المجتمع

هديرُ الحصّادات بدأ يتعالى في الجزيرة

إعداد: حسينة عنتر

يبدأ موسم الحصاد في كل عام عملياً في الأيام الأخيرة من شهر أيار وينتهي في منتصف شهر حزيران، علماً أن منطقة روج أفا تعتمد اعتماد شبه كلي على زراعة المحاصيل كالقمح والشعير والقطن، وبعض أنواع الحبوب كالذرة والحمص والعدس التي تكون في غالبيتها بعلية تعتمد على مياه الأمطار. وكما لوحظ في السنوات الأخيرة انتشار زراعة التوابل التي أخذ مزارعو وفلاحو المنطقة بزراعتها على نطاق شاسع.

و تشكّل الزراعة عصبَ الاقتصاد في هذه المنطقة، وتعدّ من أكبر مصادر الرزق لسكانها. وينعكس تأثير هذه المحاصيل بقوة على أوجه الحياة، فهي سلة الغذاء في روج أفا وخاصة منطقة الجزيرة. لذا قامت صحيفة الاتحاد الديمقراطي بالتزامن مع موسم الحصاد برصد واقع الحصاد واحتياجات الفلاحين ولوازم الحصاد والتحضيرات اللازمة.

 تعرّض محصول الكموّن والعدس في القرى التابعة لمدينة عامودا لمرض:

ويعود هذا الأمر بحسب الأهالي والمهندسين إلى كثرة الأمطار في شهر أيار، وارتفاع نسبة الرطوبة. الأمر الذي ضرّ محصول الكمون والعدس، حتى أن بعض المزارعين قاموا بفلاحة أرضهم المزروعة بالكمون بعد أن دفعوا مبالغ مالية كبيرة لتنظيف الحقل وثم البذار والفلاحة.

يوسف مزارع من القرى القريبة لبلدة عامودا، أفادنا بالتالي: قبل أسبوعين ذهبت للاطمئنان على إنتاج محصول هذه السنة. قررنا زراعة الكمون بعد أن ثبت نجاح إنتاجه في منطقة روج أفا، لقلة التكلفة وعدم حاجة الكمون للمياه والري الزائد، ولكن ما أدهشني إصابة قسم من المحصول بآفة. وبعد فترة قصيرة جداً انتشرت في كافة الزرع، مما اضطّرنا لاستدعاء مهندس زراعي الذي عاين الزرع وأكد أنه هذه السنة انتشرت وبشكل واسع آفة تصيب نبات الكمون وتدعى (سرطان الكمون).

أبو سعيد صاحب حصادة من إحدى القرى التابعة لتل حميس، استبشر خيراً بالموسم لهذه السنة بعد الهطولات المطرية الغزيرة التي أنعشت الأرض، وإن كانت متأخرة. وكعادته بدأ أبو سعيد بالشكوى من نقص العمال الخبراء والفنيين في مجال تصليح وتقنية الحصادة التي يبدأ أصحابها بتهيئتها قبل الحصاد، وكذلك اشتكى من نقص القطع الميكانيكية وغلاء ثمنها وورش صيانة الحصادات تطالب بتكلفة باهظة من أجل صيانتها. ولدى سؤالنا له عن آلية العمل في الموسم قال: بأن مالكي الحصادات يقومون بتجهيز حصادتهم وتأمين نقص القطع وتصليحها لتكون جاهزة للعمل قبل بدأ الحصاد، ولا يخلو الأمر من حصول بعض الإشكاليات خاصة من الرعاة الذين يلحقون الضرر بالمزروعات وأصحاب الأراضي ولكن كل الأمور محلولة بإذن المولى وبعد نهاية الحصاد يأخذ كل ذي حق حقه وخاصة العمال وطلباتهم التي لا تنتهي في أيام الحصاد. أما أصحاب الأراضي فيعطوننا مستحقاتنا بعد بيع المحصول.

