الأخبارمانشيت

قتال يائس من أجل اسطنبول, وأردوغان يمدح فجأة الكرد

الرئيس التركي لا يريد أن يخسر بلدية اسطنبول أمام المعارضة في الانتخابات المحلية, وهذا هو السبب في أن رجب طيب أردوغان يلجأ الآن إلى المكون الذي يحظره منذ سنوات: (الكرد).

(محمود ساكار) يبلغ من العمر 52 عاماً، وهو أحد محامي القائد الكردي المعتقل (عبد الله أوجلان)، وهو متأكد من أن الكرد لا يثقون في النظام التركي حتى اليوم.

وعن الانتخابات الجديدة لرئاسة بلدية اسطنبول فإن (ساكار) متيقنٌ بأن الكرد لن يصوتوا بشكل مفاجئ لمرشح حزب العدالة والتنمية, حيث يقول:

أعرف أن الكرد لن يغيروا رأيهم في 23 تموز, ورجب طيب أردوغان مهدّدٌ بهزيمة مريرة أخرى في العاصمة الرئيسية للبلاد, لأن أصوات الكرد هي فرصته الأخيرة على الأرجح لتأمين الفوز برئاسة بلدية المدينة في صناديق الاقتراع.

في الانتخابات المحلية بنهاية شهر آذار فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري (أكرم إمام أوغلو) على نحو مفاجئ برئاسة بلدية اسطنبول, ولم يتقبل أردوغان وحزب العدالة والتنمية هذه الهزيمة, فناشدوا المفوضية العليا للانتخابات وضغطوا عليها, فألغت المؤسسة المستقلة المفترضة ولاية (إمام أوغلو), وأعلنت عن جولة انتخابية ثانية, لكن هذا لا يكفي لكي ينتصر أردوغان الآن, فعلى الرغم من أن فرق الأصوات بين (إمام وغلو) ومرشح حزب العدالة والتنمية الوزير السابق (بن علي يلدريم)  بالكاد كان يبلغ 14000 صوت, لكن يبدو أن إمكانات الناخبين من حزب أردوغان قد استنفدت, لهذا السبب يلجأ أردوغان الآن إلى الشعب الذي قمعه لسنوات: الكرد

انتهى الحظر المفروض على زيارة أوجلان

قبل فترة وجيزة من إعلان اللجنة الانتخابية عن إعادة الانتخابات المحلية في اسطنبول, سمح أردوغان لأول مرة منذ ثماني سنوات بزيارة المحامين للقائد الكردي المعتقل (أوجلان), ويقيم أوجلان منذ عام 1999 في جناح شديد الحراسة في سجن جزيرة إيمرالي, لكن أردوغان وبعد الاحتجاجات الشعبية الكبيرة ضد العزلة المفروضة على أوجلان أسقط الحظر المفروض على الزيارة.

آلاف الكرد الذين أضربوا عن الطعام تضامناً مع أوجلان، يمكنهم إنهاء احتجاجهم وبالتالي إنقاذ حياة الكثيرين منهم, وفي الوقت نفسه أعلن أردوغان وحزب العدالة والتنمية وخاصة في أحياء إسطنبول التي تعيش فيها الغالبية الكردية عن مرشحهم للترقية، ويتردد أن هذا قد يكون بداية لعملية سلام جديدة.

في السنوات الأولى من حكمه، منح أردوغان للكرد المضطهدين المزيد من الحرية, ودعا أوجلان في خطاب ألقاه في السجن عام 2013 حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء سلاحه, وبدأت المحادثات في النهاية لتهدئة الصراع المستمر منذ عقد من الزمن, لكن المحادثات لم تنجح حيث أنهى أردوغان عملية السلام في عام 2015 , بعد اكتساب الكرد في سوريا القوة وتمكّن حزب HDP من دخول البرلمان التركي، خسر حزب العدالة والتنمية الأغلبية المطلقة في البرلمان التركي.

المحامي (ساكار) الذي يعيش الآن في المنفى في كولونيا لا يؤمن بالعودة إلى طاولة المفاوضات, حيث يقول:

أعتقد أن النظام التركي أضعف من أي وقت مضى في تاريخه، لكن ذلك أيضاً يمثل خطراً, فيمكن أن تفعل الدولة الضعيفة أشياء مجنونة للغاية, فالدول ترتكب جرائم الإبادة الجماعية عندما تضعف.

محاولة أردوغان لسحب الكرد إلى جانبه على المدى القصير، حتى في مواجهة التاريخ التركي الحديث يائسة, فبعد إعلان انتهاء محادثات السلام في عام 2015 دمر أردوغان مدن بأكملها في جنوب شرق تركيا وحوّلها إلى حطام, واعتقل العديد من الممثلين البارزين لـ HDP والصحفيين والفنانين, ولا يمكن ان تُنسى هذه السنوات الأربع القاتمة في أربعة أسابيع من الحملة الانتخابية وبعدة زيارات لأوجلان.

في اسطنبول أصوات الكرد لها وزن, حيث يعيش ما لا يقل عن مليوني كردي في المدينة، أي أقل بقليل من 15 بالمائة من السكان, وصوت معظمهم لصالح (إمام أوغلو) في نهاية آذار, وكان مؤيدو الحزب الكردي HDP وبحسب معهد أبحاث الرأي A & G)) (عادل جور) أكبر مجموعة من الذين قاطعوا التصويت, حيث قال (جور) لصحيفة (خبر تورك) اليومية:

إنهم شكلوا 18 بالمئة من الذين قاطعوا الانتخابات.

(إمام أوغلو) هو مرشح حزب الشعب الجمهوري, وهو حزب مؤسس الجمهورية (مصطفى كمال أتاتورك), وهو حزب مشهور أكثر بكثير من حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان بقمع الكرد في البلاد, حتى (إمام أوغلو) يدخل في خانة القوميين الأتراك المتطرفين, ويقول محامي أوجلان:

بالنسبة للغالبية العظمى من الكرد لا يوجد فرق كبير بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري, وإن حقيقة أن الكثير من الكرد صوتوا لصالح (إمام أوغلو) في الجولة الأولى كانت بشكل أساسي لأسباب استراتيجية.

وأوضح (ساكار):

كان هدفنا هو المساهمة في خسارة حزب العدالة والتنمية، وهذا لا يعني أننا نحب حزب الشعب الجمهوري.

لم يقدم حزب الشعوب الديمقراطي مرشحين في المدن الكبرى, كما شجع اتباعه على التصويت لصالح حزب الشعب الجمهوري لوقف صعود أردوغان الاستبدادي على نحو متزايد, حزب الشعب الجمهوري باعتباره أقل شراً, وهذا لا يتغير كثيراً خاصةً وأن أردوغان يواصل قتاله ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق, وتظهر استطلاعات الرأي بالفعل أن (إمام أوغلو) سيحصل على أكبر عدد من الأصوات في اسطنبول في الانتخابات الجديدة.

الكاتب: (إيسيو إريش) (Issio Ehrich)

زر الذهاب إلى الأعلى