حواراتمانشيت

أسئلة جريئة وأجوبة شفافة، حوار ساخن مع آلدار خليل -2-

حوار وتقديم: حسين فقه

إعداد: مزكين حسن

 

فيما يلي تفاصيل الحلقة الثانية من الحوار الساخن الذي أجراه موقعنا مع آلدار خليل، والذي كان قد قال في الحلقة الأولى إن “الروس لم يطلبوا منا شيئاً ورفضناه”

ــ أنت قلت إن الروس لم يطلبوا منا شيئاً ورفضناه، ألم يكن هناك أي شروط للروس للدفاع عن عفرين؟ ألم يكن تسليم عفرين للنظام أقل خسارة من احتلالها؟

بعد أن تحدث الأمور نرى الكثير من المتحذِّقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة  يطرحون الأفكار ويقولون كذا وكذا وكذا، ولكن أهم شيء يجب أن يدركه الجميع بأننا عندما قررنا أن نقوم بالثورة قررنا أن ندير مناطقنا بأنفسنا، ولو سُلِّمَت عفرين للنظام قبل احتلال تركيا لها لكان الكل سيتهمنا بالعمالة للنظام وكانوا سيقولون لنا أنتم خدمتم النظام وسلمتم مناطقنا للنظام أي أننا لم نقم بثورة، حتى لو قلنا لهم بأن الهجوم التركي على عفرين أمرٌ حاصلٌ ولا ريب فيه وأنه من المؤكد إذا ما حدث الهجوم فأن عفرين سيتم احتلالها، كانوا سيقولون أنتم تكذبون ولاتقولون الصحيح أين هو الإثبات بأنه كان سيتم الاحتلال ـ بالعكس ـ  كان سيتم اتهامنا بالخيانة الكل كانوا سيقولون: لماذا سلمتم عفرين؟ وسوف آتيك بمثال، قبل عفرين في مناطق الشهباء كانت توجد لنا تجربة في قرية “عريمة” عندما أعلنا بأننا سنسمح لمجموعة تابعة للنظام بالتواجد في القرية، أتذكر طبعاً كان هذا القرار شبيه بما يتم طرحه الآن من أجل عفرين لأنه كان لدينا معلومات بالتحضير التركي لمهاجمة تلك المناطق، أتذكر آنذاك تعرضنا لهجمة قوية كانوا يقولون: “لماذا سمحتم للنظام بالقدوم إلى هنا؟ وأنتم خونة أنتم متعاونون مع النظام، انظروا كيف ظهرت حقيقتهم إنهم لم يحرروا المناطق بل كانت أمانة لديهم وارجعوها للنظام” كنا نقول لدينا معلومات بأن التركي سيهاجم وبأننا نريد سد الطريق أمامهم، ورغم اختلاف الحالة في عفرين فإننا لو كنا سلمناها للنظام كان سيحدث نفس الشيء أيضاً.

ـ والآن ماذا بشأن عفرين؟ ماذا بعد؟

عفرين يجب أن تتحرر وكل تحركنا وتركيزنا هو على كيفية تحرير عفرين، ونحن نتواصل مع القوى الدولية والإقليمية، ونُحضِّر أنفسنا عسكرياً ومادياً وسياسياً ونفسياً وتنظيمياً، كما نتواصل مع القوى الموجودة على الأرض في سوريا، في الحقيقة نحن نبحث عن طرق مناسبة لتحرير عفرين بأقل الخسائر، وتوجد خطوات إيجابية تم اتخاذها،  وهناك مؤشرات على أننا سننجح في هذا الإطار، يعني توجد أمور مشجعة، ولأكون واضحاً مع الجميع عفرين هي أولوية بالنسبة لنا فنحن عندما نتحدث مع أي طرف كان وفي سياق أي موضوع كان، نشترط عليهم أولاً مساعدتنا أو عدم محاربتنا عندما نقوم بتحرير عفرين، لذلك محورنا الأساسي في هذه المرحلة هو عفرين بالرغم من استمرارنا بالثورة وتوجد أمور أخرى نقوم بها في سياق الثورة ولكننا نعتبر عفرين هي المحور الأساسي.