يؤكد المهندس الزراعي محمد صالح إن العوائق والصعوبات التي تقف في وجه عمليات الحصاد كثيرة، حيث شهد القطاع الزراعي تراجعاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، وذلك لعدم قدرة القطاع الزراعي على توفير مستلزمات العملية الإنتاجية الزراعية أثر بشكل كبير على زيادة تكاليف عمليات الحصاد وجني المحصول. وهناك عائقٌ أكثر أهمية بالنسبة للفلاح والمزارع، وهو تأمين الأكياس للقمح والشعير( الشوالات)، ويتم بيع هذه الأكياس بسعر باهظ. وكان سؤالنا لبعض تجار( الشولات ) فكان الرد بأن الأكياس تأتي من إيران إلى باشور كردستان ثم تدخل إلى روج أفا كردستان عن طريق معبر سيمالكا.

توقف الحصّادات عن العمل بسبب الأمطار الغزيرة في كوباني:

وقد تسببت الأمطارُ الغزيرة التي شهدتها مدينة كوباني شمالي سوريا  بتوقف الحصادات عن العمل، إضافة إلى أضرار بمحصولي العدس والكمون.

وأفاد مراسلنا في المنطقة نقلاً عن عدد من المزارعين أن حصاد محصولي العدس والكمون كان قد بدأ يدوياً قبل نحو أسبوعين وذلك من خلال تجميعه على شكل أكوام صغيرة لتتعرض لأشعة الشمس.

وأنه تم حصاد أكثر من 95 بالمئة من الشعير البعلي، لافتاً أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة ستؤدي إلى تعفن محصولي العدس والكمون والتقليل من جودته.

يذكر أن أغلب المزروعات في ريف كوباني بعلية وحوالي 70 بالمئة منها مزروعة بالشعير من إجمالي المساحات المزروعة والتي تبلغ 400 ألف هكتار تقريباً، بحسب إحصائيات هيئة الزراعة التي لا تستلم إنتاج العدس والكمون من المزارعين لعدم وجود معامل لجرش وفرز المحاصيل في كوباني، ما يجبر المزارعين على تصدير محاصيلهم إلى إدلب وطرطوس واللاذقية.

عاصفةٌ رمليّة تخلّف أضراراً بمحصولي العدس والكمون في الجزيرة:

أدت العاصفة الرملية التي شهدتها مختلف مناطق الجزيرة شمال شرقي سوريا إلى إلحاق أضرار بمحصولي الكمون والعدس. وكان فلاحو الجزيرة قد بدؤوا بجني محصول العدس والمزروعات العطرية والطبية خلال الأيام القليلة الماضية.

وإن هبوبَ الرياح القوية التي بدأت عصر الجمعة واستمرت حتى فجر يوم السبت أدى إلى تطاير الكثير من أكوام العدس والكمون المجني. العاصفة الرملية لم تضرّ بمحصولي القمح والشعير، لأن موسم حصاد القمح لم يبدأ بعد بينما يتم حصاد محصول الشعير باستخدام حصادات آلية.

يُذكر أن الكميات المزروعة بالمواد الطبية والعطرية في محافظة الحسكة ومعظمها من محاصيل الكمون والكزبرة وحبة البركة الطبية تقدر بأكثر من 71 ألف هكتار، بينما تقدر المساحات المزروعة بالعدس بأكثر من 61 ألف هكتار، وفقاً لإحصاءات مديرية الزراعة الحكومية في الحسكة.

كلمةٌ أخيرة:

تحدث المزارع عبد الحميد من ريف تربسبيه: يأتي موسم الحصاد وتزدادُ معه هموم ومشاكل الفلاحين والمزارعين،  التوقعات لهذه السنة أن يكون الموسمُ وفيراً، يلتئم به جراح الفلاحين وينسيهم تعبَ وصعوباتِ الحراثة.

يأتي موسمُ الحصاد الذي يرافقه دفعٌ هائل للمصاريف، حيثَ تضاعفت أجور العمّال كثيراً. ويتبع هذا الغلاء الحاصل في أجره الحصادات وتحكّم أصحابه بنا بحجة ندرة قطع الغيار وغلاء سعرها صعوبة تأمين الوقود،  كما تتعرض الحصادات في العادة إلى أعطال كثيرة خلال أيام الحصاد المتواصلة، حيث أن الفلاحين في عجلة ليتم الحصاد بسرعة خوفاً من حدوث الحرائق وما شابه ذلك. ونأمل في السنة القادمة أن تتقلص هذه العوائق والصعوبات.

زر الذهاب إلى الأعلى