المجتمعمانشيت

مخيم الهول: بين تدفق اللاجئين و(قطَّارة) التمويل الدولي

تنشب الحروب لتجلب معها الويلات، التشرد، الهجرة والنزوح إلى الخارج والداخل، لهذا السبب تلجأ المنظمات الحقوقية والانسانية بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتشييد مخيمات وفق شروط وضوابط وأسس سليمة وصحية يعيش فيها اللاجئون والنازحون بسلام على أمل العودة إلى ديارهم فور انتهاء الحرب في مناطقهم.

نشهد الآن موجة نزوح هائلة من مدينة دير الزور إبان هزيمة داعش في جيبه الأخير ببلدة الباغوز الواقعة في الريف الشرقي لمدينة دير الزور إلى مخيم الهول، وللحديث بشكل مُفصَّل عن هذا المخيم وأوضاع اللاجئين الذين نزحوا إليه أعدَّت صحيفة الاتحاد الديمقراطي تقريراً بهذا الخصوص.

الهول هي بلدة تقع على بعد 40 كيلومتراً في شمال شرق مقاطعة الحسكة التابعة لإقليم الجزيرة، أما مخيم الهول فقد تم انشاءه في أوائل عام 1991، إبان حرب الخليج، حيث أنشأت المفوضية العليا مخيماً للاجئين على المشارف الجنوبية لبلدة الهول، وقد تم تفعيله آنذاك بالتنسيق مع الحكومة السورية، وذلك لتوفير ملاذ آمن لحوالي15000 لاجئ من العراق عام  2003 عقب الحرب التي نشبت في العراق، وخلال الأزمة السورية أعيد افتتاح المخيم كأحد ثلاث مخيمات واقعة على الحدود السورية العراقية، أما في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا أعيد تشييده مجدداً وهو يعتبر ثامن أكبر المخيمات الموجودة في المنطقة “مخيم الطويحينة, مخيم عين عيسى, مخيم مبروكة, مخيم العريشة, مخيم نوروز, مخيم مشتى نور, مخيم روج”، حيث تقوم برعايتها وتقديم كافة الخدمات اللازمة لها ضمن الإمكانات الموجودة, ويُذكر أن هذه المخيمات تضم لاجئين ونازحين من عموم الأراضي السورية وكذلك من العراق.

وبالعودة للحديث عن مخيم الهول فقد سيطر داعش على الهول عام 2015، فأصبحت أحد أهم المعاقل الرئيسية له في شمال شرق سوريا، لأهمية موقعها الجغرافي كونها مفترق طرق يربط بين مركز مدينة الحسكة والحدود العراقية، كما ويؤدي الطريق الشمالي الشرقي للبلدة إلى تل حميس ومعبر ربيعة الحدودي، أما الطريق الجنوبي الشرقي فهي باتجاه جبل شنكال ويمر عبر بلدة الهول من الجهة الجنوبية الشرقية، وصولاً إلى معبر مخفر أم جريس الواقعة على الحدود السورية العراقية، وبتاريخ 13/11/2015 تم تحرير بلدة الهول ومخيم الهول من قبل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أثناء حملاتها العسكرية لتحرير الريف الجنوبي لمدينة الحسكة, لتبدأ الإدارة الذاتية الديمقراطية بإعادة تأهيل وبناء مخيم الهول من جديد، والعمل قدر المستطاع لتوفير المستلزمات الصحية والخدمية والإغاثية الفورية للنازحين.

عاد مخيم الهول لافتتاح أبوابه أمام كافة اللاجئين وخاصة العراقيين في الـ 21 نيسان 2016 مرة أخرى, لكن هذه المرة من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية بإمكانياتها البسيطة, وبعد انطلاق معارك التحرير ضد مرتزقة داعش في العراق, اضطر الكثير من الأهالي إلى النزوح من مناطقهم باتجاه الأراضي السورية، وخاصة من موصل وشنكال، فكان مخيم الهول من أوائل المخيمات التي احتضنتهم إلى حين تحرير مناطقهم، هذا ومنذ عام 2016 حتى نهاية العام 2017 احتضن مخيم الهول تحت إشراف الادارة الذاتية الديمقراطية في شمال شرق سوريا ما يقارب الـ 17000 لاجئ عراقي أغلبهم من منطقة شنكال والبقية من المناطق السورية جُلّهم من أهالي الطبقة والرقة ومؤخراً من مدينة دير الزور, إلّا أن اغلبهم عادوا إلى ديارهم بعد تحرير قوات سوربا الديمقراطية “قسد” في حملة غضب الفرات تلك المناطق من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي ليبقى عدد اللاجئين في مخيم الهول عام 2018 إلى ما يقارب الـ12 ألف نازح.

