تقاريرروجافامانشيت

موقع فرنسي يوضح دور قرى روج آفا في ترسيخ الإدارة الذاتية (قرية بياندور)

سلط تقرير على موقع revue-ballast الفرنسي الضوء على كيفية تنظيم أهالي القرى بشمال وشرق سوريا لحياتهم بالاعتماد على مبادئ وأسس مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية, وكيف ساهم هؤلاء السكان في تأسيس هذا المشروع من خلال مشاركتهم الفعالة في ثورة روج آفا والتضحيات التي قدموها من أجل انتصار الثورة.

وقد أشار التقرير إلى أن السكان في العديد من القرى بالمناطق الريفية في شمال وشرق سوريا يعملون على تأسيس الإدارة الذاتية للحياة اليومية من خلال البلديات والجمعيات المحلية, وغالباً ما دفع هؤلاء النساء والرجال ثمناً باهظاً لكسب الحق في العيش بحرية.

واختار معدّوا التقرير قرية ( بياندور) التابعة لمقاطعة قامشلو في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كنموذجْ للإدارة الذاتية المصغرة, حيث أوضح التقرير بأن الزراعة هي أحد الموارد الرئيسية لسكان القرية, ولا يزال السكان محافظين على عاداتهم الريفية, وعلى لوحة في مدخل القرية توجد صورة الشهيد (عكيد) الذي استشهد  2017 في الرقة بعد عدة سنوات أمضاها في وحدات حماية الشعب, وكان والده (أبو عكيد) وهو مقاتل في وحدات حماية الشعب واقفاً هو وزوجته (منيفة) على بعد أقل من 100 متر من صورة ابنه أمام منزلهما, قاتل أبو عكيد لفترة طويلة ضمن (قوات سوريا الديمقراطية), وهو الآن يقوم بمهمة زيارة أهالي الشهداء لتلبية احتياجاتهم, وزوجته (منيفة) انخرطت منذ انطلاق الثورة داخل الحركة النسوية ضمن (كونكرا ستار), وضمن حزب الاتحاد الديمقراطي, وكانت قد أصيبت في قصف استهدف بلدة سري كانيه عام 2019 خلال الهجوم التركي الذي استهدف هذه المنطقة، وذلك بعد توجهها إلى هناك دعماً للسكان, وقد أجبرتها إصابتها على التوقف عن العمل مع الجمعيات التعاونية في القرى المجاورة, وهي الآن تنشط في حزب الاتحاد الديمقراطي وبلدية قريتها, بالإضافة إلى ابنها (عكيد) الذي استشهد، لديهما ابنة منخرطة في القوات العسكرية.

وأيضاً التقى معدوا التقرير بالطفلة (بيريفان) التي تبلغ من العمر 14 عاماً, وتلعب كرة القدم منذ عامين في صفوف نادي ترعاه قوى الأمن الداخلي(الأسايش), وهي أيضاً تحب الغناء, وأوضحت بيريفان أنها بمبلغ مالي زهيد حصلت عليه كهدية عندما فاز فريقها بكأس سوريا عام 2019 اشترت حذاءً لوالدتها قبل أن تخسرها في (سري كانيه) خلال قصف تركي.

وأشار التقرير إلى أن البلدية في القرية تتألف من مجالس, ويمكن لكل سكان  القرية المشاركة فيها, ويتم تنظيمهم في لجان (الصحة، الاقتصاد، الدفاع عن النفس, المرأة  حيث أوضح العاملون في بلدية القرية بأنهم يناقشون الخدمات المقدمة للسكان والاحتياجات, وعلى سبيل المثال: تأمين المحروقات والخبز وتجديد الطرق وحماية الحقول, وقالت (منيفة) أم الشهيد عكيد للموقع الفرنسي:

الرجال يمارسون ضغوطاً كبيرة على النساء, فعلى سبيل المثال عندما بدأت العمل ضغط زوج أمي وعائلته علي لترك العمل.

وأضافت منيفة:

كانت بدايات الثورة في روج آفا صعبة, لأن قلة من الناس شاركوا فيها, عندما بدأ الحراك عام 2013 لم يكن هناك الكثير من الناس, لقد عملنا بجد, في البداية أخبرني زوجي وابنتي أنه يجب علي الانضمام إلى البلدية, فأخبرتهم أنني لم أذهب إلى المدرسة كثيراً ولا يمكنني القراءة أو الكتابة جيداً, لكنهم أخبروني أنه يمكنني العمل ومساعدة الناس، وأنني مثل الآخرين استطيع المساعدة.

