المجتمعمانشيت

الحرائق وموسم الحصاد؛ الأسباب والتداعيات

ينتظر معظم أهالي مناطق شمال وشرق سوريا موسم الحصاد كونه يعتبر المورد المالي الأساسي لهم, وهذا العام كان استثنائياً من حيث غزارة هطول الأمطار وجَودة المحصول الزراعي, وكون المنطقة محاطة بالإرهاب الذي تمكن أهلها من دحره وتحرير كافة المناطق من مرتزقة داعش, فإن الخطر ما زال محدقاً بالمنطقة, وخصوصاً عن طريق الحرب الخاصة التي تديرها الخلايا النائمة لتنظيم داعش ومرتزقة تركيا, والتي ستواصل العمليات التخريبية ونشر الفوضى والدمار في المنطقة, وحرق الأراضي الزراعية هي أحد أساليب هذه الحرب.

و هناك بعض الأسباب الأخرى لنشوب الحرائق في الأراضي الزراعية كرمي أعقاب السجائر وعوادم السيارات والحرائق المفتعلة.

ومن أجل تلافي حدوث الحرائق في المحاصيل الزراعية وزعت الإدارة العامة للمرور في شمال وشرق سوريا منشورات توعوية على السائقين والمواطنين على حد سواء, تتضمن عدم رمي أعقاب السجائر من نوافذ السيارات, وضرورة وجود مطفأة حريق في كل سيارة للسيطرة على النيران البسيطة في حال نشوبها.

وبدوره أصدر المجلس التنفيذي في هيئة الداخلية بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا  تعميماً لتجنب حدوث الحرائق في الأراضي لزراعية, وكان مضمونه على النحو التالي:

تهيب هيئة الداخلية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا, ونظراً لمقتضيات المصلحة العامة مع بدء موسم الحصاد بالإخوة المواطنين وجميع المؤسسات العاملة على حفظ الأمن وسلامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم, والتابعة لقوى الأمن الداخلي من إدارة المرور والمواصلات والجهات المعنية الأخرى, التنسيق والتعاون والقيام بواجباتهم على أكمل وجه وتوخي الحذر والحيطة لتجنب الحرائق في المحاصيل الزراعية في هذه الفترة لحين الانتهاء من موسم الحصاد.

تأخير الحصاد يزيد خطر الحرائق وتساقط السنابل

وقد شهدت مدينة كوباني اندلاع النيران التي التهمت آلاف الهكتارات من المحاصيل وتبنَّى تنظيم داعش الحرائق حسب تقرير نشرته صحيفة “النبأ” التابعة له, ونتيجة ماس كهربائي احترق ما يقارب الـ/1500/ هكتار من محصولي القمح والشعير وأشجار الزيتون في قرى جنوب كوباني, وقد بدأ الحريق من قرية (قجر) جنوب المدينة وامتد لأكثر من 25كم مروراً بقرى (هيجي، كاروز، طوطانك) ممتداً إلى قرية (خانيك خليان).

ويشير مزارعو كوباني إلى أن خروج أغلب الحصادات من منطقة كوباني إلى أرياف الرقة والجزيرة بات يشكل خطر تعرض محصول القمح والشعير في كوباني للحرق, وأيضاً المزارعون أنهم يتعرضون للاستغلال من قبل أصحاب الحصادات لعدم التزامهم بالتسعيرة التي أصدرتها هيئة الاقتصاد في إقليم الفرات حيث يطلبون ما بين ( 12 إلى 15 ) بالمئة من المحصول مقابل أجور الحصاد, ويستغلون عدم وجود الحصادات في المنطقة, وأحياناً يضيفون عليها أجرة عمال الحصادة, وأشاروا أنهم مجبرون على القبول بشروطهم لأن المحاصيل معرضة لخطر النيران وكذلك خطر تساقط السنابل في حال تم تأخير الحصاد لفترات طويلة.

أهمية التنسيق والتعاون بين البلديات والأهالي لإخماد الحرائق

وكانت هيئة الاقتصاد في إقليم الفرات قد حددت أجور الحصاد بين 7-8%  للشعير و 5%  للقمح, وكان الرئيس المشترك لمجلس مقاطعة كوباني (مصطفى إيتو) قد أشار إلى ازدياد الحرائق في الفترة الأخيرة, وتحدث عن كيفية تجنب حدوثها قائلاً:

 تم تشكيل غرفة عمليات في حال حدوث الحرائق, ويتم استخدام جميع الإمكانيات والآليات لإخماد الحريق, مشدداً على أهمية التنسيق والتعاون بين البلديات والأهالي لإخماد الحرائق.