ومع انطلاق حملة عاصفة الجزيرة لدحر الإرهاب المتمثل بداعش عملت  قوات سوريا الديمقراطية على حماية المدنيين وتأمين ممرات آمنة لهم لإيصالهم إلى المخيمات وإيوائهم بأقل الأضرار الممكنة ولا سيما مخيم الهول الأقرب إلى المنطقة، حيث تستغرق رحلة النزوح من المناطق الواقعة شرق نهر الفرات إلى مخيم الهول نحو ست ساعات، حيث كان في استقبالهم فِرَق إسعاف هيأتها إدارة المخيم إلى جانب ما تقدمه بعض المنظمات المحلية مثل منظمة روج آفا للإغاثة والتنمية والهلال الأحمر الكردي التابعتان للإدارة الذاتية الديمقراطية من مواد وحاجات أولية ضرورية، كما تم استقبال موجات نزوح جديدة وخاصة من المناطق الشرقية لمدينة دير الزور في مخيم الهول الخاص باللاجئين والنازحين، والآن وصل عدد اللاجئين العراقيين ممن كانوا في مناطق دير الزور إلى جانب ممن كانوا قد حُصِروا من قبل مرتزقة داعش في هجين بعد سيطرته عليها إلى 21000 لاجئ, وكذلك عدد من عوائل مرتزقة داعش الأجانب ممن قدِموا من مناطق هجين والسوسة والشعفة ومؤخراً الباغوز إلى ما يقارب الـ 1100 أجنبي, بينما وصل عدد النازحين السوريين ضمن هذا المخيم إلى 20000 نازح، وأما عن آلية وكيفية توزع هذا العدد الهائل من اللاجئين والنازحين فيتم توزيعهم على خمسة قطاعات ضمن ما يقارب الـ 1500 خيمة تضم 9357 عائلة, حسب ما خصصته إدارة المخيم التابعة للإدارة الذاتية لمقاطعة الحسكة في إقليم الجزيرة وهي وفق خمسة قطاعات:

القطاع الأول والثاني والثالث مخصص للنازحين العراقيين, أما الرابع والخامس للنازحين السوريين وقسم صغير للأجانب كلاً بحسب عدده, وحالياً هناك أكثر من 350 عائلة أخرى من نازحي مناطق دير الزور بانتظار عملية توزيعهم على الخيم.

 وخلال المرحلة الأخيرة لمعركة دحر الإرهاب فقد وصل عدد النازحين قرابة 31100 جلّهم من أهالي منطقة هجين والشعفة وغيرها من المناطق الواقعة في الريف الشرقي لدير الزور خلال الحملة التي أطلقها قسد  لدحر الارهاب في آخر جيوب داعش وشملت موجة النزوح هذه جنسيات أجنبية أخرى ممن هم عوائل مرتزقة داعش في تلك المنطقة ليصل بذلك عددهم إلى أكثر من 43 ألف لاجئ ونازح من تاريخ الـ 13 من أيلول 2018 إلى يومنا هذا.

إلا أن الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين توقعت وصول آلاف الوافدين والفارين الجدد من مناطق النزاع إلى مخيم الهول خلال الأيام القليلة المقبلة ، والجدير بالذكر أن نحو 2000 من النازحين واللاجئين لا يزالون دون خيم، على الرغم من أن إدارة المخيم وبالتنسيق مع الإدارة الذاتية الديمقراطية تواصل سعيها للعمل على توسيع المخيم لاستيعاب الأعداد الجديدة القادمة.

أما الآن فقد وصل عدد النازحين واللاجئين في مخيم الهول شرقي الحسكة إلى حوالي 47 ألف شخص بعد نزوح الأهالي وعوائل داعش من آخر جيب له في بلدة الباغوز نتيجة المعارك بين قوات قسد ومرتزقة تنظيم داعش في ريف دير الزور الشرقي، وحتماً أن الأعداد الكبيرة للوافدين والنازحين سيترتب عليها ضغط إضافي على الخدمات الرئيسية في المخيم يفوق امكاناته، لذا على الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين اتحاذ تدابير عاجلة لتوفير مساعدات وخدمات صحية للنازحين واللاجئين الفارين من المعارك في ريف دير الزور الشرقي.

