مقالات

«يلماز غوني » تخيل الصعوبات التي تنتظر شعبه فأطلق عاصفة

بقلم :مصطفى عبدو

كان بمقدور الروائي والممثل والمخرج السينمائي الكردي يلماز غوني 1937 أن يتخيل و يتوقع  كل شيء في شتى الميادين وخاصة الصعوبات التي تنتظر شعبه..فهو الذي رافق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تركيا وأدرك جيداً أنه من غير السهل  تغيير ذهنية هذا النظام الفاشي.

كان يمكن لـ”يلماز غوني” أن يتخيل كل شيء عن الفوارق الطبقية والعثرات الاقتصادية والانحطاط المجتمعي إلى تململ الشعب إلى بروز الإرهاب إلى الغموض المحيط بالشعوب التركية. نعم استطاع غوني تخيل كل شيء لكنه لم يتخيل أن تتهمه النظام التركي بإثارة مشاعر الكراهية بين الشعوب التركية.. كل شيء تخيله يلماز غوني إلا هذا حتى حكم عليه غيابيا لتلاحقه الإرهاب السري حتى إلى دول ما وراء البحار ومن غير المستعبد أن تكون أجهزة النظام التركي وراء موته في فرنسا..

حصل العملاق الكردي على 17 جائزة سينمائية في تركيا وخارجها أهمها جائزة السعفة الذهبية من مهرجان (كان) السينمائي عن فيلمه (الطريق – يول) عام 1982.

وفي المجال الأدبي كتب يلماز غوني قصته الأولى «الأعناق الملوية»أو «ماتوا ورؤوسهم منحنية»عام ١٩٦١ والتي كانت سبباً لسجنه من قبل السلطات بتهمة أنه “مثقف أحمر”.

كان سجن السليمة مرحلة جديدة دخل من خلالها «غوني »إلى عالم جديد من العمل ليعزز الفكر والخيال ، وليكتب فيها رائعته (صالبا) عام ١٩٧٣، كما كتب في السجن سيناريوهات لأكثر من فيلم داخل السجن وكان أكثرها شهرة فيلم (القطيع والطريق).

عن الشعب الكردي والقضية الكردية قال غوني: “قضية في غاية الصعوبة والتعقيد، ذات يوم سأحقق فيلماً أحكي فيه حقاً حكاية نضال شعب من أجل ولادته أو بعثه، أما اليوم فالأمر

عسير كما إن القضية نفسها عسيرة، ومع هذا على المرء أن يحكي ذات يوم كيف تم تشتيت الشعب الكردي وتقسيمه، وما هي الآفاق المستقبلية المطروحة أمامه. على أي حال اعتقد إن من الأمور الشديدة الصعوبة الحديث عن مثل هذا بموضوعية، فالتاريخ ليس حافلاً بالانتصارات فقط، بل هو حافلٌ كذلك بالهزائم والأخطاء وخيبات الأمل”.

وقال أيضاً :”لم يكن هدفي من الحياة مزاولة الفن، بل محاولة تحرير شعبي من خلال هذا الفن وأن من قدّم ثقافة شعبه يستطيع نقل رسالة شعبه إلى العالم”.

اللافت في أعمال غوني سواء الأدبية منها أو الفنية هو وجود القطار والسفر الذي يلاحق الكرد وكذلك تمثال أتاتورك (مؤسس تركيا الحديثة) ومحاولة غوني المقارنة بين ما يعانيه الكرد في مناطقهم وما يعايشه الشعب التركي في بقية المناطق.

في باريس وتحديداً في يوم 9 أيلول 1984 أسدل الستار على حياة هذا المبدع الكبير ليدفن مع العظماء في مقبرة “بيير لاشيز”،رحل يلمازغوني بعد أن أطلق عاصفة على النظام التركي ملأ السمع والبصر.

زر الذهاب إلى الأعلى