مقالات

بين السياسة والاقتصاد، شعرة معاوية!

“السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد” عبارة أطلقها “لينين” تضع المتابع للشأن الاقتصادي والسياسي أمام الكثير من التساؤلات.

من جانبه تطرق المفكر عبدالله أوجلان في مانيفستو الحضارة الديمقراطية إلى هذا الترابط؛ مُعرِّفاً السياسة بأنها كل ما تحقق التطور للمجتمع من خلال إدارة شؤونه بحرية، والاقتصاد: بعملية تبادل الاحتياجات المادية الضرورية للمجتمع  مؤكداً على عدم خضوعه لسيطرة وتحكم احتكارات الدولة القومية ورأس المال،  وعلى ضوء هذه التعاريف وفي ظل الأوضاع الراهنة والمُعاشة كيف يمكن لنا توضيح العلاقة بين السياسة والاقتصاد؟

إذا حاولنا أن نجيب على بعض الأسئلة التي تفرض نفسها بإلحاح يمكننا إيجاد الرابط الوثيق بينهما.

 هل يتبع الاقتصاد القرار السياسي أم أن العكس هو الصحيح؟

هل صحيح أن الأولوية للسياسة قبل الاقتصاد أم العكس؟

طالما اعتبرنا أن السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد أي أًن الاقتصاد يسبق السياسة دوماً ويقودها ويوجهها نحو تحقيق مصالح الجماهير مما يعني أن السياسة أداة من أدوات التنمية ولم يحدث أن انفصلت السياسة عن الاقتصاد.

في الحقيقة أن الراهن يجعل كلاً منهما مكملاً للآخر, فهناك علاقة قوية بين السياسة والاقتصاد كون ممارسة العمل في مجال الاقتصاد تعتبر بمثابة الميدان الرئيسي للعمل السياسي؛ فالعديد من الممارسات الاقتصادية هي من صلب السياسة لأنها ذاتها تتأطر بمختلف الآراء السياسية، وكذلك الأمر بالنسبة للسياسة حيث لا يمكن التعويل على السياسة دون وجود دعم اقتصادي قوي لها، وعلى الرغم من أن أغلب رجال الاقتصاد يحاولون الظهور بمظهر المحايد إلى أقصى حد ويبتعدون قدر الإمكان عن السياسة والميول السياسية؛ إلا أن السياسيون من جانبهم يميلون إلى استخدام هؤلاء الاقتصاديين في حملاتهم لدعم آرائهم السياسية.

لا فصل للسياسة عن الاقتصاد، ولا للاقتصاد عن السياسة، وكلاهما وجهان لعملة واحدة وهذه هي حقيقة الأمر.

“فالاقتصاد يولد قراراً سياسياً، والسياسة تولد قراراً اقتصادياً …” ولا يمكن الفصل بينهما وإذا انفصلا عن بعضهما البعض شكَّلا هوَّة كبيرة في المجتمعات.

صحيح أن العالم يعج بالكثير من الأطروحات والنظريات الاقتصادية التي تزعم بقدرتها على النهوض بالبلاد وانتشالها من بؤر التخلف؛ لكن كل المحاولات للتغيير الاجتماعي لم تقوم على إعطاء الأولوية لرفع المستوى المعيشي للفرد والاستجابة لاحتياجاته الأساسية.

وإذا عملنا على خلق معادلة وموازنة تدفع نحو التطوير، وتتصدى بشكل حازم  لكل أشكال الفساد  فإن الكثير من القضايا والمشكلات  ستجد حلولاً لها.

من هنا تكتسب مناقشة الوضع الاقتصادي في مناطق الشمال السوري أهمية قصوى، في ظل التعقيدات التي خلقتها الأزمة وعمَّقها الإرهاب، وفي ظل مخاطر السياسات المتبعة من قبل الجوار، وهذا ما يستوجب على القوى السياسية والحريصة على الشعب والوطن والمؤمنة بالتعددية والديمقراطية، وعلى اختلاف مشاربها ومنطلقاتها الفكرية؛ أن تبادر إلى تخصيص فضاء من التأمل للقضايا الاقتصادية ومحاولة مناقشتها بنظرة علمية وعميقة وهادفة، بهدف التوافق حول العلاج الأفضل لإنقاذ المنطقة بشعبها وترابها من مخاطر الانهيار.

زر الذهاب إلى الأعلى