مقالات

الفتاة ذات الوشاح الأحمر

دستان يورك إحدى فتيات شعب يورُك الذي اشتهر من بين مجموعة الشعوب التركية التي حطت برحالها مع بداية القرن الثالث عشر في الأناضول، واستقر هذا الشعب بخيمه المعروفة على سفوح جبال طوروس   ، شعب يوروك ومنذ مئات السنين يقاوم في سبيل هويته وكيانه الإنساني عصيٌ على تَرك عاداته ومتمسك بتقاليده البدوية وبطبيعته الخلابة، حيث الجبال والسماء الصافية وحياةٌ تسودها الهدوء وتسمو القيم الروحية  والأخلاقية بعيداً عن الضجيج والصخب في المدن.

حالُ دستان ( عائشة دنييز) كانت كحال شعبها أرادت أن تكون هي من تتمم في الملحمة البدوية اليورُكية الشهيرة ((Binboğalar، كتب عنهم وعن مقاومتهم الكاتب والأديب الشهير يشار كمال الذي توفي2015، ملحمة شعب يورك تتحدث عن المقاومة في جبال طوروس ضد الظلم والجور العثماني، دستان يورك هي إحدى سليلات هذه المقاومة والملحمة .

روح المقاومة اليورُكية  أينعت في جسد تلك الفتات صاحبة اللفحة الحمراء هذه المرة في جبال كردستان الزاخرة بالآلاف من مثيلاتها.

تلكَ الروح أصبحت ملحمةً للبطولة سميت بمقاومة “فتاة اليورُك”، هذه البطلة أخذت مكانها في خطوط الجبهة الأمامية لتحرير مدينة ليست بمدينتها ولتحرير شعب ليس بشعبها، لكن روح المقاومة والبطولة والإنسانية الحرة، والوقوف بوجه غربان العصر الذين نكلوا واستعبدوا آلاف الفتيات، هذا الأقدام إلى شمال سوريا لمحاربة هؤلاء الباغين  كان بمثابة خطوتها الأولى نحو التحرر.

اعتقلت من قبل سلطات النظام التركي في 2013 في انطاليا إثر نشاطها السياسي ضمن مجموعة ثورية سلمية تقف بوجه سياسة النظام التركي الداعم للإرهاب، وحكمت عليها 98 عاماً بالسجن.

في ملحمة الفتاة اليوركية لم يكن الترحال والانتقال من ساحة للوغى إلى أخرى كافيةً لأن تختتم بها الملحمة، كذلك لم تتمكن آلة الأسر والتعذيب والظلم من كسر إرادتها،  فروح  المقاومة لدستان قد فاضت من جديد، كل الأمكنة المنتفضة أصبحت بالنسبة لها انطلاقة لبدء صفحة جديدة من الملحمة البدوية.

في حديثٍ لها عن الوشاح الأحمر وعن الجبال تقول دستان: ” لم يكن وشاحي باللون الأحمر في البداية فقد كان فوشي اللون في الأساس، وفي أحد المرات في اسطنبول تلفحت بهذه الوشاح وكنت أردد  شعار ” تحيا أخوة الشعوب” لكن في الحقيقة كان هذا الأمر مجرد شعار كنت أردده، فعلياً لم أنُجز شيئاً من هذا الشعار في الواقع، لذا توجهت صوب جبال كردستان، بطبيعة الحال إنني على ثقة تامة بأن شعوب الشرق الوسط ستتوحد  وسيطبقون هذا الشعار وأن هذا الأمر لن يقتصر على الشعب الكردي والتركي” بهذه الكلمات تحررت دستان يورك ، وجهتها الجديدة كانت صوب روج آفا الثورة المركز الذي انطلقت منه شرارا المقاومة ضد أعتى أعداء الإنسانية تنظيم الإرهاب والقتل داعش، ومن منطلق تحرير المظلومين  ومحاربة الإرهاب، وشق خيمة السواد، توجهت إلى الجبهة الأمامية لمحاربة الإرهاب وجهاً لوجه في مدينة الرقة والتي اتخذها تنظيم الإرهاب مركزاً لشروره وفكره الأسود.

ملحمة استشهدت كمحاربة اسمها (دستان يورُك) من انطاليا إلى جبال كردستان إلى جبهات القتال على أبواب  مدينة الرقة، استطاعت اليوركية خلال هذا الترحال الذي لا ينفصل عن ترحال شعبها بنشر ثقافة بطولية إنسانية فائضة بروح الكرامة والإرادة الصلبة، لكن الفتاة اليوركية  أغلقت صفحات ملحمتها بسرعة، والتحقت برفيقاتها (أرين، وأولاش، ودنيز، وتوبراكان…..) لقد استشهدت  كمحاربة، كثورية حاملة لواء كرامة الثوار على كتفيها وضمن صفحات ملحمتها………..

دلبرين فارس

زر الذهاب إلى الأعلى