ـ في كل تقييمك لموضوع عفرين تبين إن موضوع عفرين واحتلالها كان متعلقاً بمعادل دولي هل تغير هذا المعادل الآن وهل أصبحت المناخات مناسبة يمكن من خلالها التحرك لتحرير عفرين؟

نعم هناك مناخات أخرى قد تنضج وهناك أمور قد تغيرت وهناك أمور ستتغير طبعاً نحن لا ننتظرها بشكل كامل ولكن نسعى بأن نستفيد من تلك المتغيرات إلى جانب المقاومة المستمرة في عفرين، حالياً توجد مجموعات ضمن عفرين تحارب وتقوم بالعمليات بشكل يومي، ولكن قضية تحريرها بالكامل تحتاج إلى بعض التحضيرات، من طرفنا التحضيرات جاهزة إن كانت نفسياً تنظيمياً عسكرياً سياسياً وحتى اقتصادياً مادياً وفي جميع المجالات، ولكن نريد الاستفادة من الوضع الدولي وتلك الاتفاقيات التي تمت قبل عفرين، نريد التأثير عليها أو نتفق مع بعض الدول والأطراف لتغيير تلك المعادلة وهذا مانقوم به وهو شغلنا الشاغل.

ـ قبل فترة وفي حوار مع وكالة فرات كنت قد ذكرت بأن الحوار مع النظام أو التفاوض مع النظام أو اللقاء مع النظام هو حالة ايجابية هل لديك رؤية حول مستقبل هذه اللقاءات وهل من الممكن أن تكون إيجابية؟

أنا أقصد الحوار بشكل عام، وعندما يتم الحوار عن طريق التفاوض هذا شيء إيجابي، وإن تمكنا من إقناع النظام بهذا الحوار وتطوير التفاوض هذا أيضاً سيكون شيئاً ايجابياً وسيكون أفضل من اللجوء إلى الحرب والمعارك وماينتج عنها من تداعيات سلبية، طبعاً لغاية اللحظة لم يتم التفاوض مع النظام أساساً، وما حدث هو لقاء حواري ولم يتم إكماله بعد، وما نتمناه هو أن يتمكن النظام من التخلص من ذهنيته السابقة ويقتنع بضرورة التفاوض، فهو عندما يعتمد على الأسلوب العسكري والهجوم لكسر إرادة المقابل، بذلك لن يكسب شيئاً، قد يربح معركة قد يكسب منطقة ما، ولكن في السابق قبل 2011 كانت كل سوريا تحت سيطرة النظام ولكن الآن الوضع مختلف وهذا يعني إنه توجد مشكلة، وتوجد قضايا في سوريا، توجد قضية دمقرطة سوريا، توجد أمور لا بد من معالجتها، توجد القضية الكردية توجد قضية الديمقراطية في سوريا توجد قضية كيفية التعايش بين المكونات مع بعضها البعض، لذلك لا بد أن نسعى لإقناع النظام بضرورة الحوار والتفاوض، وإلى جانب ذلك يجب أن نحتاط دائماً ونتخذ كل تدابيرنا تجاه أي هجمة قد يقوم بها النظام أو أي خطر قد ينتج عنه.

ـ ذكرت قبل قليل قضية التعايش، ونحن في روج آفا وشمال سوريا لدينا مشروع يستند في ايديولوجيته إلى الأمة الديمقراطية، وذكرت بأننا لم نستطع أن ننظم شعبنا داخل عفرين بالشكل المطلوب، فهل نستطيع أن ننظم الشعوب الأخرى بضرورة التعايش واقناعهم بهذه الايديولوجيا وبمشروع الأمة الديمقراطية؟

طبعاً مفهوم الأمة الديمقراطية مفهوم حضاري ومفهوم ديمقراطي ومفهوم يسد الطريق أمام حالات الصراع والتناقضات التي قد تحصل، وما يشهده الشرق الأوسط ودوله يشير بإننا بحاجة إلى الأمة الديمقراطية، انظر ابتداءً من ليبيا واليمن وحتى في لبنان والعراق عشرات السنين والمشاكل لم تنتهِ لماذا؟، عدم وجود مفهوم الأمة الديمقراطية بسبب هيمنة قومية أو ديانة على مقاليد الأمور وإهمال الأطراف الآخرى هو ما يتسبب بكل الكوارث في المنطقة.

ونحن لضمان حقوقنا ولضمان العيش بسلام وأمان واستقرار وتطوير البلاد وحل القضية الكردية علينا أن نبحث عن نهج وطريقة مناسبة لذلك.

