الأخبارالعالممانشيت

نزع مكانة أتاتورك وإضفاء صبغة دينية.. حلم أردوغان منذ 27 عاماً

ترتكز سياسة أردوغان على تمرير ما يريده تدريجياً وتجنب الصدام مع الإرث السياسي والاجتماعي الصعب في البلاد، حيث استطاع أردوغان أن يغير شكل البلاد تدريجياً بدءاً من بلدية إسطنبول عام 1994 وصولاً لتولي حكم البلاد عام 2003 وصولاً للنظام الرئاسي عام 2018، فيما يواصل مساعيه لتحقيق ما أطلق عليها “رؤية 2023” ومسجد تقسيم يعتبر مثالاً كبيراً على سياسة أردوغان.

مؤخراً انتشر مقطع فيديو قديم ونادر يعود لعام 1994 يظهر فيه أردوغان الذي كان قد استلم لتوه منصب رئيس بلدية إسطنبول آنذاك وهو يجري لقاء صحافياً من على سطح إحدى البنايات قرب ميدان تقسيم السياحي وسط إسطنبول، وقبل نهاية اللقاء يؤشر أردوغان بيده اتجاه إحدى زوايا الميدان ويقول للصحافيين: “سوف أبني مسجداً هناك”, وفقاً لصحيفة القدس العربي.

وصِف كلام أردوغان آنذاك بأنه “أحلام غير واقعية لن تتحقق على الإطلاق”, لكن, وفي المكان الذي أشار إليه أردوغان تحديداً، وبعد 27عاماً كاملة، ها هو أردوغان يحقق رؤيته وحلمه ببناء هذا المسجد الذي بقي مثاراً للجدل السياسي والقانوني والاجتماعي في البلاد على مدى العقود الماضية ضارباً مطالب الشعب التركي بعرض الحائط.

هذه الخطوة يعتبرها أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم، أن بناء المسجد في تقسيم يعتبر بمثابة “انتصار”، بينما يراها المعارضون بأن مشروع المسجد هو محاول لإضفاء صبغة دينية أكبر على إسطنبول وميدانها المركزي، إلى جانب إضعاف مكانة نصب أتاتورك التذكاري الأبرز في الميدان, ونزع مكانة أتاتورك لدى الشعب التركي.

وتشهد تركيا تحولات سياسية واجتماعية كبرى وتراجع التيار العلماني واليساري في البلاد مقابل صعود التيار المحافظ والقومي بزعامة أردوغان بشكل تدريجي، تزامناً مع انتعاش أزمة اقتصادية لا مثيل لها في البلاد.

هذا, ومن المقرر أن يشارك أردوغان في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان (الجمعة المقبلة) في افتتاح المسجد الذي بدأ العمل على إنشائه عام 2017 في حفل متواضع خشية إثارة المعارضين للمشروع ليصبح واحداً من أهم رموز ومعالم ميدان تقسيم أبرز المعالم السياحية في تركيا والعالم ويزوره ملايين السياح سنوياً.

ويوجد في ميدان تقسيم نصب تاريخي ضخم لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، كما يوجد فيه مركز أتاتورك الثقافي، وكان الميدان مسرحاً دائماً لاحتجاجات النشطاء العلمانيين واليساريين المناهضين لحكم أردوغان.

وفي محاولة من أردوغان لامتصاص غضب المعارضين ومنع إثارتهم، في وقت يعاني فيه الشعب التركي أزمات عديدة, يتجنب إطلاق أي تصريحات حول المسجد ويكتفي بزياراته المتكررة للمسجد.

زر الذهاب إلى الأعلى