علماً أن مخيم الهول الذي تديره الإدارة الذاتية يتسع لنحو 38 ألف شخص لاجئ ونازح فقط وضمن 1500 خيمة.

بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية للمرحلة الأخيرة لعاصفة الجزيرة “معركة دحر الإرهاب” والتي استهدفت آخر جيوب مرتزقة داعش شرق نهر الفرات في كل من منطقة الهجين والسوسة والشعفة وقراها، وحالياً يتم تحرير بلدة الباغوز الواقعة في الريف الشرقي لدير الزور وبنتيجتها ازدادت موجات النزوح.

استقبل المخيم منذ انطلاق الحملات العسكرية في البداية ما يقارب الـ31100 نازح من أهالي المنطقة, بالإضافة إلى العديد من عوائل داعش الأجانب, هذا وبعد أن استطاعت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” من تحريرهم من قبضة داعش الإرهابي, بذلت جهود حثيثة في الحفاظ على سلامة أهالي المنطقة بعيداً عن أرض المعارك.

مع اقتراب هزيمة داعش عسكرياً في آخر جيوبه في منطقة الباغوز  التابعة للريف الشرقي لدير الزور في شمال وشرق سوريا فأن إدارة مخيم الهول لا تزال تستقبل النازحين من مناطق الريف الشرقي لدير الزور إلى جانب عوائل مرتزقة داعش من العراقيين والسوريين بما فيهم الأجانب، هذا وتعمل إدارة المخيم بكل جهودها وإمكاناتها لتأمين الاحتياجات الضرورية رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجهها من نقص في الخدمات الصحية وكذلك الإغاثية الضرورية ناهيك عن عدم تجاوب المنظمات الانسانية والاغاثية والخدمية مع تزايد هذا العدد الكبير من النازحين, أما الإمكانات التي تقدمها الإدارة الذاتية تحت إشراف بعض المنظمات المحلية مثل الهلال الأحمر الكردي ومنظمة روج أفا فهي لا تفي بالغرض أمام موجة النزوح هذه, حيث تحدثت نجبير فتاح الرئيسة المشتركة لمنظمة روج آفا للإغاثة والتنمية لصحيفتنا قائلة: نحن كمنظمة روج آفا من أوائل المشاركين في إعادة تشييد مخيم  الهول ضمن إمكاناتنا المحدودة وقبل أن يصل عدد النازحين إلى هذا الحجم الكبير قمنا بتوزيع المساعدات الإغاثية في المخيم مثل الخيم، الاسفنجات، البطانيات، بيدونات ماء، حُصُرْ، شواحن الطاقة الشمسية، العوازل ولوازم المطبخ إضافة إلى سلال غذائية كل شهر.

وأضافت: مع تزايد عدد اللاجئين قمنا أيضاً بتوزيع السلال الغذائية بشكل طارئ على 1200 عائلة، وحالياً نقوم بإحصائيات دورية مع تزايد عدد النازحين وذلك لتقديم المساعدة قدر الإمكان.

ناشدت نجبير فتاح في ختام حديثها كافة المنظمات الإنسانية والعالمية للإغاثة بأن تقوم بواجبها تجاه هذه الموجة الكبيرة من النزوح إلى مخيم الهول ذو الامكانات المحدودة وأن لا تقف في إطار الإحصاء فقط, لأن المخيم يعاني من صعوبة توفير الخدمات الصحية لهؤلاء النازحين بالتزامن مع الأعداد الهائلة التي تصل يومياً إلى مخيم الهول.

وُضِعت إدارة المخيم التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة الحسكة تحت حمل كبير يفوق قدراتها, وسط غياب تام للمنظمات الإنسانية والاغاثية العالمية لمساعدة هؤلاء النازحين, الذين اجبروا على ترك منازلهم جراء المعارك الدائرة في سوريا, ودفعت بالإدارة إلى العمل بأضعاف طاقتها لتأمين الاحتياجات المعيشية الأساسية لهؤلاء النازحين ضمن هذا المخيم الذي من المفروض أن تقدم المنظمات الانسانية والإغاثية والأمم المتحدة وأولهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تتعاون مع منظمات دولية ومحلية أخرى كافة الاحتياجات اللازمة لهؤلاء النازحين.

إعداد: حسينة عنتر

زر الذهاب إلى الأعلى