تقاريرمانشيت

نظامٌ فاشي وسلطانٌ متعجرف … نهايةٌ على المحك

تحت شعار محاربة الإرهاب والدفاع عن الشعب السوري تارة، وإقامة منطقة آمنة وخفض تصعيد هناك، وحماية للأمن القومي استطاع الاحتلال التركي أن يقتطع أجزاء ليست بقليلة من الأراضي السورية بموافقة وشرعنة دولية وتطبيقاً للمثل التركي القائل “أينما تواجد الجندي التركي اعتبر ذلك المكان من اراضي الدولة التركية”. الأمر ليس بغريب على السلطان أردوغان وقيادة النظام الفاشي. فهم يجهرونها علناً بأن أجزاء من شمال سوريا إضافة للموصل وكركوك واليونان ومصر وليبيا و مناطق أخرى تعود ملكيتها في الأصل إلى الدولة التركية وبموجب اتفاقياتٍ دولية يجب استعادها بأي شكل من الأشكال.

 في سوريا فقد نجحت سياسة أنقرة بضم مناطق من الجغرافية السورية إلى الخارطة التركية (انطاكيا ولواء أسكندرون وكلس) واليوم يعمل أردوغان على استكمال سياسة اجداده باحتلاله لأجزاء من شمال سوريا مستغلاً الأزمة والصراع وحالة الانقسام في سوريا.

 فبعد أن قام جيش أردوغان  باحتلال جرابلس والباب وعفرين وسري كانيه وتل أبيض شكل النظام التركي حكومات مؤقتة ومجالس مرتبطة بالقائم مقام التركي الذين عينتهم الدولة التركية في تلك المناطق كما أنه عمل على تغيير ديمغرافية المنطقة وغيّر من ملامح المدن والنواحي والبلدات والقرى لتبدو عليها الطابع التركي، تمهيد لتتريكها ومن ثم ضمها إلى الخارطة التركية.

جاء إعلان والي  مدينة رها عبد الله إرين قبل فترة قصيرة ، ومن خلال بيان صحفي أنهم عيّنوا قائم مقامين على  مدينة سري كانيه وكري سبي اللتين وقعتا تحت براثن الاحتلال والمجموعات الارهابية لتلحق ببقية المدن المحتلة دليلاً على هدف أردوغان من المنطقة الآمنة.

فبعد أن رسخ جيش الاحتلال تواجده على الأرض السورية قام بكل الوسائل اللازمة والكفيلة بتتريك المنطقة والبداية كما جرت العادة البدء بممارسة التغيير الديمغرافي وتوطين المجموعات المرتزقة وعوائل الإرهابيين، ثم تأتي الخطوة الثانية  التي ترافقها أعمال السطو والسلب والنهب، ليبدأ مرحلة تقسيم الغنائم بما فيها العقارات والمزارع ومن ثم يقوم النظام التركي بفرض هويته على كل مجالات الحياة.

في  24 تشرين الثاني من عام 2019 نظمت الاستخبارات التركية في إعزاز اجتماعاً تحت اسم “المؤتمر الاعتيادي الخامس لمجلس التركمان في سوريا” ودعت هؤلاء “التركمان” الذين يعيشون في مناطق مختلفة من أجل “العودة” إلى المناطق التي وقعت تحت سيطرة الجيش التركي.

كما وتقوم الدولة التركية وعن طريق مؤسساتها والمديرية العامة للهجرة  بنقل عائلات من تركستان الشرقية، تركمانستان، أوزبكستان، طاجكستان، أذربيجان والجمهوريات التركية ومن أفغانستان وتوطنهم في هذه المناطق تحت اسم المكون التركماني في أشهر عملية تغيير ديمغرافي في تاريخ الدولة التركية الحديثة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي، وعضو الحزب الديمقراطي الامريكي ماك الشرقاوي أن  “التهديدات التركية في المنطقة، خاصة شمال شرق سوريا أو شرق الفرات، وما نقوم به من ممارسات هو إحداث تغييرٍ في التركيبة السكانية في تلك المنطقة أي تغيير ديمغرافية المكان”.

وأوضح الشرقاوي في حديثه لوكالة فراتANF  “إن المناطق التي يستهدفها أردوغان هي مناطق  يسكنها في الأصل كرد سوريا، وكانت تحت حماية قوات سوريا الديمقراطية، وما يطلق عليها المنطقة الآمنة يهدف النظام التركي من خلالها توطين مليون سوري فيها، ممن سوف يختارهم أردوغان وهم في الغالب من الموالين لتركيا وللسياسات التركية،  (مجموعات إرهابية من جيش الإسلام وأحرار الشرقية وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية  الذين نقل بعضهم من إدلب وأخرون سيتم نقلهم فيما بعد في حال تحقق هدف أردوغان بفرض سيطرته بشكلٍ كامل على مناطق شرق الفرات.

وبهذا يهدف إلى ” إلى إعادة إنتاج الجماعات الارهابية  وتصديرها  فيما بعد إلى المناطق الأخرى بما فيها ليبيا ومصر لتنضم إلى داعش والقاعدة والجماعات الإرهابية المتواجدة هناك”.

 ويؤكد الباحث  على إن ما يفعله أردوغان وفقاً للقانون الدولي يعتبر جريمة من جرائم الحرب.

 وفي السياق ذاته قال رئيس مركز ديمومة للدراسات الاستراتيجية والبحوث الدكتور تركي القبلان  في تصريحٍ له قبيل الاحتلال التركي لسري كانيه، و كري سبي تل أبيض “أن إردوغان يشن حرباً شرق الفرات من أهدافها تهجير السكان الأصليين وإحداث تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة يخدم الأتراك، وأكد على إن  تصريحات الرئيس التركي لغة ابتزاز لأوروبا بالتهديد بإرسال اللاجئين السوريين إلى أراضيها وتبتز أميركا بعلاقاتها مع روسيا.

واعتبر الدكتور القبلان أنه عندما يوجه أردوغان الجيش التركي بأن يستهدف سد المنصورة الذي يغذي مليوني شخص بمياه الشرب، تتكشف معه ماهية الأهداف المراد تحقيقها من عملية شرق الفرات، لتشمل تهجير السكان الأصليين لإحداث تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة يخدم الأتراك.

 ومن جانبه يرى بعض المحللين إن سلوك النظام التركي سلوك عدواني تجاه المنطقة وشعوبها وإن احتلال أراضي الدول الأخرى واقتطاع جزء منها أو كلها بذريعة المحافظة على الأمن، حجة واهية لا يقبلها عقل ولا منطق ولا قانون.

من هنا فأن هدف أردوغان والنظام التركي ككل هو القضاء على التواجد الكردي في سوريا عبر احتلال مناطقهم وتهجيرهم وتشريدهم وإبادتهم في نهاية المطاف ليتمكن بكل سهولة فيما بعد بضم الاراضي التي احتلها بقوة السلاح وبموافقة ضمنية من الدول الداخلة في الصراع السوري إيران وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية. لكن يبقى السؤال هل سينجح أردوغان في استكمال مشروعه الاستعماري التوسعي في شرق الفرات، أم إن لعبة التوازنات قد تختلف بين ليلة وضحاها، خاصة وإن العديد من القوى الدولية التي كانت تقف إلى جانب أردوغان قد بدأت بالفعل بفض الشراكة وهم يعملون الآن بترتيب عملية الانفكاك ومن ثم التخلص من سلطانٍ مريض متعجرف.

دوست ميرخان

زر الذهاب إلى الأعلى