مقالات

لماذا يختار شباب الكرد الهروب من مجتمعهم؟

يكتبها :مصطفى عبدو

أعود اليوم إلى التذكير بأزمة الشباب في مجتمعات الشرق الأوسط بشكل عام وفي المجتمع الكردي بشكل خاص، كون الشباب هم أكثر فئات المجتمع حيوية وإنتاجاً، ويتأمل منهم أن يلعبوا دوراً هاماً ورئيسياً وخاصةً في الأزمات والتحديات فهم الأقدر على الدفاع عن قضايا المجتمع.

بالنسبة إلى الشباب الكردي كان يشكل نسبة كبيرة تصل إلى 30% من إجمالي عدد السكان، إلا أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والأسرية ناهيك عن الحروب والغلاء تحديات تجمعت لتلقي بظلالها على فئة الشباب وتجعل أغلبها تستأثر الابتعاد والانزواء بهدوء عن كل ما يمت بصلة للمجتمع الأمر الذي قلّص هذه النسبة إلى أقل من النصف.

طالما واجه الشباب الكردي تحديات متداخلة يتقدمها التحديات السياسية حيث يعاني الشباب الكردي من استغلال بعض التنظيمات السياسية لهم، ليجدوا أنفسهم أمام ممارسات ديمقراطية هشة داخل أغلب هذه التنظيمات إلى جانب تهميش لمشاركتهم السياسية الفعلية أو دفعهم إلى تنفيذ أجندات خاصة بتلك التنظيمات.

كما أن الخلافات السياسية المستمرة بين الأطراف الكردية وكذلك فشل هذه الأطراف للوصول إلى صيغة سياسية مشتركة رغم العديد من المساعي عوامل إضافية خلقت إحباطاً واستياءً كبيراً لدى أوساط الشباب الذين وجدوا أنفسهم كأبرز ضحايا هذا الوضع والأكثر تضرراً ففقدوا الأمل وغاب الأفق السياسي لديهم.

وأيضاً من جملة التحديات التي تواجه الشباب الكرد اليوم عدم وجود مؤسسات قادرة على تمثيل الشباب اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، ترعى شؤونهم وتلتف على مصالحهم وقضاياهم وتستفيد من قدراتهم ومواهبهم، وتمنحهم فرصة المشاركة الحقيقية في قضايا المجتمع وهذا من جانبه خلق لدى الشباب ردة فعل عكسية.

مجتمعنا بحاجة ماسة إلى الشباب وعلينا استغلال طاقات من تبقي منهم في تطور المجتمع ورقيه، ويتوجب علينا توفير احتياجاتهم ليكون شعارنا العمل من أجل الشباب وليس الشباب من أجل العمل أو من أجل تنفيذ أجندات سياسات معينة.

الجمعية العامة للأمم المتحدة أكّدت على دور الشباب في عملية التغيير والتنمية ووصفت الشباب بالشريك الذي لا غنى عنه لكل عملية تقدم لدرجة أنها أشارت إلى أنه لا يمكن للمجتمعات أن تتقدم من دون مساهمات الشباب الفاعلة والواعية.

وبناء عليه، يجب إعادة النظر بأوضاع الشباب والتأكيد على أهمية دورهم في رقي المجتمعات وفي عملية اتخاذ القرارات، بما يشعرهم بالانتماء الحقيقي لمجتمعهم، وليس خطأً أن يتم إعداد الدراسات حول قضايا تمكين الشباب لتبني ودعم مشاريع إبداعية.

بالمحصلة، للشباب خصوصية يجب مراعاتها في مواجهة التحديات الراهنة، لذا يتوجب علينا إبداء مرونة في الاستجابة لمطالبهم والاهتمام بهم والعمل على تحسين أوضاعهم الاقتصادية، وتشجيعهم على المشاركة في الشؤون السياسية والاقتصادية في أماكن صنع القرار، وعدم استثمار هذه الفئة وتركها دون الرعاية المطلوبة سوف ينعكس سلباً على المجتمع وهذا ما بدأنا نشعر به راهناً، وبدأت أجراس الخطر تُدَقُ.

زر الذهاب إلى الأعلى