المجتمع

نقابة المعلّمين … أهميّتها وكيفية تطوير عملها؟

تقرير: عامر طحلو

 بعد الفوضى الّتي خلّفتها الأزمة السّوريّة في المجتمع, والّتي نتج عنها غياب الأمن والنظّام والضّوابط الّتي تنظّم سير الحياة في المجتمع, كان لابدّ من تشكيل أسسٍ جديدةٍ ينهض بها مجتمعنا من الكبوة الّتي أصابته نتيجة الانفجار الّذي هزّ الدّاخل السّوري, والّذي ذاق الشعب السوري بشكل عام وشعوب روج آفا والشمال السوري مرارة نتائجه, وبتوجيهٍ من فيلسوف الأمّة الدّيمقراطيّة عبد الله أوجلان, الّذي دعانا بشكلٍ واضحٍ إلى تنظيم المجتمع حين قال: “اجعلوا من كل شيء في حياتكم كوموناً”.

وتطبيقاً لتوجيهات القائد الدّاعية إلى حماية مجتمعنا من التّفكك من خلال التّنظيم؛ بدأت ثورتنا التّنظيميّة انطلاقاً من الأسرة فالشّارع ثم الحيّ ثم النّاحية وهكذا وصولاً إلى المجتمع ككلّ.

فبدأ إنشاء المؤسّسات النّاظمة للمجتمع من كافّة النّواحي الأمنيّة والخدميّة والاجتماعيّة والصحيّة والثّقافيّة, ولضمان نجاح عمل هذه المؤسّسات كان لا بدّ من فتح نقاباتٍ لكلّ فئةٍ عاملةٍ فيها لتنظيم أمور هؤلاء العاملين وتأمين حقوقهم.

ولكي يتمّ تعريف القارىء بالنّقابات وعملها والغاية من إنشائها, قامت صحيفة الاتّحاد الدّيمقراطي عن طريق مراسلها بزيارة إلى نقابة معلّمي قامشلو التّابعة لهيئة التّربية في إقليم الجّزيرة, حيث أخذ بعض التّوضيحات حول عمل النّقابة ومهامّها ومشاريعها المستقبليّة من القائمين على إدارتها.

الغاية من إنشاء النّقابة هي مساعدة المعلّمين مادّياً ومعنويّاً

في البداية التقى مراسل الصّحيفة مع “كلشا مراد” الإداريّة في نقابة معلّمي هيئة التّربية في مقاطعة قامشلو, فتحدّثت عن النّقابة قائلةً: “تأسّست نقابتنا منذ ثلاث سنوات, تحديداً في الشّهر السّادس من عام 2015, وفي بدايات عملنا كنّا نقوم بالتّدريس في المدارس بالإضافة إلى أعمال النّقابة, حيث لم يكن هناك تفريغ بسبب قلّة عدد المعلّمين, وكان عدد الإداريين في النّقابة ثمانية أشخاص, قمنا بالاستعانة بمعلّمي الدّولة من أجل تسيير أعمالنا نظراً لخبرتهم, والانتساب إلى النقابة ليس إجباريّاً وإنما حسب الرّغبة”.

وعن الخدمات الّتي تقدّمها النّقابة للمعلّمين أوضحت كلشا:

قمنا بمنح كل معلّم دفتراً للخدمات الصّحيّة بعد أن أبرمنا عقداً مع نقابة أطبّاء قامشلو في الإدارة الذّاتيّة, وهذه الدّفاتر قابلة للتّجديد سنويّاً, حيث تكون قيمة المعاينة المرضيّة في العيادات الخاصّة لحامل هذه البطاقة 1000ليرة سورية, وبالنسبة للتحاليل المخبريّة فهناك خصمٌ مقداره 50% للمعلمين, والعمليّات الجّراحيّة في المشافي أيضاً عليها نسبة خصم تعادل 33%, ونقوم أيضاً بتقديم مساعدات مادّيّة من صندوق النّقابة للمعلّمين المحتاجين, واشتراك النّقابة الشّهري هو 300 ليرة سوريّة.

الغاية من إنشاء النّقابة هي مساعدة المعلّمين مادّياً ومعنويّاً.

النّقابة مسؤولة عن كافّة الأمور التّربوية

ثمّ التقى مراسلنا مع “بهية زورو” الإداريّة في نقابة المعلّمين، والّتي أوضحت لمراسلنا بعض الأمور المتعلّقة بعمل النّقابة  قائلةً: “نقابتنا حديثة المنشأ, ورغم عمرها القصير إلا أنّها برأينا حقّقت الكثير, فمهمّتها بالإضافة إلى حماية حقوق المعلّمين تشمل أيضاً تطوير عملهم والتقدّم بهذا العمل إلى الأمام, حيث تقوم النّقابة عن طريق التدريب والنّدوات والمحاضرات بتطويرهم وزيادة مكتسباتهم المعرفيّة والصّحيّة والاجتماعية، ويقع على كاهل النّقابة كافّة الأمور التربوية من حيث التّعليم والصّحة والتّعامل والأسلوب وحتّى الأخلاق”.

وعن المشاريع المستقبليّة للنقابة قالت بهية: “النّقابة تدرس مشروع جمعيّة ماليّة للمعلّمين لمساعدتهم في الأمور المعيشيّة, وهناك مشاريع أخرى قيد الدّراسة إذا ما أُنجزت ستعود بالفائدة على المعلّمين.

نحاول إيجاد السبل الّتي تدفع المعلّم إلى الارتقاء بعمله والوصول إلى الإبداع

وبدورها وبعد التّرحيب بمراسلنا أضافت “هيفين حبو” الرئيسة المشتركة لنقابة معلّمي قامشلو قائلة: “نحاول تطوير عمل النّقابة من خلال زيادة الخدمات الّتي تُقَدَّمُ للمعلّمين, حيث ندرس التّعاقد مع نقابة الصّيادلة لتفعيل دفتر الخدمات الصّحيّة ليشمل الدّواء أيضاً, حيث أبرمنا عقداً مع نقابة الأطباء ومع بعض المشافي الخاصّة”.