الأمة الديمقراطية من جهة تعني حل القضية الكردية ومن جهة آخرى تعني ضمان ذلك الحل، وإلى جانب إنها تساعد في أن تكون سوريا مستقرة لعشرات أو مئات السنين، وهذا هو المطلوب وهو أساسي لدينا ولايمكن التنازل عنه، لا يمكن أن نقول لنؤجل هذا الخيار، هذا ليس خياراً هذا أساساً هو الحل،  فالحل دائماً يحتاج إلى جهود، ويحتاج إلى تضحيات، وأنا لا أقول بأن الكل جاهز وسنطبق هذا المفهوم اليوم، لو كان الكل جاهزاً لما كان هناك حاجة ولما ظهرت هذه التناقضات، فالكل غير جاهز ولذلك هناك صراعات في المنطقة، ولمعالجة هذه الصراعات طرحنا مشروع الحل، هذا هو الحل وهو يحتاج إلى نضال وتنظيم وتدريب ويحتاج أيضاً إلى الكثير من التوعية .

الحالة التي وصلنا إليها الآن تختلف عمَّا كنا عليه في 2011 وتختلف عمَّا كنا عليه في 2015 أيضاً، هناك تطورات، الآن يوجد مقاتلين عرب وآشور ضمن صفوف الحركة وضمن صفوف الحالة التنظيمية وضمن الحماية وضمن المؤسسات وضمن الإدارة، يعني الفكرة أو المنطق الذي نقصده بدأ ينتشر ويلقي بظلاله على الحياة، لكن مازال هناك حاجة لهذا النضال وقد يتطور بعد يوم وقد يمتد لعشرات السنين، يعني نحن يجب أن لا ننتظر بأن يكون الشعب جاهزاً كي نطرح نموذجاً للحل أساساً لو كان الشعب جاهزاً لما احتجنا للثورة، وهذا من صلب أولوياتنا، أن نسعى إلى تطوير العقلية والذهنية والفكر الديمقراطي وتقبل الآخر، وخصوصاً فكر الأمة الديمقراطية وعلى رأس استحقاقات المرحلة هو التركيز على إقناع الجميع بضرورة القيام بثورة حرية المرأة، أنا على سبيل المثال أذكر لك مجتمعنا مجتمع شرق أوسطي وقد تكون للمرأة حدود وضوابط ملزمة عليها ولكن بالرغم من هذه الحالة الآن انضمام المرأة للمؤسسات للإدارات للسياسة للفكر للحالة العسكرية يعد تطوراً مثالياً، فتطور الحالة التي نعيشها الآن ليس كما كان في سنة 2011 وما قبلها، وهناك مشاركة من جميع المكونات هذا يعني بأنه بقدر نضالنا سيتطور فكر الأمة الديمقراطية .

هذا صحيح ولكن هذا التطور حصل في مناطق روج آفا وأقصد بذلك عذراً من الكلمة بين الكرد هل نستطيع أن نشمل بهذا التطور أبناء شعبنا في الرقة وديرالزور، هل يستطيعون القفز فوق العادات والتقاليد الشعبية وميراث حزب البعث و و و؟

توجد تطورات في تلك المناطق أيضاً قد لا تكون التطورات مثل المناطق الكردية باعتبار أن مناطقنا توجد فيها هذه الفكرة منذ عشرات السنين وعملنا التنظيمي موجود منذ زمن، ولكن هم أيضاً متجاوبون وهم أيضاً يرون بأن هذا هو الحل الأمثل،  فمثلاً كما ترى في قسد المشاركة الهائلة من قبل شبابهم وبناتهم، وفي المؤسسات نجد بأن المرأة العربية باتت تخرج من بيتها من دون موافقة “محرم” وباتت تشارك في الفكر وفي العمل الميداني أيضاً وعلى نفس المنوال الشباب أيضاً، الآن هم يديرون أنفسهم بأنفسهم، وهذه الإدارة نشأت نتيجة العمل والنضال ضمن هذه المناطق ونحن نسعى لتطويرها.

ـ أنتم تقولون دائماً بأننا ننتهج الخط الثالث، بواقعية سياسية نحن نستطيع في الداخل السوري أن نكون خطاً ثالثاً ولكن هل نستطيع في المعادلة الدولية أن نتخذ من الخط الثالث منهجاً؟

أساساً مفهوم أو مصطلح الخط الثالث قد تكون له تأويلات مختلفة لذلك أستطيع التأكيد هنا بأننا قد نكون الخط الثاني يعني نهج مختلف عن الجميع، كل الأطراف بالرغم من اختلافاتهم السياسية لكنهم مشتركون في نقطة واحدة وهي إنهم يريدون السيطرة والهيمنة أو السلطة، أما نحن فنبحث عن مجتمع يدير نفسه بنفسه، لذلك إن حسبتها من هذا الإطار قد يكون هناك خطان فقط لا ثلاثة نحن طرف وهم كلهم طرف وهذا قد يعقد الأمور ويصعب المهام أمامنا.