كما طالب إيتو أصحاب الحصادات بالعودة في أقرب وقت ممكن لحصاد المحصول الزراعي قبل احتراق المزيد.

وفي حوادث أخرى للحريق؛ أطلق مرتزقة (درع الفرات) التابعين لجيش الاحتلال التركي من مدينة جرابلس مجموعة من قذائف الهاون على القرى الغربية لمدينة كوباني ما هدد باشتعال النيران في المحاصيل الزراعية التي تشكل مصدر دخل الأهالي, وبالفعل اشتعلت النيران لكنها لم تنتشر بعد أن سيطر عليها المزارعون وأخمدوها.

افتعال الحرائق حرب جديدة تستهدف الأمن الغذائي والاقتصاد

وفي مدينة الطبقة دعت الإدارة المدنية الديمقراطية لمنطقة الطبقة من خلال بيان عموم الفلاحين في المنطقة بتوخي الحذر وأخذ الحيطة من الحرائق المفتعلة في المحاصيل الزراعية، وشدّدت على ضرورة التعاون مع القوات الأمنية والعسكرية واللجان المختصة للوصول إلى أصحاب النفوس الضعيفة الذين يقفون خلف هذه الجرائم، بعد تبني مرتزقة داعش الحرائق التي نشبت في سوريا والعراق, وجاء في البيان:

(إن ما يحصل من تخريب وحرائق تطال الأراضي الزراعية في المنطقة وبعد متابعة وأخذ كافة التدابير اللازمة من اللجان المختصة وبمساعدة الأهالي, تبين أن هناك أيدٍ خفية تقوم بتلك الأعمال، فبعد فشلها في زعزعة الأمن والاستقرار بأشكال مختلفة في منطقتنا, تناولت فيها حرب جديدة تستهدف الأمن الغذائي والاقتصاد).

وأهابت الإدارة في بيانها بالفلاحين بضرورة الحذر خلال الوقت الحالي, والتكاتف مع القوى الأمنية والعسكرية التي ستبذل كافة الجهود للوصول للفاعلين الذين يقفون وراء هذه الأفعال الإجرامية والتخريبية

وكان تنظيم داعش قد أعلن عن إطلاق عملية تحت اسم (شمروا عن سواعدكم وابدأوا الحصاد) لإحراق المحاصيل الزراعية في مناطق شمال وشرق سوريا.

كما طالبت الإدارة المدنية للطبقة أصحاب الأراضي الزراعية بالتأكد من التزام أصحاب الحصادات بتطبيق التعاميم الصادرة عن لجنة الاقتصاد لدرء الحرائق ومدى التزامها بالأسعار المحددة للحصادات الخاصة، لاسيما أن الإدارة تقوم بدعم أصحاب الحصادات بالمحروقات بهدف مساعدة الأهالي في تخفيض أجور الحصاد, كما ألزمت أصحاب الحصادات بتركيب شبك (غربول) على عوادم الأليات التي تدخل إلى الحقول أثناء عملية الحصاد، بالإضافة لوجود أجهزة إطفاء فردية في كل آلية وأن تكون في حالة الجهوزية التامة، إلى جانب وجود خزان من الماء مزود بخرطوم طويل المدى لمكافحة أي حريق في حال حدوثه.

وتعهدت الإدارة المدنية في ختام بيانها بتقديم المزيد من الدعم من خلال الخطط العاجلة التي تم رسمها لتطبيقها خلال المرحلة الراهنة, وذلك بالتعاون مع كافة الجهات المعنية والأهالي لدرء هذا الخطر الذي يُهدد الأمن الغذائي والاقتصاد المجتمعي.

وكانت الحرائق في ريف منطقة الطبقة قد التهمت أكثر من 6 آلاف دونم من الأراضي الزراعية خلال مدة لم تتجاوز 15 يوماً، في حين تمكن فوج الإطفاء من التعامل مع معظمها وتطويق المساحة بأقل الخسائر الممكنة وضمن الإمكانيات المتاحة.

زر الذهاب إلى الأعلى