مقالات

نقاش سياسي بعد سؤال جريء

يُقال أن أحد المتدينين المتصوفين(صوفي) نزل ضيفاً عند أحدهم وقبل أن يذهب إلى الفراش لينعم بالراحة بعد أن أراح بطنه سأله طفلٌ صغيرٌ سؤالاً  ببراءة الطفولة. صوفي: عندما تنام؛ أين تضع لحيتك؟ تحت الغطاء(اللحاف) أم فوقها؟.

سؤال هذا الطفل أرهق الصوفي فطارَ النومُ من عينيه.. هذا الحدث تكرر لكن بشكل مختلف… أحد البسطاء ممن يحملون هَمَّ الشعب والقضية؛ صادف ثُلةً من المثقفين والسياسيين يرتشفون القهوة أمام أحد المحلات ــ طبعاً قادتهم الصدفة لمثل هذا التجمع ــ وطرح هذا المواطن البسيط سؤاله البريء؛ كيف تجدون مستقبل الكرد في المنطقة؟ ربما هذا الأخير سأل هذا السؤال بخبث لأنه أدار ظهره وانصرف بعد سؤاله مباشرة, وليترك أثر سؤاله يدغدغ أفكار الجالسين.

الأول: أعتقد أن الشعب الكردي اليوم أقوى بكثير مما كان عليه سابقاً وعلى كافة الأصعدة والمستويات، الحقيقة هناك جوانب إيجابية، أنا حقيقة لست متشائماً رغم المخاطر الشديدة ورغم هذه الهجمة الشرسة والضغوط، لكن أعتقد أيضاً أن هناك جوانب مُشرقة تتجسد بالمقاومة، وتتجسد باستمرار توفر الإرادة، صحيح أن الكرد دفعوا الثمن غالياً ولكنهم لم يفقدوا الإرادة بعد, فإرادة المقاومة لدى الشعب الكردي قوية، وما جرى من مقاومة أسطورية في كوباني وعفرين وشنكال ووو….، لم يتوقعها أحد، هذا يؤكد أن إرادة المجتمع الكردي بخير، لكن لدينا مشكلة حقيقية تتجسد بالأطراف الكردية والتنظيمات السياسية.

علينا أن نقف وقفة موضوعية صادقة لنقيِّم تجربتنا بجوانبها الإيجابية والسلبية، نعترف بأخطائنا كي نستطيع أن نواجه هذه الأزمة.

أنا أعتقد أنه في النهاية المشروع الديمقراطي هو الحل الأمثل، ويساير الحركة الطبيعية للتاريخ، فالشعب الكردي سيرسم طريقه وسيحدد إستراتيجيته، وأعتقد أن المستقبل لنا وأنا متفائل.

الثاني: أنتم تركزون دوماً في تحليلاتكم وقراءتكم على العوامل الخارجية وتلقون باللوم دائماً على الآخرين في الوقت الذي تتنصلون فيه من مسؤولياتكم وواقعكم. فأنتم تلحقون كل المصائب بتركيا على أنها هي التي تقف وراءها وتدعمها بكل قوة، هذا صحيح ولا ينبغي التقليل من أهميته ودور تركيا، ولكن علينا تشخيص وتحليل الواقع بصورة ملموسة وموضوعية.

معركتنا الأساسية هي معركة مع الذات، فالمجتمع الكردي كانت تسوده في السابق علاقات إقطاعية وتسيطر عليه أسر تقليدية، وحتى عندما تكونت الأحزاب السياسية بقيت تسيطر على هده الأحزاب العلاقات والصراعات العائلية.

المثقف: في الواقع إن اهتمام ومطامع تركيا جعلتها تعارض قيام أية قوة حقيقية فاعلة للكرد ومن هنا تنظر تركيا إلى بروز أي مشروع ديمقراطي للكرد دور فيه بقلق بالغ، لذلك فهي تلتزم بسياسة ثابتة هدفها الحيلولة دون أن يكون للكرد أي دور في سوريا وغيرها رغم التضحيات الجسيمة وطنياً وقومياً ورغم كل المشاريع والحلول التي قدمها الكرد…

لم ينته النقاش, ذهب الرجل البسيط وبقي سؤاله، سؤاله المقلق والعميق، الجاد والشامل على مختلف المستويات لعله السؤال الأهم والأخطر.

زر الذهاب إلى الأعلى