في بداية الثورة عندما كنا نركز على الخط الثالث كنا نقصد به بأن هناك صراع بين أطراف على السلطة لكننا لسنا طرفاً في ذلك الصراع، لكن أساساً هم توحدوا وباتوا موحدين في محاربتنا ولذلك هم جميعاً باتوا خطاً واحداً ونحن نمثل الخط الديمقراطي المقاوم.

ماذا تقول للذين ينادون الآن بالمناطقية بين أبناء شعبنا الكردي؟

يعني هذا نابع من تأثير عاطفي ضيق وغير ملم بحقيقة الثورة، فهذه الثورة لاتقتصر على منطقة معينة أو قبيلة أو عشيرة بل هي ثورة نقوم بها ضد النهج السائد والقديم لمفهوم الهيمنة والسلطة والمناطقية، نحن  خُضنا معارك في كوباني ومناطق الجزيرة وخضنا معارك في عفرين وحلب وفي منبج والطبقة والرقة ودير الزور يعني هي ثورة شاملة ثورة عامة، فكما ندعو إلى توحيد الجميع وإشراكهم معاً ضمن سوريا “الكرد والعرب والسريان”، فنحن ككرد يجب أن لا ننجر إلى المحاولات التركية بالفصل بين المناطق ونشر مفاهيم تسيء إلى حقيقة الثورة، خصوصاً وأن الكرد لديهم تاريخ مشرِّف في هذا الأمر يوجد شباب من ديرسم استشهدوا في عفرين ويوجد بنات وشباب من عفرين استشهدوا في بوطان ويوجد من باشور استشهدوا في كوباني ويوجد من كوباني استشهدوا في آمد، يعني قضية الثورة عندما نقوم بأخذها بإطارات ضيقة ذلك يعني إنك تنتهي، وذلك يعني إنك مخطئ، يجب على الجميع أن يتوخوا الحذر فالعدو يريد أن يفصل بيننا.

ـ لماذا رضيتم بمفهوم وتقسيم شمال سوريا بين شرقي الفرات وغربها؟

نحن لم نرضَ؛ بل هذا واقع موجود، فنحن لم نأتِ بروسيا ولم نأتِ بأميركا، فروسيا وأميركا قوى عظمى وهي التي اتفقت فيما بينها، وفي الحقيقة لم نكن نعلم بهذا الأمر إلا مؤخراً، بعد أن اتفقوا قبلها بسنوات علمنا بالأمر يعني كان سرياً بينهم، يبدو إنه كان سرياً بينهم مازلنا نجهل تفاصيل الاتفاق ومازلنا نجهل ماهية العلاقة بين روسيا وأميركا، لكن هناك واقع موجود ـ مثلاًـ  لو كنا رضينا بهذا الأمر لكنا قبلنا بأن نترك عفرين بتاتاً ونترك الشهباء، لماذا إذن نًصرُّ على بقاء شعبنا وبقاء قواتنا في الشهباء؟ لأننا لا نريد أن نترك المنطقة، لماذا نصر على الإدارة الذاتية في حلب؟ لماذا نصر على بقائنا في منبج؟ هذا يعني إننا لا نقبل تلك المعادلة، ولكنها قوى عظمى واتفقت فيما بينها فهذا أمر آخر يتعلق بهم.

ـ هناك محاولات لإنشاء لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا وحتى الآن على حد علمي لا يوجد دعوة رسمية لمكونات الشمال السوري أو الإدارة الذاتية للاشتراك في صياغة الدستور؟

لغاية اللحظة لا توجد دعوة رسمية لأي طرف أو أي شخصية ولم يتم الاتفاق بين من يرعون هذا المشروع وممثل الأمم المتحدة والدول المعنية ولم يتفقوا بعد على ماهية اللجنة وتكوينها، وعلى اعتبار أن الدعوات لم تصل لأي طرف لم تصلنا أيضاً، ولكن كنتيجة أقول إن لم نكن مشاركين في هذا الدستور فنحن لن نلتزم به وبالأساس فإن أي عمل من أجل الدستور إن لم نكن مشاركين به فلن ينجح.

– هل انهارت آستانة؟

نعم أستانة منهارة

هل هناك أي أمل برجوع جنيف؟

جنيف أيضاً تعيش مخاض ولن تستطيع الاستمرار بهذا الشكل وأنا أتوقع بأنه في هذه الحالة لا بد أن يتغير ديمستورا أيضاً، ولا بد أن يتم دراسة الأمر من جديد.

زر الذهاب إلى الأعلى