وعن الجانب التّوجيهي والتدريبي قالت هيفين: “نقوم بعقد اجتماعات دوريّة وشهريّة للمعلّمين, حيث نُصْدِرُ التّوجيهات الجّديدة, ونُلقي محاضرات توعويّة, كما نستمع إلى مشاكل المعلّمين ونتعاون لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المشاكل, ونستمع إلى اقتراحات المعلّمين لتطوير العمليّة التربوية وإيجاد السُبل الّتي تدفع المعلّم إلى الارتقاء بعمله والوصول إلى الإبداع.

هدف النّقابة هو تطوير العمليّة التّعليمية ودفع عجلتها نحو الأمام

ثم تحدّث أيمن سليمان الرئيس المشترك لنقابة معلّمي قامشلو عن النّشاطات الّتي تقوم بها النّقابة قائلاً: “نقوم الآن بالتّحضير لإنشاء فريق كرة قدم باسم النّقابة يتألف من المعلّمين, ولدينا التّمويل اللازم لإنشائه, كما ندرس إقامة مشاريع تؤمّن مردوداً ماديّاً للنقابة والمعلّمين تكون بنظام الأسهم, مثل المحلّات الكبيرة للمواد الغذائيّة الّتي تُشبه المؤسّسات الاستهلاكيّة, ونستمع إلى الاقتراحات المناسبة من الزملاء المعلّمين”.

وعن النّشاطات والخدمات الّتي تقوم بها النّقابة خارج سلك هيئة التّربية, نوّه “أيمن” إلى أنّ النّقابة قامت بفتح دورات مجّانيّة لطلاب الشّهادة الثّانوية في مدارسنا بعد الدّوام, وبإشراف معلّمين مختصّين بمناهج الشّهادة الثّانويّة, ونحن في هيئة التّربية؛ وعن طريق نقابتنا ندفع لهم راتباً شهرياً, وعدد مراكز الدّورات أربع, نحاول أن نرتقي بعملنا، ونطوّر أنفسنا ضمن هذه النّقابة لتطوير العمليّة التّعليمية ودفع عجلتها إلى الأمام”.

نحاول ربط عمل الإعلام مع العمل التّعليمي والتّربوي

بعدها اتّجه مراسلنا إلى مكتب إعلام نقابة المعلّمين العامّة في مقاطعة الجّزيرة, حيث التقى هناك مع “ولات سعدون” الإعلامي في النّقابة, الّذي أوضح لنا بعض الأمور قائلاً: “هيئة الإعلام في نقابة المعلّمين حديثة المنشأ, ونحاول توسيع عملنا، وتأسيس مكاتب إعلام فرعيّة في بلدات ونواحي مقاطعة الجّزيرة, عملنا هو تغطية ونشر كافّة قرارات ونشاطات وأعمال هيئة التربيّة عامةً ونقابة المعلّمين خاصّةً, وأيضاً الاستفادة من مواهب وأعمال المعلّمين في الكتابة والشّعر والمقالة, وجعلهم يكونون أساساً في هيئة الإعلام عن طريق إنشاء مجلّة أو جريدة باسم النقابة, تضمّ صفحاتها أعمال وإبداعات المعلّمين, ونناقش الآن إصدار مجلّة شهريّة, وندرس مع المعلّمين كيف سيكون شكلها ومضمونها ونظامها وأقسامها, ونحن بانتظار صدور القرار لنبدأ العمل في هذه المجلّة, وحقيقةً هناك معلّمون يستطيعون إصدار دواوين شعر أو قصص وروايات, فلماذا لا نساعد هذا الشّخص لكي يُصدّر مواهبه إلى العالم أجمع؟ نحاول ربط عمل الإعلام مع العمل التعليمي والتربوي”.

وأضاف ولات:

إنّ النقابة هي بمثابة كومينٍ يُنظّم عمل أعضائه، ويقوم بتوجيههم نحو الأفضل، ويفرض عليهم واجبات وبالمقابل يؤمّن لهم حقوقهم.

كلمة المحرر

وبعد استطلاعٍ لآراء بعض المعلّمين حول مقترحاتهم لتفعيل عمل النّقابة أكثر, طلب بعضهم منح قروض للمعلّمين, وطلب البعض الآخر فتح صالة للأدوات الكهربائيّة والمواد الغذائية والبيع للمعلّمين بالتّقسيط, كما طالب البعض الآخر بإقرار قانون للتأمينات الاجتماعيّة لموظّفي الإدارة الذّاتيّة, وكل هذه المقترحات جيّدة ومقبولة, ولكن ألا يرى الجميع أن هذه الإدارة الذّاتيّة الحديثة حيث أنّ عمرها لا يتجاوز الأربع سنوات وقد حقّقت مكتسباتٍ وإنجازات لمواطنيها لم تحقّقها دول عمرها عشرات السّنين, وليعلم الجّميع أنّ القادم أفضل, لذلك على كلّ فرد يعيش في شمال سوريا أن يفعل المستحيل للحفاظ على هذه المكتسبات الّتي تحقّقت بفضل مقاومة ونضال أبناء الشّمال السّوري وروج آفا, ودفعنا ثمنها من دماء شهدائنا الأبطال, والهدف الأسمى هو الوصول إلى سوريا فيدراليّة ديمقراطيّة, ونظام أساسه الحريّة والمساواة وأخوّة الشّعوب والعيش المشترك لكافّة الطّوائف والأديان.

زر الذهاب إلى الأعلى