مقالات

19 تموز الثورة التي أعادت هويتنا

إن المراحل التي سبقت ثورة 19 تموز كانت بمثابة صدمة شعبية للأوساط كلها وليس للمواطن البسيط فحسب، وإنما للسياسيين أيضاً.

ففي المرحلة التي سبقت الثورة لم نعد نشعر بأننا سوريون في بلادنا، فالشعب السوري بدأ يشعر بأن الهوية السورية الطبيعية تُختطف منه وأنه بات يعيش غريباً في بلده؛ لكن الآن تعود سوريا شيئاً فشيئاً إلى طبيعتها وإلى وضعها الصحيح، بعد أن كان هناك تفكك في أوصال المجتمع بأكمله، وحينما نتذكر تلك الأيام سنلاحظ أننا كنا نتخوف من ممارسة أبسط حقوقنا، فلم يكن هناك أي أمان للمواطن، أما الآن فقد اختلف الوضع كثيراً وتغير نحو الأفضل.

أحياناً يشعر المرء بأن المرحلة التي تجاوزناها كانت ضرورية; ولولاها لما كشف الشعب السوري الحقائق الغائبة عنه، حيث كان جزءً ليس بقليلٍ من الشعب السوري قد انخدع ببعض الأطراف، وبالتالي فإن فترة الأزمة ساهمت بشكل كبير في كشف حقيقة هذه الأطراف للمواطن السوري، ورغم أنها كانت سنوات قاسية علينا كسوريين، وعانينا فيها الكثير؛ إلا أن هذه الفترة أفادت شعوب سوريا قاطبة ليدركوا مَن هُم وإلى أين يتوجهون.

 وهذه هي النقطة التي شجعت الجميع على إعادة الهوية السورية الطبيعية. “فكلنا كسوريين نهدف لشيء واحد وهو عودة الهوية إلى كل مكون”.

من ادعوا المعارضة كانوا يتحدثون إلى الشعب السوري والعالم كله عن الديمقراطية، ولكنهم ما لبثوا أن قاموا بإلقاء سلم الديمقراطية حتى لا يتمكن أي شخص من صعود هذا السلم، وأول إجراء اتخذوه هو وضع عراقيل لمنع وصول المواطن إلى أي شكل من أشكال الديمقراطية من خلال فرض أجندات غريبة عن الشعب السوري؛ لقد حاولوا استغلال الحراك الثوري، وخدعوا الكثير من المواطنين بالشعارات الخلبية.

ولكن من اختار الخط الثالث استطاع أن يجمع بين جميع مكونات الشعب وبين تيارات مختلفة في الفكر تماماً، ويمكننا تأكيد ذلك من خلال الأجواء التي طغت على المؤتمر الثالث الاعتيادي لمجلس سوريا الديمقراطية الذي انعقد قبل أيام في مدينة الطبقة وسط البلاد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المؤتمر الحواري الذي أعقبه في عين عيسى والذي ضم شريحة واسعة من أطياف الشعب السوري وفي حوار هادف وشفاف.

الشعب الكردي انتفض لإعادة هويته وفَهِمَ جميع المكونات السورية أنه لا أحد غيرهم يستطيع إدارة شؤونهم، وأن الشعوب يجب أن تكون لها كلمتها في هذه المرحلة وغيرها.

وإذا تساءلنا هل نجحت الثورة؟

بالطبع نجحت لأنه بعد 19 تموز تحقق الأمن والأمان بنسبة كبيرة في وقت قليل للمواطنين بالتوازي مع تحقيق بعض الجوانب الاقتصادية والسياسية له.

لا ننكر بأننا مازلنا بحاجة إلى دراسة قرارات حاسمة وعقد مؤتمرات قوية بمشاركة جميع مكونات الشعب السوري والأحزاب والمجتمع المدني للاتفاق على معايير معينة وحلول سليمة، كما نحتاج إلى قدر من الشفافية والتماسك الداخلي.

زر الذهاب إلى الأعلى