الأخبارروجافامانشيت

مظلوم عبدي: ثورة 19 تموز هي ثورة الشعب الكردي كله وشعوب سوريا

في الذكرى السنوية الحادية عشرة لثورة روج آفا تحدث قائد قوات سوريا الديمقراطية (مظلوم عبدي) عن هذه الثورة التاريخية ونقاط تحولها، والمنظور الذي أبقاها مستمرة، والتطورات الدبلوماسية والوحدة الوطنية.

وقال عبدي لصحيفة Yeni Özgür Politika التي أجرت حواراً معه:

ثورة 19 تموز لها تاريخ طويل، إنها ليست ثورة خرجت من العدم مع بداية الأزمة في سوريا، فمنذ 1980 وحركتنا والشعب الكردي كان لهما استعداد كبير ونضال من أجل ثورة روج آفا، وعندما اندلعت الأزمة السورية كانت لدينا استعدادات ودراسات, لقد أكملنا تنظيمنا, وكان أكبر سبب لنجاح ثورة روج آفا هو الاستعدادات السابقة وتنظيم الشعب, وأهم خطوة في تطور ثورة روج آفا هي أننا شكلنا قوتنا العسكرية من خلال تنظيم شعبنا بسرعة كبيرة بعد بداية الأزمة السورية، وبوسائلها الخاصة شكلت وحدات حماية الشعب التي قادت ثورة روج آفا قوتها, والأهم من ذلك كان تحديد خط سياسي لإيجاد حل لمشكلة الشعب الكردي وجميع الشعوب التي تعيش في سوريا على الأساس الصحيح, وأستطيع أن أقول إن إرساء القوة العسكرية وتوحيد الخط السياسي الذي تم تشكيله على الأسس الصحيحة مهدا الطريق لتطور ونجاح ثورة 19 تموز.

وعن العقبات التي واجهتها الثورة، أوضح عبدي أنه عندما بدأت الأزمة السورية كان هناك وضع سياسي شديد الفوضى في جميع أنحاء سوريا، وكانت هناك تدخلات أجنبية وأيضاً كان هناك النظام السوري من جهة والقوى المشكلة ضده من جهة أخرى. مشيراً إلى أن الطرفين كانا يتحاربان على أساس مصالحهما، وأضاف قائلاً:

اتخذنا خطاً مختلفاً يقوم على مصالح الكرد والشعوب الأخرى التي تعيش في سوريا، وحاولنا إنشاء خط مختلف باختيار الخط الثالث. لقد بذلنا جهودا كبيرة لإقناع الكرد وشعوب المنطقة بأن الخط الثالث هو في مصلحة الكرد وشعوب المنطقة، وبذلك أصبح نجاح ثورة روج آفا أمراً لا مفر منه بمجرد أن آمنت شعوبنا أن الطريق الثالث كان في مصلحتهم، وبعد أن نظمت هذه الشعوب نفسها حول هذا الخط وبدأت في النضال, ولا شك أن السبب الأكبر لنجاح ثورة روج آفا هو الخط السياسي الصحيح والاستراتيجية الصحيحة، كانت هناك حرب أهلية في سوريا، وكانت هناك حرب من قبل النظام لحماية سلطته، وكانت كافة الأطراف تتحارب بوحشية شديدة بالإضافة إلى تورط  القوى الأجنبية في الصراع، ونحن بالقوة التي تلقيناها من شعبنا حاولنا تطوير الخط الثالث بوسائلنا الخاصة بما يتماشى مع مصالح الشعوب التي تعيش في سوريا وحماية شعبنا على هذا الأساس، لقد اتخذنا منهجاً يقوم على تحرير ومصالح جميع الشعوب التي تعيش في سوريا، واتبعنا سياسة تقوم على أخوة الشعوب وحماية واحتضان جميع الأقليات، وانطلاقا من مشروع الأمة الديمقراطية اتخذنا سياسة الدمقرطة التي تقوم على مصالح الشعوب والتي تشكل أسس سورية، باختصار أهم سبب لنجاح ثورة روج آفا هو الإصرار على الخط الثالث والنضال القائم على مصالح الشعوب التي تعيش في المنطقة.

وعن النقاط التي جعلت العالم يلتف حول ثورة روج آفا ويتضامن معها، أوضح مظلوم عبدي قائلاً:

أهم سبب لشهرة ثورة روج آفا هو النجاح الذي تحقق ضد تنظيم داعش الإرهابي، وخصوصاً المقاومة البطولية في كوباني، فقد شكلت المقاومة في كوباني نقطة تحول في منظور الرأي العام العالمي حول روج آفا، ورغم كل المستحيلات وفي وقت عجزت فيه القوى الدولية عن محاربة داعش، وبينما رضخت دول المنطقة لداعش، ظهر نضال كبير من قبل شعبنا ومقاومة كبيرة رغم الثمن الباهظ، وهذا الكفاح من قبل الشعب الكردي تسبب في وقف تقدم داعش, وكانت هذه المقاومة في روج آفا مصدر إلهام كبير للقوى الديمقراطية والمجتمع الدولي الذين يقاومون الإرهاب في جميع أنحاء العالم, وكان الانتصار في روج آفا مصدر إلهام لجميع القوى المناهضة لداعش, وأصبحت ثورة روج آفا أملاً للعالم بإمكانية هزيمة داعش.

وأضاف:

أحد أهم الأسباب التي دفعت ثورة روج آفا إلى إيجاد استجابة على مستوى العالم هو دور المرأة في النضال بروج آفا، والسبب الذي جعل الجميع يتوجه بأنظاره نحو روج آفا هو دور المرأة الكردية في تطوير الثورة وحمايتها, وهو واقع لا يمكن إنكاره, وكذلك فإن الكرد والعرب والأرمن والآشوريون وجميع الشعوب التي تعيش في سوريا كلها شاركت في خوض النضال.

وحول الأخطاء والأمور التي يجب تداركها من أجل تطوير ثورة روج آفا أكثر, قال الجنرال مظلوم عبدي:

لكي نكون واقعيين لم نستطع الحفاظ على بعض القيم التي ظهرت في ثورة روج آفا, فقد تم احتلال عفرين وكري سبي (تل أبيض) وسري كانيه, وكانت هذه أكبر أخطائنا, فرغم احتلال هذه المناطق بمؤامرة من قبل القوات الدولية إلا أننا أيضاً ارتكبنا أخطاء ونواقص كبيرة, وأيضاً تطوير مشروع الإدارة الذاتية ليس بالمستوى المطلوب, ويتقدم ببطء, وكذلك عفرين وكري سبي وسري كانيه  تحت سيطرة الاحتلال التركي, وأهم أهدافنا منذ احتلال هذه المناطق هو تحريرها وإعادتها إلى الإدارة الذاتية الديمقراطية, وهدفنا الأكبر هو إعادة شعبنا المهجر من هذه المناطق إلى دياره, ونحن نتبع استراتيجية على هذا الأساس, ولدينا دائماً خطط لتحرير هذه المناطق,

وتابع عبدي:

تركيا لديها خطة لغزو كل روج آفا, وفي السنوات الأربع الماضية قمنا بتطوير كل جهودنا وكفاحنا لوقف هذا الغزو, لقد منع نضالنا خلال فترة الأربع سنوات هذا الغزو في مرحلة ما, وفي المرحلة الحالية حان الوقت لتحرير جميع الأراضي السورية خاصة عفرين وكري سبي وسري كانيه, وفي هذه المرحلة من الضروري القتال في إطار خطة. باختصار لم تنجح خطة تركيا لغزو كل روج آفا, وهدفنا التالي هو إنهاء احتلال تركيا التي

تسعى دائماً لإكمال خطة الغزو، وأردوغان يبذل جهداً كبيراً لتطبيق الخريطة التي عرضها على جميع الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة, وعلى هذا الأساس تواصل عملها الدبلوماسي مع القوى الدولية, ولكن الوضع الآن في سوريا ليس هو نفسه عندما احتلت تركيا بعض المناطق في 2018 و 2019, فقد تغير موقف القوى العسكرية والسياسية في سوريا, كما تقلصت احتمالية استغلال تركيا للفراغ والتفاوض على خطط غزو قذرة مع القوى الدولية, وأردوغان يعلم أنه إذا اتخذت تركيا خطوة نحو الغزو فسيكون الثمن باهظاً للغاية, وبدورنا بعد اجتياح سري كانيه اتخذنا استعدادات جادة, وعززنا نقاط ضعفنا ضد أي هجوم تركي, وأيضاً تركيا تشهد تراجعا كقوة إقليمية, وهناك تحول في موقف القوى الدولية, ورغم ذلك يمكن لتركيا أن تحاول شن غزو جديد, ولكن أود أن أقول إنه لن يكون هناك غزو كما تخطط له تركيا.

وحول إيجاد التوافق مع كل من الولايات المتحدة الشريكة في التحالف الدولي لمحاربة داعش من جهة وروسيا المتواجدة في سوريا من جهة أخرى, والدبلوماسية التي يجب اتباعها مع الطرفين, قال عبدي:

مما لا شك فيه أن جميع القوى المحلية والدولية في سوريا تعمل من منطلق مصالحها الخاصة, وفي بعض النقاط تتداخل هذه المصالح, ونحن نتخذ مصالح شعوبنا كأساس, وسنفعل كل ما هو ضروري من أجل ذلك, سنواصل العمل على هذا المبدأ من الآن فصاعداً, وصحيح نحن نعمل على تطوير العلاقات مع بعض القوى الدولية على أساس مصالحنا, ولكننا نعتمد على قوتنا, ولدينا علاقات دبلوماسية مع جميع القوى في المنطقة على أساس مصالح شعوبنا, ونتوقع من القوى الدولية أن تدعمنا من أجل سلام دائم في كل سوريا وخاصة في منطقة شمال وشرق سوريا, وأن تتوسط بيننا وبين النظام السوري، لتبادر وتلعب دورها من أجل إحلال السلام, وعلى هذا الأساس نحن في العمل الدبلوماسي مع جميع القوى.

وحول كيفية حماية الإدارة الذاتية في ظل مواصلة تركيا لهجماتها, وتهديداتها بعمليات برية, أشار عبدي إلى أن العمل الاستخباري التركي والهجمات مستمرة, موضحاً أنهم يتخذون الإجراءات اللازمة ضد ذلك, وأضاف قائلاً:

نحاول تعزيز موقفنا عسكرياً وادارياً وسياسياً واجتماعياً ضد هذه الهجمات, كما نحاول تعزيز الوحدة بين الشعوب شمال وشرق سوريا. وتعزيز الوحدة الاجتماعية من أجل إبطال هجمات تركيا والجهات الأخرى, نحن نحاول تعزيز وحدتنا من أجل منع أي هجوم من تحقيق هدفه.

وحول آفاق المفاوضات مع دمشق وإلى أين وصلت, قال عبدي:

لم يتم إحراز أي تقدم ملموس حتى الآن, فبعد المحادثات الأخيرة بين تركيا وسوريا وإيران وروسيا في أستانا ابتعدت حكومة دمشق قليلاً عن الحوار معنا, ومن الواضح أن النظام السوري لا يريد اتخاذ أية خطوة نحو سلام دائم, ويعتمد مؤخراً على سياسات تركيا, وعلى الرغم من امتناع النظام السوري عن محادثات السلام حول سوريا، إلا أنه ملزم بالحوار والتحاور من أجل تحقيق سلام دائم في المستقبل, الوضع واضح لا يوجد أمام النظام السوري مخرج آخر غير الحوار.

وأضاف عبدي:

هناك مخرج واحد فقط من أزمة سوريا، وهو إنشاء نظام يقوم على معايير ديمقراطية جديدة ترتكز على مصالح الشعوب في جميع أنحاء سوريا, ولا يوجد حل آخر يمكن أن يحقق السلام الدائم, وعلى هذا الأساس نقول إن الخط الثالث الذي طورناه حتى الآن هو الحل الوحيد لضمان سلام دائم لكل سوريا, ومشروع الإدارة الذاتية الذي نطبقه حالياً في شمال وشرق سوريا هو مشروع يمكن تطبيقه على كامل سوريا, وعلى هذا الأساس نهدف إلى جمع كل القوى التي تريد تطوير الديمقراطية في سوريا, وتطوير الحوار مع جميع القوى المختلفة في سوريا, لدينا مشروع يدعو إلى دمقرطة سوريا، وبناءً على المكاسب العسكرية والسياسية التي تم تحقيقها في شمال وشرق سوريا حتى الآن.

وعن كيفية الحفاظ على المكاسب الكردية وتطويرها، قال عبدي:

الوحدة الكردية ليست ظرفية إنها وحدة يجب تحقيقها على الدوام، وهي التي ستحدد مستقبل الشعب الكردي. في السابق أجرينا العديد من الدراسات لتحقيق الوحدة الكردية، وتوقفت الجهود في الآونة الأخيرة، لقد بذلنا جهداً لعقد مؤتمر وطني يغطي الأربع أجزاء من كردستان، ووصلت جهود الوحدة تحت قيادة قوات سوريا الديمقراطية في روج آفا إلى نقطة معينة، ويجب أن يكون لكل القوى الكردية نصيب يتناسب مع قوتها، ونؤكد أن الوحدة ضرورية لتحقيق أهدافنا في هذه المرحلة.

واختتم عبدي حديثه قائلاً:

عند الحديث عن ثورة 19 تموز نؤكد أن جهود ونضال شعبنا في الأربع أجزاء من كردستان لا تقل أهمية عن جهود ونضال شعبنا وأصدقائنا الذين يعيشون في أوروبا، وعلى هذا الأساس فإننا نحيي شعبنا الذي لعب دوره في هذه الثورة وخاصة شعبنا في أوروبا، ونعلق عليه أهمية كبيرة، ثورة 19 تموز مستمرة ونتأمل من شعبنا أن يواصل الدور الذي لعبه على مدى 12 عاماً من أجل تطوير وضمان ثورة 19 تموز وحمايتها لأن ثورة 19 تموز هي ثورة الشعب الكردي كله.

زر الذهاب إلى الأعلى