـ وهي قلب مزوبوتاميا منبع الثقافات البشرية والثورة الزراعية. وفي الرابع من نيسان ولد القائد، وقد تقودنا مخيلتنا لمدلول اليوم الرابع فنتذكر أجزاء كردستان الأربعة، وتقودنا دلالة المكان “روها” مسقط رأس جد الأنبياء ومسقط رأس القائد آبو بعد آلاف السنين من مولد إبراهيم الخليل وفي ذات المكان وكلاهما يحارب نمروداً لا يختلف عن الآخر الا بالاسم والتاريخ.
ان ميلاد القائد عبدالله أوج آلان في الرابع من نيسان في مجتمع تملؤه التناقضات وتسود فيه التقاليد والأعراف البالية والتي كانت تفتك ببنيان المجتمع، كان إيذاناً بدخول الكرد لمنعطف جديد يلوح فيه أفق تحولات جذرية للنضال الكردي وخصوصاً وأن القائد وعند دخوله المدرسة يتفاجأ بأنه لا يتعلم سوى اللغة التركية وأما لغته الأم الكردية فلقد منعت تماماً وهو لا يدرس بها وهذا ما أدخله مباشرة في خضم تناقض هزت دواخله وجعلته يفكر بطريقة جديدة مليئة بالاستفهامات وهو يرى أن تركيا فيها قوميات أخرى مضطهدة أيضاً كـ”الكرد، الأرمن، والعرب، وغيرهم” وكلهم مثل الكرد يدرسون قسراً بلغة واحدة “التركية” وهي ليست لغتهم الأم، هذه المناخات التي عاشها القائد دفعته للتفكير ملياً والتساؤل لماذا علم واحد ولغة واحدة ودولة واحدة وانتماء واحد ؟ في حين أن هذه الاحاديات لا تتسق والواقع الحقيقي وآمال وطموحات هذه الشعوب.
كما ويضاف الى كل ما سبق أن القائد تربى في عائلة تعيش تناقضات بين رب الأسرة الأب المتسامح والمتمسك بالأرض والعمل الدؤوب، والأم القوية ذات الشخصية المواجهة والتي ترفض الاستسلام، وربما هذه العوامل شكلت شخصيته التي ورثت كل الصفات الجيدة التي كان يحملها الطرفان “الأب والأم” فورث الشجاعة والقوة والحكمة والتسامح وحب العمل والمعرفة وعدم قبول الاستسلام وهي صفات تجمع الأب والأم ، وهذا ما دفع الأب ليأخذ طفله لشيخ القرية للتعليم وحفظ القرآن، وهذا ما أكسبه معارف جديدة. وفي تجربته مع صديقته الطفلة في القرية التي كانوا يلعبون في ساحاتها سوياً والتي تم تزويجها قسراً رغم صغر سنها، شحنت شخصيته وعقله بالظلم الذي يقع على المرأة بين هذه العادات البالية وتبدأ فكرة ضرورة تحرير المرأة من الجور الذي يقع عليها. وفي تقدمه بالمرحل الدراسية التقى القائد بأصدقاء وزملاء من باقي القوميات التي تعاني نفس ما يعانيه الكرد وبدون أدنى حقوق سياسية لتبدأ بذور تفكير للبحث عن الحلول.
وكل ما سبق أوصل القائد لتأسيس حزب العمال الكردستاني PKK مع حقي قرار وكمال بير وهما تركيا الأصل، وكذلك والي تيهان وهو أرمني الأصل ليكون ذلك اللبنة الأولى لتكون فكرة تحرير الشعوب والعيش المشترك وفلسفة الأمة الديمقراطية التي رأت النور فيما بعد. ومن التجارب التي عاشها القائد عبدالله أوج آلان منذ نعومة أظفاره ودراسته وحتى الفترة الجامعية وصولاً لتأسيس الحزب والكفاح المسلح وهروبه من تركيا الى يوم اختطافه من كينيا بمؤامرة دولية وسجنه بجزيرة ايمرالي النائية تحت حراسة مشددة كل ذلك أجج فكرة تحرير الشعوب المضطهدة فيه أكثر والتي أنتجت عشرات الكتب وأسست لفكر وفلسفة الأمة الديمقراطية التي لا يمكن تحقيقها إلا بتحرير المرأة التي حولتها الأنظمة الرأسمالية لسلعة في أسواق الربح والدعايات الرخيصة التي انتهكت خصوصيات المرأة وابداعاتها وقدراتها وكبلتها بالسلطة الذكورية المدعومة من السياسات الرأسمالية والهرمية الدولتية والأديان والعادات الاجتماعية البالية.
ان فكر وفلسفة قائد الشعب الكردي عبدلله أوج آلان هو المصدر لقضية تحرير المرأة من الذهنية الذكورية لتغدوا المرأة في ظل هذه الفلسفة هي القائدة والرائدة والمقاتلة والسياسية وتحقق أهم انتصار تحت راية المرأة الحرة الملتزمة بعلم “جينولوجي” JINOLOCI، والتي تمخض عنها نظام الحداثة الديمقراطية والرئاسة المشتركة بين الرجل والمرأة في كل مناحي الحياة السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية وفي منظمات المجتمع المدني، لتكون المرأة الشريك في صنع القرار، فالمرأة الحرة هي القوة الحقيقة في بناء الديمقراطية الحقيقية والمباشرة وحرية الشعوب ضمن المجتمع الاخلاقي والنظام التعددي اللامركزي.

زر الذهاب إلى الأعلى