وأضاف التقرير أن قرية (بياندور) الكردية بقيت في حالة تخلف من قبل النظام السوري, والنهر الذي يكاد يكون جافاً بحاجة إلى التنظيف, ودور البلدية هو تأمين الموارد اللازمة وتنظيم العمل, ورافق معدوا التقرير

أبو عكيد وزوجته منيفة ومقاتلاً آخر, حيث قاموا بزيارة (عطية شيخموس) زوجة الشهيد (ماجد أبو أحمد) الذي استشهد في دير الزور, حيث كان (أبو أحمد) و(أبو عكيد) أخوة في السلاح, انضما في نفس الوقت إلى وحدات حماية الشعب, وكان أبو أحمد معلماً في المدرسة, وله ولدان في قوى الأمن الداخلي (الأسايش) وابنة مقاتلة في وحدات حماية المرأة YPJ, وقد سمى أحد أبناء أبو أحمد طفله باسم والده (ماجد)تكريماً له, كما أنهم يعيشون في القرية ويعتنون بأمهم.

ونوه التقرير إلى أنه في قرى شمال وشرق سوريا يتركز الاقتصاد كله على الزراعة, وتمتد الحقول بقدر ما تستطيع العين أن تراها، وتظهر الحدود التركية القريبة مسدودة بجدار خرساني مرتفع يضيء في الليل, ويواجه الفلاحون الذين يغامرون بالعمل قرب هذا الجدار خطر إطلاق النار عليهم من قبل الجنود الأتراك, ويخشى سكان تلك القرى من أن أي هجوم جديد للجيش التركي سيدفعهم إلى النزوح.

وأشار التقرير إلى أن بلدية قرية (بياندور) قامت بتنظيم إنارة ليلية للملعب الرياضي في القرية, حيث تعتبر الكرة الطائرة وكرة القدم من الرياضات الشعبية في روج آفا, وبالإضافة إلى الأنشطة الرياضية يوفر السكان مساحات ومجالس حيث يمكنهم الالتقاء والدردشة والجلوس, وأوضح (محمود يوسف) الرئيس المشترك لبلدية القرية بأنه خلال موسم الحصاد ينظم السكان دوريات حماية وحراسة في الحقول لمنع حوادث الحرق المتعمد التي تتسبب بها خلايا تنظيم (داعش) من أجل إتلاف المحاصيل, وأعلن بفخر إنه التقى بالقائد (أوجلان) في التسعينيات عندما افتتح حزب العمال الكردستاني أول أكاديمية له في سهل البقاع بلبنان, واستشهد أحد أبناء محمود ضمن عناصر قوى الأمن الداخلي (الأسايش)في انفجار سيارة مفخخة.

وأوضح التقرير أن دوريات حماية وحراسة الحقول تتكون من مواطنين عاديين ومتطوعين من قوات حماية المجتمع HPC, إنهم ليسوا متخصصين في الأمن ولكنهم تلقوا تدريبات ويتم استدعاؤهم بانتظام لدعم (الآسايش)  في عمليات التفتيش عند نقاط التفتيش، ومراقبة الحقول أو الأحياء, فالقدرة على الدفاع عن النفس هي عنصر مهم في مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية.

كما أشار التقرير إلى أن هناك أيضاً الفرع النسوي من قوات حماية المجتمع(HPC-Jin) اللواتي ساهمن في حماية الحقول من الحرق المتعمد من قبل خلايا داعش, وأوضحت إحدى المتطوعات ضمن هذه القوات:

بدأت التدريب على الأسلحة والأيديولوجيا, وأنا هنا للدفاع عن أطفالنا وأرضنا, لا نهتم بمظهرنا بل تهمّنا أفكارنا, فنحن بشر لا نحب الموت ولا الحرب ولا الدم, بل نريد الأخوة بين الكرد والعرب والمسيحيين.

وأكد التقرير أن كل هؤلاء النساء متطوعات وقررن المشاركة في خدمة وحماية مجتمعهن, ومعظمهن فقدوا أقاربهن في الحرب أو لديهن أفراد من أسرهن ضمن القوات العسكرية والأسايش, ومعظمهن أمهات تتراوح أعمارهن بين 40 و 60 عاماً, وبالنسبة لهن فإن المشاركة في حماية المجتمع مصدر فخر, الانخراط في مجالس الإدارة الذاتية أو في الهياكل الأخرى سمح لهن بالانخراط في الحياة العامة والتدريب في مختلف المجالات, وحصلن على تعليم كامل لم يتمكن من تحصيله في ظل النظام السوري الذي اعتبر مكان النساء هو المنزل فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى