تقاريرمانشيت

أردوغان في زيارة دولة من أجل قصيدة ساخرة

كان هذا أحد أهم البنود على أجندة أردوغان في زيارة الدولة التي قام بها إلى ألمانيا يوم الخميس 27 سبتمبر، وهو أن  تتم ملاحقة الإعلامي الألماني يان بومرمان الذي ألقى قصيدة سخر فيها من أردوغان، وقد يكون من المستغرب أن تتصدر أجندة رئيس دولة يقوم بزيارة دولة ملاحقة كاتب أو كوميدي أو فنان سخر منه، ولكن عندما نعرف السلطان العثماني أردوغان وعنجهيته المتكبرة كخليفة للإرهاب الإسلامي لن يكون هناك شيئاً مستغرباً، ولكن قد لا تخلو أجندة أردوغان من بنود أخرى كالتهديد بتدفق اللاجئين إلى أوروبا، ولأن ألمانيا تنظر إلى نفسها كوجهة أولى لتدفق هؤلاء اللاجئين، ولأنها تموت رعباً من هكذا أمر، فيبدو أن ميركل انحنت أكثر أمام السلطان .

وبومرمان أذاع القصيدة في 31 آذار/ مارس عام 2016 في برنامجه الساخر “نويه ماغاتسين روياله” على القناة الثانية في التلفزيون الألماني “زد.دي.إف”، وتضمنت القصيدة أبياتاً تضع الرئيس التركي في صلة مع الاستغلال الإباحي للأطفال والجنس مع الحيوانات

في زيارة أردوغان لألمانيا: هل يعلو صوت “المصالح” فقط؟

عندما وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الألمانية برلين الخميس، في مستهل زيارة تستغرق 3 أيام، كان من الواضح أنه وضع أهدافاً نصب عينيه، وأولها ملاحقة يان بومرمان و  نزع فتيل التوتر مع “الأصدقاء الألمان”.

ففي المقال الافتتاحي لصحيفة “فرانكفورتر الجايمن زيتونغ” الألمانية دعا أردوغان ألمانيا وتركيا لفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما. وكتب أردوغان يقول:” إنها مسؤوليتنا دفع علاقاتنا قدماً على أساس المصالح المشتركة.”

وقد حدد أردوغان ما يجب أن تقوم به ألمانيا بهذا الصدد وهو ملاحقة بومرمان و اعتبار حركة غولن إرهابية، وهي الحركة التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب المزعوم عام 2016، كما حذر السلطان التركي أيضاً من تصاعد الإسلاموفوبيا واليمين المتطرف في ألمانيا.

أسباب التوتر

وتوترت العلاقات بين الجانبين في السنوات الأخيرة حيث أعربت برلين عن قلقها إزاء “الميول الاستبدادية” لحكومة أردوغان واعتقال مواطنين ألمان في تركيا، فبحسب وزارة الخارجية الألمانية هناك خمسة مواطنين ألمان اعتقلتهم تركيا لأسباب سياسية.

وقد شهد عام 2016 عدة أحداث أدت للتصعيد بين الطرفين منها:

ـ اعتراف البرلمان الألماني بالإجماع بالمذابح ضد الأرمن.

ـ رفع أردوغان دعوى ضد الكوميدي الألماني، يان بومرمان، بخصوص قصيدة ساخرة اعتبرها أردوغان مهينة له. وقد رفضت الدعوى ولكنها سببت توتراً بين البلدين.

ـ وفي نفس العام اتهمت أنقرة برلين بأنها لم تتخذ موقفاً واضحاً إزاء محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا كما لم تتخذ موقفاً تجاه منظمة فتح الله غولن.

ـ انتقدت ألمانيا عمليات الاعتقال التي قامت بها تركيا عقب محاولة الانقلاب.

ـ تصاعد التوتر مع مظاهرات الكرد الكبيرة في كولونيا للمطالبة بإطلاق سراح عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل في تركيا.

ـ وفي عام 2017 اعتقلت تركيا عدداً من المواطنين الألمان الذين اعتبرتهم برلين معتقلين سياسيين في ما اعتبرتهم أنقرة داعمين لمنظمة إرهابية.

ـ وفي نفس العام حظرت ألمانيا المسيرات المؤيدة للاستفتاء على تغيير الدستور التركي واتهمت برلين تركيا بالتجسس على مئات من أنصار غولن في ألمانيا.

ـ كما حث أردوغان الألمان ذوي الأصول التركية على عدم التصويت لأحزاب رئيسية اعتبرها معادية لتركيا.

ـ في سبتمبر/أيلول 2017 ، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن تركيا لا يجب أن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي.

ـ وفي بداية العام الجاري وقع الهجوم العسكري التركي على عفرين شمال سوريا، وهو الأمر الذي انتقدته ألمانيا.

ـ تعرض اللاعب الألماني من أصل تركي مسعود أوزيل لانتقادات في ألمانيا لظهوره في صور مع الرئيس التركي وانتهى الأمر باعتزاله اللعب الدولي.

ـ ومع توتر العلاقات التركية مع واشنطن بسبب سوريا والعقوبات الاقتصادية، تحولت أنقرة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي على أمل الحصول على دعم لتحقيق استقرار اقتصادي.

ـ وكان أردوغان قد وصف ميركل بالنازية.

زيارة دولة

وخلال زيارة الدولة التي يقوم بها أردوغان، والتي جاءت بناء على دعوة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، يحظى الرئيس التركي باستقبال حرس الشرف في برلين ومأدبة دولة ومن المقرر أن يعقد اجتماعين مع ميركل كما سيلتقي بجماعات تركية في ألمانيا، بينما مازال أردوغان وحزبه وحكومته يمارسون أعتى أنواع الانتهاكات  لحقوق الإنسان وتحتل مناطق من شمال سوريا ومنها عفرين والتي يتم ارتكاب كل الفظائع فيها على أيدي جيش الاحتلال التركي ومرتزقته الجهاديين.

وأفادت تقارير إعلامية أن عدداً من كبار السياسيين في ألمانيا سيقاطعون العشاء المدعو له أردوغان من بينهم السياسية اليسارية سفيم داغديلين التي قالت:”إن مأدبة رسمية واستقبال رسمي بالبساط الأحمر وحرس الشرف لشخص يدير السياسة الخارجية بطرق مشابهة للمافيا، ويطارد السياسيين المعارضين، ويغزو جيرانه، أمور غير مقبولة.”

حكم القانون وليس الاقتصاد فقط

ويأتي الاقتصاد على رأس أولويات أردوغان الذي يؤكد أن الاقتصاد التركي قوي لدرجة تمكنه من حل مشاكله المالية إلا أن التضخم والبطالة وتراجع قيمة الليرة التركية أمور تشير إلى عكس ما يقوله.

ويقول يورغين هاردت المتحدث باسم الحزب المسيحي الديمقراطي التابع لميركل إن تحسن العلاقات الاقتصادية بين البلدين يستلزم من تركيا معالجة مشاكلها في ما يتعلق بحكم القانون وحقوق الإنسان.

وقال:” إذا كانت تركيا تتطلع للتعافي الاقتصادي ولديها تطلعات نحو ألمانيا فإننا سنناقش حكم القانون وليس الاقتصاد فقط.”

ورغم ذلك، يرى معلقون أن ألمانيا معنية كثيراً بالحفاظ على اتفاق اللاجئين الذي تم التوصل إليه مع تركيا عام 2016 والذي توقف بمقتضاه أنقرة تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

ويقول غارو بيلان من حزب الشعوب الديمقراطي :” بينما يسحق أردوغان حقوق الإنسان، يتم استقباله رسمياً، ما يعني أن كل شيء يفعله بات أمراً طبيعياً وأن تركيا مقبولة كدولة تنتهك حقوق الإنسان. فالهدف الرئيسي من زيارته هو الحيلولة دون سقوط دولة عازلة.”

وقد بدأت بالفعل احتجاجات ضد زيارته في المدن الألمانية الرئيسية وقد شارك نحو 10 آلاف شخص في مظاهرة في برلين الجمعة.

وستنتهي الزيارة في كولونيا حيث سيفتتح أردوغان مسجداً ممولاً من منظمة رسمية تركية.

ويقول منتقدو الزيارة إنه سيستغل الفرصة للظهور كضيف مرحب به وهو الأمر الذي أتاحته له ألمانيا.

ميركل تنحني أمام مطالب أردوغان حفاظاً على اتفاقية اللاجئين

المستشارة الألمانية تستجيب لمطالب الرئيس التركي بملاحقة كوميدي وجه انتقادات له خلال برنامج تلفزيوني.

رأى تقرير صحفي، اليوم الثلاثاء، أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، استجابت لمطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بملاحقة كوميدي ألماني وجه انتقادات له، حفاظًا على اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يقضي بإعادة اللاجئين إلى الأخيرة.

وكان أحد الكوميديين الألمان، ألقى قصيدة خلال برنامجه التلفزيوني، تتحدث عن أن أردوغان “يقمع الكرد والمسيحيين أثناء مشاهدته لأفلام إباحية أبطالها من القاصرين”.

وقال التقرير، إن “ميركل لجأت إلى الخيار الأقل ضرراً، فإما ترك التدفق الهائل للاجئين يغرق أوروبا، ويقوض الاتحاد الأوروبي، مع انهيار الاتفاق مع تركيا، وإما تخويل المحاكم الألمانية رسمياً باتخاذ قرار بشأن ملاحقة الفنان الساخر”.

واعتبر تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” أن ” المشكلة الأساسية تكمن في أن الرئيس التركي، لم يكتف بالمطالبة بملاحقة الفنان الكوميدي قضائياً، بل أنه يريد من رأس الحكومة الألمانية، الاعتراف رسمياً بأنه من الخطأ أن تتم السخرية منه، وهو بذلك يتخطى حدوداً كثيرة، ويريد التصرف في ألمانيا على النحو الذي تتم فيه الأمور داخل تركيا”.

ولفت إلى أن أردوغان “يملك حساسية تجاه الأعمال الكوميدية، وبحسب وزير العدل التركي، فقد تم رفع 1845 دعوى قضائية ضد أشخاص اتهموا بانتهاك قانون منع الإساءة للرئيس. وهذه أمور معتادة في تركيا، حيث تعد الإجراءات القمعية، أمراً أساسياً في النهج الشمولي الذي يتبعه أردوغان، وهو يريد الاستناد إلى ما قامت به المستشارة الألمانية، للادعاء بأن ما يذهب إليه في بلاده هو أمر مشروع من الناحية القانونية”.

ووفقاً لاتفاق أُبرم أخيراً بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، يتوجب على الأخيرة قبول اللاجئين الذين تتم إعادتهم من قبل السلطات اليونانية، مقابل تقديم المزيد من الدعم المالي لأنقرة، والعمل على إعادة فتح ملف انضمام الأخيرة إلى الاتحاد الأوروبي.

إعداد: حسين فقه

زر الذهاب إلى الأعلى