الأخبارالعالممانشيت

مَقتلة العقوبات الغربية على تركيا…هل باتت أوراق أنقرة في المناورة محروقة؟

أوضح خبراء في الأحوال التركية أن المشهد الدولي تجاه تصرفات الدولة التركية واستفزازاتها لأوروبا ولدول الجوار قد تغير، وتبلورت اليوم موجة ردة فعل قوية تجاه هذه التصرفات وهو ما نراه واضحاً في التنسيق بين المحور الأوربي والمحور الأمريكي وخصوصاً الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن وفريق عمله.

وبحسب مصادر خاصة بهم أن الكونغرس الأمريكي بجناحيه الديمقراطي والجمهوري بدأ يصيغ العقوبات ــ ستطال تركيا ــ ويدسها في أهم وأقوى مشروع قانون أمريكي وهو مشروع قانون الدفاع الوطني الذي لا يستطيع أي رئيس أمريكي منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية أن يرفضه.

واعتبر محللون أن سياسة أردوغان في المنطقة والتي اعتمدت على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جعلت الكونغرس الأمريكي بمجمله خصماً لتركيا، وأول الإشارات على ذلك كانت الاعتراف بالإبادة الأرمنية وتسجيلها كجريمة دولية.

من جانب آخر يؤكد خبراء في الشؤن التركية أن قدرة أردوغان على المناورة والبراغماتية اليوم ضئيلة ولم تعُد تنطلي هذه الشعارات والوعود الرنانة التي كان يطلقها ــ من قبيل الاصلاح القانوني والقضائي والمزيد من الحريات ــ على الغرب وأساليب خداع أردوغان لأوروبا باتت مكشوفة بعدما حول الدولة التركية منذ خمس سنوات إلى دولة الرجل الواحد وألغى كل الوعود التي أطلقها للغرب، وبالتالي ليس اليوم أمام تركيا سوى أن تُعطي ضمانات للدول الأوربية بعدم إثارة القلاقل لليونان والانسحاب من ليبيا وأن تقف تركيا عن زعزعة الاستقرار مع الكُرد في سوريا.

من جانبه وجه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي “جوزيب بوريل” انتقادات لاذعة لسياسة أردوغان وسلوكه وقال أن الاتحاد لم يلمس تغيراً إيجابياً لدى أنقرة بل العكس، مؤكداً على أن علاقة الاتحاد الأوروبي مع تركيا تمرُّ بلحظة فارقة.

وفي السياق ذاته دعا رئيس المجلس الأوربي “شارل ميشيل” تركيا إلى الكف عن ممارسة لعبة القط والفأر؛ من خلال تقديم التنازلات ثم التراجع عنها.

إلى ذلك أقر الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع وزرائها الاثنين 7/ 12/ 2020/ في العاصمة البلجيكية بروكسل “خطة عمل الاتحاد الأوربي لحقوق الإنسان والديمقراطية” التي يمكن استخدامها لفرض عقوبات على المنتهكين، وتتيح الخطة مقاضاة الأشخاص أو الكيانات بعد إدانتهم ومعاقبتهم أينما وجدوا وسيُمنع مرتكبو هذه الانتهاكات من دخول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك تجميد أصولهم المالية في أوروبا؛ مع الإبقاء على قاعدة الإجماع لتبني العقوبات التي تم اعتمادها منذ عدة سنوات، والتي من شأنها تسهيل وتسريع عملية اتخاذ القرار، وفقًا لرئيسة المفوضية الأوروبية ” أورسولا غيرترود فون دير لاين”

من جانبه رحَّبَ وزير الخارجية الألماني “هايكو ماس” بالخطة الجديدة معتبراً أن أولئك الذين يمارسون التعذيب أو مسؤولون عن الاتجار بالبشر يجب ألا يكونوا  قادرين على التسوق في أوروبا.

وأعرب وزير خارجية ليتوانيا / ليناس لنكيفيشيوس / عن أمله بأن يمتد نظام العقوبات الجديد ليشمل مستقبلاً أعمال الفساد على غرار قانون “مانييتسكي العالمي”  الذي اعتمدته الولايات المتحدة الأمريكية عام 2012 لمنع الإفلات من العقاب على المستوى الدولي، وأشار وزير خارجية لوكسمبورغ >>يان أسيلبورن<< إلى أن اعتماد نظام العقوبات الجديد يمكن أن يُنظر إليه على أنه تحذير لتركيا.

ويرى مراقبون أن الوضع الاقتصادي الهش لتركيا يضع أردوغان أمام خيارين للرغبة الدولية لا ثالث لهما، وهو إما الركوع والخضوع لهذه الضغوطات والعقوبات الأوربية والأمريكية والعودة إلى المربع الأول وحجمه الطبيعي، أي يجب على تركيا أن تتغير وتبقى في الناتو وتتصرف كحليف عقلاني وتكف عن السياسات العدائية القائمة على الشعارات والتهديد والوعيد وزعزعة استقرار حلفائها وتتخلى عن التركيز على انضمامها إلى روسيا، أو تتجه تركيا نحو الانهيار الكلي اقتصادياً وسياسياً قريباً.

زر الذهاب إلى الأعلى